عقدت الجمعيَّةُ الجغرافيَّة السعوديَّة لقاءها السادس والعشرين في منطقة القصيم، وخصَّ الجغرافيُّون محافظة عنيزة في 15 / 4 / 1431هـ بزيارة ميدانيَّة تفاعل معها الشاعر جغرافيّاً آنذاك مؤكِّداً على المكانة الاجتماعيَّة والجغرافيَّة لأبي مالك الدكتور محمَّد التميمي الذي استضاف الجغرافيِّين حين انعقاد مؤتمرهم في مدينة حائل عام 1427هـ.
عُنَيْزَةُ إِنِّي فِي رُبَاكِ أُنَقِّبُ
لأَعْرِفَ مَا يَلْقَى بِأَرْضِكِ مُعْجَبُ
لأَكْشِفَ سِرّاً فِي هَوَاكِ مُؤَثِّراً
نُفُوسٌ بِه تُغْرَى اشْتِيَاقاً وَتَطْرَبُ
وَيَبْقَى عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ بِنَبْضِه
أُقَارِبُه حِيْناً وَحِيْناً يُغَيَّبُ
تَجَاوَزَ هَذَا فِي بَنِيْكِ بِفِعْلِه
إِلَى زَائِرٍ يَأتِي مُرُوراً وَيَذْهَبُ
يَعَاوِدُه بَعْدَ الفِرَاقِ حَنِيْنُه
إِلَيْكِ فَيَشْكُو بَعْدَهَا وَيُطَبَّبُ
وَلَكِنَّه يَزْدَادُ فِيْه تَحَرُّقاً
فَيَعْصِفُ فِيْه شَوقُه وَيُعَذِّبُ
يَظَلُّ عَلَى هَذَا فَإِنْ جَاءَ يَرْتَقِي
بِهَا رُقْيَةَ المُشْتَاقِ يُشْفَى فَيَرْغَبُ
فَيَبْقَى بِهَا حُبّاً وَشَوقاً تَمَكَّنَتْ
مَشَاعِرُه فِيْهَا فَلا تَتَقَلَّبُ
وَهَذَا سَيَبْدُو اليَومَ ظَاهِرَةً لِمَنْ
أَتَوا زَائِرِيْهَا ضَحْوَةً فَلْيُجَرِّبُوا
ظَوَاهِرَ جُغْرَافِيَّةً فِي مَكَانِهَا
يُفَسِّرُهَا مَنْ خَيْمَةَ البَحْثِ يَنْصِبُ
أَسَاتِذَةَ الجُغْرَافِيَا هَل يُعِيْنُنِي
فَيَدْرِسُ هَذَا بَاحِثٌ فَيُصَوِّبُ؟
فَذَلِكَ فِي عِلْمِ المَكَانِ حَقِيْقَةٌ
عَلَى بَاحِثٍ ذِي خِبْرَةٍ لَيْسَ يَصْعُبُ
عُنَيْزَةُ فِيْكُمْ فِي سُرُورٍ تَمَوْضَعَتْ
بِمَوضِعِهَا شَوقاً لَكُمْ يَتَوثَّبُ
فَأَهْلاً وَسَهْلاً ثُمَّ أَهْلاً وَمَرْحَباً
فَفِيْكُمْ غَضَاهَا وَالنَّخِيْلُ تُرَحِّبُ
فَمَوضِعُهَا فِي الكَونِ ذُو عَبْقَرِيَّةٍ
يَشِعُّ شُعُوراً كَامِناً يَتَغَلَّبُ
سَيَأْسُرُكُمْ حُبّاً وَشَوقاً لِعَودَةٍ
تَعُودُونَهَا فَالسِّرُ شَوقٌ مُحَبَّبُ
سَمِعْتُ الغَضَا يَشْدُو ضُحىً بِقَصِيْدَةٍ
كَأَنِّي بِه يَشْكُو إِلَيَّ وَيَعْتَبُ
وَيَسْأَلُنِي عَمَّنْ أَتَوه بِزَورَةٍ
صَبَاحِيَّةٍ هَلاَّ تُعَادُ وَتُعْقَبُ
فَهَدَّأْتُه بِالشِّعْرِ حِيْنَ وَعَدْتُه
بِأنِّي لِهَذَا الأمْرِ ظُهْراً أُرَتِّبُ
وَإنْ كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ سِرَّ عُنَيْزَةٍ
مُعِيْنِي عَلَى هَذَا بِشَوقٍ سَيَجْذِبُ
أُحِسُّ مِن الجُغْرَافِيَا نَبْضَ مَوطِنِي
فَأَسْمو بِهَا عِلْماً وَأَزْهُو وَأُعْجَبُ
تُجَغْرِفُنِي الأَيَّامُ فِي وَقَفَاتِها
تَفِيْضُ شُعُوراً فِي سَنَاهَا يُذَوَّبُ
أَبَا مَالِكٍ يَا ابْنَ التَّمِيْمِيِّ إِنَّنِي
لَمُنْتَظِرٌ وَعْداً لَكُمْ أَتَرَقَّبُ
مَتَى تَحْتَفِي فِي وَفْدِكُمْ دَارَةُ الغَضَا
فَصَبْرُ الغَضَا يَمْضِي وَصَبْرِيَ يَنْضَبُ
سَأُشْهِدُ فِي هَذَا المُحَافِظَ والأُلَى
تَرَاهُمْ هُنَا مِنْ وَفْدِكُمْ بَل سَأَكْتُبُ
وَأَدْعُوهُمُ إِذْ نَلْتَقِيْهِمْ بِدَارَتِي
وَقَدْ كَشَفُوا سِرَّ المَكَانِ وَأَعْرَبُوا
فَإنِّي لِهَذَا والمُحَافِظَ وَالغَضَا
وَأَهْلَ الغَضَا حُبّاً وَشَوقاً نُوَجَّبُ
أَبَا مَالِكٍ أَكْبَرْتُ فِيْكَ مُرُوءَةً
وَجُوداً هُمَا فِي النَّفْسِ أَزْكَى وَأَعْذَبُ
فَقَدْرُكَ مَوصُولٌ بِتَقْدِيْرِ حَائِلٍ
عُنَيْزَةُ فِيْه إِذْ دَعَوْتُ تُثَوِّبُ
- د. عبدالرحمن عبدالله الواصل