نختلف، أو ربما نتفق حين نتحدث عن صورة المثقف الذي نريد، أو من «هو» ؟
قد يكون سؤالاً مكررا ، على الرغم من أن الإجابة عن هذا التساؤل كفيلة بتوضيح ما يلتبس بحق المثقف والثقافة بشكل عام.
إن الأحداث الاجتماعية والسياسية المتسارعة والتي مررنا بها خلال السنوات الماضية، أنتجت لنا العديد من الأزمات، وأكاد أجزم ارتباطها جميعاً تحت مسمى الأزمات الثقافية وأن اختلفت مواقعها، ولكنها خلقت «الموقف» والالتزام به، مهما كان هذا الموقف واختلافنا أو اتفاقنا معه، كما أزاحت هذه الأحداث الستار عن أنماط مثقفينا وساهمت في تعرية البعض أو حتى سقوطهم، فهي في نفس الوقت أحاطت آخرين بهالة من الجمال والإعجاب، وأفرزت نوعا يمكن للإنسان العادي والبسيط أن يعلن رأيه ويصرح بأن هذا النوع هو المثقف النقي الذي أريد، فارتفاع نسبة الوعي المجتمعي والتعليم وتوسع قنوات التواصل الاجتماعي جعلت صوت الآخرين مسموعا وأصبح للبعض أدوار يشاد بها، فلم يعد إنسان الشارع البسيط بحاجة إلى أن يتبع المثقف، فهو بكل الأحوال ليس قائداً أو وصياً أو داعية.. ولكنه أقرب ما يكون إلى شخص يمتلك مخزوناً من المعرفة يحسن استخدام أدواتها، ومنها أصبح مؤهلاً لأن يمارس العرض والتحليل والربط والفلسفة ليظهر النتائج والتوصيات، وهو بذلك يعبر بصدق ونزاهة عما يجول بخاطر إنسان الشارع البسيط، فيدفعه لأن يقول إنه عبر عني بالنيابة بالشكل الذي أريد، فلغة الاتصال والتواصل هي اللغة الحقيقية للمثقف والتي تصل بسهولة للموظف والمعلمة وحارس الأمن وربة البيت والطلاب..
من هنا يصنع المثقف «الموقف» الذي أشرت إليه بالبداية، ويصنع المسئولية الحقيقية التي توجب عليه أن يكون قريبا من قضايا مجتمعه وأزماته، ومشكلاته، وبنفس الوقت يكون سلوكه متناسبا مع خطابه.
قد لا أكون بارعة في استخدام «المفردات» ولكني وبصدق أجد هذه الصورة للمثقف الذي نريد متمثلة في «معجب الزهراني» الإنسان البعيد عن كل التصنيفات السارية والمعدية، الإنسان القريب من هم الوطن والمواطن، المرتبط بمجتمعه دون تعال، والذي يسعى لتطويره ونهضته وتنقيته من الصراعات المذهبية والطائفية والعنصرية، هذا «الزهراني» يسكنه التحضر والرقي، الإنسان والموقف.. هذه صورة المثقف حين نتعلم منه.
- أسماء العبودي