وضع موقع تويتر خانة باسم (quote tweet) والهدف منها أصلاً هو أن يتمكن المغرد من اقتباس تغريدة محفزة له ويقتبسها بغرض التعليق عليها، وهذا هو معنى الكوت تويت، أي اقتباس التغريدة ودمجها في تعليق نقدي كمداخلة ثقافية مع النص الأصلي، غير أن المستخدمين تجاوزوا هذا الهدف وصاروا يأخذون التغريدات متجنبين التدوير (الريتويت) ومتجنبين التعليق مباشرة مع الحساب الأصلي، وهما معا خدمتان متاحتان، وبالتالي ستظهر التغريدة على حساب من خطفها وكأنما هي له أصالة ويرد معرف صاحب الأصل وكأنه مجرد شخص تم التخاطب معه وليس هو القائل أصلاً. وفي الأصل كان وصف الخدمة من قبل تويتر بأنها تدوير مصحوب بالتعليق: retweet with comment وقد تمت إساءة استخدام هذه الخدمة بشكل طاغ في تويتر ودرج الناس على تسمية فعلهم بكلمة (اقتباس) مما أتاح لها الإيهام بأنها اقتباس علمي فيه ذكر لصاحب القول، وهنا تجد السرقات تبريراً شكلياً لها بأنها علمية وقانونية في حين أنها غير ذلك، وكيف بالفاعل يتجنب التدوير، تحت الزعم بأنه يقتبس، وليس لهذا أي وجه، وقد خالف مراد الموقع حيث كان الأصل فيها المداخلة في توظيف للنص وليس لطشا له.
وهذا يعني أن تويتر فتحت ثغرة ثقافية يسهل معها تبرير السرقة وتزيينها وكأن هذا تدريب عام على خيانة الأمانة واستسهال أخذ جهد الناس ومن ثم تزيين حساب الناقل بما ليس له، وهو يفعلها باطمئنان تحت مظنة أن تويتر أتاحتها وبالتالي سيزعم أنها قانونية وعلمية، وظل هذا الجو يشيع ويستسهله الناس حتى لقد تعرضت شخصيا لهجوم وامتعاض من المغردين حين طرحت نقدي لهذه الممارسة، وكانت ردة الفعل غاضبة ولائمة لي وكأني أحرمهم حقاً من حقوقهم منحته لهم تويتر، وتغافلوا عن خدعة الترجمة الخاطئة لمعنى الخدمة بأنها (اقتباس) فحسب، وتجنبوا هدف المداخلة مع النص، ولا شك أن الخدمة معيبة أصلاً، ولا يصح وصفها بأنها اقتباس، ولا يصح إيهام الناس بالخلط بين مصطلح الاقتباس العلمي وشرطه ثم تلبيسه على هذه الممارسة المحتالة والمخاتلة، وما لزوم هذه الخدمة مع وجود فرصة الدخول إلى الحساب الأصلي ومناقشة صاحبه مباشرة وتفاعلية متوخاة أصلاً... وهذا هو ما فتح باب خطف التغريدات بدعوى أنها مجرد اقتباس يشبه أي اقتباس علمي وقانوني، وهنا مصدر الاحتيال والإيهام والإلباس الثقافي حتى صارت تويتر تدريباً يومياً على خيانة الأمانة العلمية وبشكل شاع حتى صار قناعة ويغضب منك من تقول له إنك سرقت ولم تقتبس، ويعجز عن تصور هذه التهمة له تبعاً لشيوعها وإتاحتها، وذلك في ممارسة أشبه ما تكون حرفياً بقطع الطريق، فهي تقطع طريق التغريدة وتحرف وجهتها، وتعطي مجالاً لنقل آخر يقتبس المقتبس، وفي الثانية سيختفي اسم المعرف الأصلي ويحل محله معرف آخر، ولن يتمكن الناظر حينها من معرفة مصدر التغريدة، وهذه إحدى عيوب تويتر حيث وضعت خدمة فيها مدخل سهل للتحايل والإيهام.
بقي أن أقول إني استعرت عبارة اللطش المهذب من سعود الطرجم (saltorjam1@) حيث وردت في تغريدة له يصف فيها كذية مصطلح الاقتباس في تويتر، تبعاً لنقاش طرحته على المتابعين والمتابعات معي في تويتر أستطلع فيه آراءهم في هذه الحيلة الثقافية ومخادعتها.