هاتفني صديقي أبو محمد، وكان متحفزًا جدًّا في حديثه معي، حتى قال إنه كان في أمريكا وهمّ أن يتصل بي من هناك، وهو يرجو مني أن أترك تويتر وأغلق حسابي، وسببه في هذا أنه في وقت فراغه في رحلته كان ينظر في حسابي التويتري ويشاهد الأذية التي يتعرض لها حسابي، ولهذا دفعته محبته لي وحرصه على سلامتي الذهنية والنفسية أن يقترح علي الترفع عن هذا الجو المتوتر، خاصة ما شاهده من وسم اصطنعه أحد الأشخاص تعمد فيه جرّ الإساءات وتحريض متابعيه على اللمز والهمز والتشنيع واستغلال مساحات تويتر للأذية المتعمدة والمتربصة.
ظل صاحبي يدفع بفكرته لإقناعي بترك هذا الجو الموبوء، وهنا ذكرت له قصة صارت قبل 40 عامًا حين هممت بالخروج من سور الجامعة ودخول الصحافة والنوادي الأدبية حيث اجتمع معي أربعة زملاء أعزاء وظلوا يحاولون إقناعي بتجنب هذا خشية من الوقوع في جو الابتذال في بيئة معلولة في لغتها وفي سلوكها الثقافي، وقد رويت هذه القصة في كتابي (حكاية الحداثة) وكان جوابي حينها هو نفسه جوابي لصديقي الحالي في أني أدخل لهذه المجالات لأغراض بحثية وفي خطتي المسبقة أن أتحمل وعثاء الطريق بناء على مفهوم أني شاهد ولست طرفا وبالتالي لن أكون ضحية، ومهما جرى من أذية فإني لست خاسرًا لأي شيء من قيمتي المعنوية ولا الوجدانية وأخبرته أني قد كتبت كتابا عن ثقافة تويتر، وما كان لي أن أفعل دون أن أعيش جو التجربة، وأكتب عنها ببصيرة وبرهان وبأمثلة حية مشهودة وتفاعلية، وما إن قلت له ذلك حتى انفرجت أساريره وفرح بالفكرة وتراجع عن مقترحه، وبقي لي أن أسجل شكرا معمقا للعزيز البروفيسور عبد الله محمد الظفيري أستاذ الفيزياء في جامعة الملك سعود، على رقي صداقته ومحبته ووفائه.