الليلُ طويلٌ وبعيدٌ مغزَاهْ.
والصبحُ قريبٌ كحبيبٍ مرمَاهْ.
والعبدُ فقيرٌ..
والتقوى خيرٌ.. ولباسٌ
ألبسَهُ الثوبَ وأعطاهْ.
ما احتاجَ العالِمُ للدّنيا..
ما احتاجَ إلى زبَدِ الدّنيا
فالخالقُ..
ربُّ معارفِها..
مِنْ كنزِ معارفَ أغناهْ.
يا يحيى
يا ابنَ جُنَيْدٍ
يا ابنَ مَعَادٍ**
يا ابنَ مدينةِ سيّدِنا إذْ هاجرَ يقصدُ مولاهْ.
يا ابنَ جِبالٍ مِنْ غَيْمٍ وجَمالٍ وسهولٍ مِنْ نورٍ ومياهْ.
نسألُ.. عمّا يعنينا
والوعيُ الثابتُ جذْرُ نخيلٍ
والإيمانُ يقينٌ..
ما شكَّ العبدُ ولا تاهْ.
يا يحيى
مَنْ أعطاكَ القلبَ لتبصرَ..
مَنْ أعطاكَ العينَ لتنظرَ أقربَ من حرقتنا..
أبعَدَ من شجرِ اللهْ..؟
يا يحيى
مَنْ أعطاكَ العقلَ لتُخرِجَ للعالَمِ من بحرٍ لجّيٍّ ما يتمنّاهْ..؟
مَنْ أعطاكَ نفائسَ إرْثٍ ما أغمضَ عيناهْ..؟
مَنْ أهداكَ الحبَّ ونبعَ الحبِّ ومبنى الحبِّ ومعناهْ..؟
يا يحيى..
يا مَنْ تحيا فينا
ما بينَ البذلِ وبين المنعِ..
وبين البسمةِ والآهْ!
يا صاحبَ حرفٍ أتْبعُ كالطفلِ خُطاهْ.
إنّي أكتبُكَ على غصنِ البوحِ فأعلو..
والرّوحُ على رقّةِ صفوٍ تدعو..
في سجدةِ غيبٍ وصلاةْ:
سَلّمْ يا غافرُ عالِمَنا..
يا ربِّ.. وَسَلِّمْ يُمناهْ.
يا يحيى..
يا يحيى..
هذا ما أرّقَ نومَ الحرفِ حبيساً في سجنِ الليلِ ومنفاهْ!
حتى أطلقهُ الشعرُ جناحَ حياةْ.
فانتفضَ الفجرُ.. وغناهْ!
* معلّمُنا وصاحبُنا.. صاحبُ الرحلةِ والحرف شيخُ المكتبيين يحيى محمود بن جنيد.
** مكة المكرمة.
- الرياض
mjharbi@hotmail.com