صديق النبع والشجر والجمال والمطر صديق القرويين. الفلاح الناقد المفكر، إنه عالم من البساطة والحداثة كونته الفلاحة ووصايا الجدات وجامعة السربون فلم يجد في كل هذا غضاضة بل مزجها بذكاء ليصنع منها هوية فريدة ترضي الجدات الأميات اللواتي حملنه طفلا وأكثر المتخصصين من أساتذة الجامعات العالمية اشتغل على الثقافي الابستملوجي ليجعل الجودي الانطلوجي خارج الأقواس وبمعنى آخر عمل على أن يكون كائنا ينسجم الثقافي لديه مع الوجودي التطبيقي فكان كائناً ثقافياً جمالياً منسجماً.
يتوقف عن كل فعل حين يسقط المطر ويغني لذاكرة القرى يفوح من أغانيه شميم الشث والطين وقصيل القمح وتنوس حين يغني أماليد المشمش والزيتون إنه الصديق العزيز والأخ الأكبر الدكتور معجب سعيد السعيد دائما في أسوأ الظروف الصلب دائما في كل مواقف الحياة الرقيق جدا أمام الجمال سواء كان قصيدة لنيرودا او درويش أو حديث من ذاكرة الجدات يأخذ من كل جهة أجمل ما تنتجه وينسجم بصرامة مع محيطه يرفض القبح في كل شأن ويستبدله باللطيف المؤنس ذهب إلى فرنسا في بواكير الشباب فأحب المكان والناس والشجر والنهر والجبل لان الاصل في ثقافة المكان الذي قصده تتطابق - إذا استثنينا الصناعي - مع مفردات ذاكرته المحملة بأمواه الينابيع وحفيف الشجر فالثقافة هناك زراعية في جوهرها يقول «روبرت ردفيلد Redfield» في كتابه «المجتمع الريفي والثقافة»: أننا لو نقلنا قروياً من موطنه إلى مكان آخر ريفي بعيداً عن مجتمعه، وكان مزوداً بمعرفة لغة هذا المكان الجديد فإنه يستشعر ألفة سريعة.
ولا أعني أن أهل باريس فلاحون بل أعني أن المكون الأساس في ثقافة الشعوب الاوروبية عامة أصوله زراعية والدليل مصطلح الثقافة لديهم culture الذي يعني الزراعة والفلاحة والذي تحور مدلولها إلى مدلول محازي يعني تدريب بعض القدرات العقلية وتنميتها.
وفي الأخير سأقول يا أبا توفيق اعلم إنك علامة ورمزا من رموز الثقافة لدينا أفنيت أجمل العمر لتروج للجميل من القول والفعل وكنت ومازلت جميلا.
- عبدالله عريج