نقل خبرته الصحفية من الشاطئ الغربي إلى الشرقي
ولد بمكة المكرمة عام 1336هـ - 1917م والتحق بالمدرسة الخيرية عام 1341هـ حيث تلقى بها مبادئ تعليمه الأولية، وفي عام 1343هـ انتقل إلى جدة حيث التحق بالمدرسة الهاشمية ثم بمدرسة الفلاح، وفي عام 1344هـ عاد إلى مسقط رأسه مرة أخرى مواصلاً دراسته بمدرسة الفلاح بمكة فتخرج فيها عام 1353هـ.
قال عنه عبد السلام الساسي في (الموسوعة الأدبية) أنه تولى التحرير في جريدة (صوت الحجاز) زمناً ليس بالقصير، وقد شارك في المجال الأدبي، وكتب مواضيع أدبية وتاريخية عدة نُشر بعضها في جريدة (صوت الحجاز) وبعضها في كتاب (وحي الصحراء).
إذ اختاره محمد سعيد عبد المقصود وعبد الله عمر بالخير ضمن كوكبة من شباب الحجاز البارزين في الحقل الأدبي ضمهم كتاب (وحي الصحراء.. صفحة من الأدب العصري في الحجاز) وطبع عام 1355هـ بالقاهرة وأشرف على طبعه الأديب والشاعر الحضرمي علي أحمد با كثير.. وأعادت تهامة نشره للمرة الثانية بجدة عام 1403هـ- 1983م، وقد أهدى المؤلفين الكتاب (إلى قادة البلاد العربية والناهضين بها، إلى جنود الوحدة العربية ودعاتها، إلى كل من يقدس العرب ويسعى لخيرهم، نقدم هذا الكتاب).
وقد اختار الحسين خزندار موضوعين أولهما قطعة أدبية في النثر بعنوان: (الطموح والاعتدال)، وهو عبارة عن مقارنة بين الشيوخ والشباب (.. فالشيوخ قد جمد دم الشباب المتحمس في عروقهم وفترت فيهم عزيمة الحياة فأصبحت تخيم على نفوسهم ظلالة من الخمول، وتحوطهم هالة من الفتور والخمود فلم تبق إلا ثمالة ليست بينها وبين الموت إلا خطوة ثم تنفرج، والشباب يريد لماله من القوى المذخورة والنشاط الحي، وما أولته له السيطرة على موارد الأمور ومصادرها، فهو لا يحب دائماً أن تسود أعماله هاته السكتة من الخمول، وهو أن رقي الأمة ونجاح الشعوب إنما يكون بالطفرة البعيدة والتربع على مقاعد المجد...).
واختتم مقاله بقوله:
(.. والفرق بسيط كما رأيت، وليس هو إلا تفاوتاً في فهم الحياة وتتبع نظم المعيشة، وعلاج الحالة الناجع إنما يكون بتفاهم الشبيبة والشيوخ على أساس التمازج المطلق لينشأ في ذلك خليط يجمع إلى حصافة الشيوخ ورزانة الكهول روح الشباب القوية ونشاطه المتواصل وحركته الدائمة..).
والقطعة الثانية تبدأ بالنثر وتنتهي بالشعر الحديث وعنوانها: (ذراع الجبار!) وهو يحكي قصة الجندي الفرنسي الذي تطوع بحمل رسالة بطلب النجدة عندما هاجمت حصنهم الجيوش الألمانية وهو يعلم أن من سبقه قد قتل، ومع ذلك فبوصوله انفجرت به قنبلة أودت بحياته ومع ذلك تمالك نفسه ووصل إلى مرتفع يراه الناظر وهو يرفع يديه اللتين تقبضان على الرسالة، ومرت إحدى الدوريات الفرنسية فأخذت الرسالة.. لم يصل الجندي ولكن النجدات أخذت تتوالى، حتى كانت الغلبة لهم وقهروا الألمان، ونختار مقطوعة من تلك القصيدة التي يحادث بها فتاة:
أرأيت تلك السهول الفسيحة؟
فهناك في تلك الأكمة الخالدة؟!
وهناك حيث التضحية والشهامة!
تثوى عظام الجبار الخالد!!
فهي رمز الخلود الدائم.
تنادي من أعماقها:
الحرية، أو الموت.. إلخ (1).
ومن المعلوم أن مشاركته في (وحي الصحراء) جاءت مبكرة في مطلع شبابه الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره.
ويذكر محمد علي مغربي في (أعلام الحجاز):
(… وفي الخمسينيات من القرن الماضي نشر الأستاذ أحمد قنديل في صوت الحجاز قصيدة بتوقيع مستعار (2)، وفسرها البعض تفسيراً سيئاً، فأقصي عن رئاسة تحرير الجريدة فتولى أحمد السباعي رئاستها بصورة مؤقتة مع احتفاظه بعمله في إدارة الطبع والنشر، ولكن السباعي لم يستمر في رئاسة التحرير لملاحظات لوحظت على سكرتير التحرير الأستاذ حسين خزندار، فأسندت رئاسة تحرير صوت الحجاز إلى الأستاذ فؤاد شاكر رئيس تحرير أم القرى فسمّى نفسه عميد الصحافة) (3).
وقد ذكر لي الأستاذ عابد خزندار في حديث شفهي أن عمه حسين خزندار قد غادر الحجاز بعد أن أفرج عنه هو والسباعي بسبب نشر موضوع غير موافق عليه في صوت الحجاز فقرر الذهاب للمنطقة الشرقية عند بداية التنقيب عن البترول وبقي بالظهران حتى تأسست جريدة (اليوم) في عهد المؤسسات الصحفية عام 1384هـ - 1964م فأصبح أول رئيس تحرير لها (4).
ولهذا نجد عبد السلام الساسي يقول في (الموسوعة الأدبية - دائرة معارف لأبرز أدباء المملكة ج 2) عن حسين خزندار أنه (أحد أدباء الشباب الموهوبين... وفي سنة 1355هـ سافر إلى المنطقة الشرقية حيث عمل هناك موظفاً في شركة الزيت العربية الأمريكية.. وفي سنة 1385هـ [1384هـ] تولى رئاسة تحرير جريدة اليوم اليومية التي تصدر في مدينة الخبر).
فعند صدور نظام المؤسسات الصحفية وإلغاء صحافة الأفراد منتصف عام 1383هـ رفع مجموعة من أدباء وتجار المنطقة الشرقية خطاب إلى وزير الإعلام بتاريخ 22-9-1383هـ يطلبون فيه الموافقة على تأسيس (دار اليوم للصحافة والطباعة والنشر وإصدار صحيفة يومية أسموها (اليوم)، وقد جاءتهم الموافقة فيما بعد فاختاروا من بينهم حسين خزندار رئيساً للتحرير بحكم خبرته السابقة، وقد صدرت الجريدة أسبوعية بثماني صفحات اعتباراً من يوم الأحد 20 شوال 1384هـ الموافق 21- فبراير 1965م ثم تحولت إلى نصف أسبوعية بعد سنة ثم ثلاث مرات عام 1391هـ، ثم تحولت إلى يومية اعتباراً من العدد 1320 تاريخ 29 رجب 1398هـ، وكان الشيخ عبد العزيز التركي أول مدير عام للدار والأستاذ حسين خزندار أول رئيس للتحرير، وقد كتب الخزندار افتتاحية العدد الأول الصادر في 20-10-1384هـ قائلاً: (بهذا العدد تبدأ (اليوم) أولى خطواتها على الطريق الطويل طريق الجهاد في سبيل المبادئ الفاضلة، والمثل الإنسانية الكريمة، وخدمة العدالة والحق، وتأدية رسالة الصحافة بشرف وأمانة وإخلاص.. وستكون هذه الصحيفة ملكاً للقارئ وتستمد وجودها من وجوده وكيانها من مؤازرته وتشجيعه وسيكون شعارها - دائماً - معه قول الحقيقة والعمل على خدمته ومساعدته على تحقيق أهدافه النبيلة ومطالبه العادلة، أو المعقولة، والدعوة إلى إقامة مجتمع قوي. متماسك البناء على أساس من الأخلاق والكرامة، والمشاركة في شتى مرافق الحياة العامة مشاركة منتجة فعّالة ببصيرة وفكر، وتدبير لتكون دعوتنا نقية في أصولها نابعة من إحساسنا بالمسؤولية وفهمنا العميق لرسالة الصحافة خالصة لوجه الحق مبرأة من الظنون والشبهات مرجوة الخير، محمودة النتائج..) إلخ.
وفي الصفحة الرابعة نجد له موضوعين آخرين، الأول بعنوان: (نور على الدرب)، والآخر: (كلمة واجبة) قال فيها: (عزيزي القارئي: هذا هو العدد الأول من (اليوم) فإذا نال بعض إعجابك فسيكون ذلك أكرم تحية توجه لكل الذين شاركوا في تحريره وإصداره رغم كل الصعوبات والعقبات الفنية التي واجهتهم.
والصحفية بشكلها الحاضر تبدو كطفل مولود الآن ليست له ملامح الصورة الرائعة التي في خيالنا، وهي لا شك في حاجة إلى من يشد أزرها ويأخذ بيدها لتكون أقدر على النمو والثبات.. إلخ).
توفي ودفن بجدة في 30-1-1975م إثر حادث مروري له بطريق المدينة المنورة.
** ** **
(1) وحي الصحراء، محمد سعيد عبد المقصود وعبد الله بالخير، ط2، ص 180 - 190.
(2) نشر الشاعر أحمد قنديل باسمه المستعار (الصامت) قصيدة بعنوان: (يا صديقي) بالعدد 261 الصادر يوم الثلاثاء 6 ربيع الآخر 1356هـ الموافق 15 يونيو 1937م وكان أحمد قنديل هو رئيس التحرير - نشر نص القصيدة في كتابي (الفكر والرقيب) ط3، 2011م، ص 67 - 69.
(3) أعلام الحجاز - محمد علي مغربي، ج 3، ط 1، 1410هـ- 1990م، ص 13.
(4) حديث شفهي في منزله بجدة بحضور عدد من الأدباء على شرف الرائد عبد الكريم الجهيمان عند تكريمه في إثنينية عبد المقصود خوجة بجدة 21-1-1421هـ.