الجزيرة - الثقافية:
أبت قصيدة معالي الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الفيصل أن تمتطي صهوة التقنية؛ لتكون قريبة من مبدعها, تستمد منه صدق العاطفة ونبل المشاعر، فلم تزل الأبيات التي ألقاها الدكتور الفيصل في رحاب جامعة الملك سعود التي كان مديراً لها آنذاك متدثرة برداء الوفاء والإخاء، فلم تفارقه إلا بعد عقدين من الزمان؛ لتعيد تلك اللحظات السامية التي اكتسى بها حفل توديع الأستاذ الدكتور حسين العلوي، الذي كان عميداً لكلية العلوم الإدارية بالجامعة، في يوم الأحد الثلاثين من شهر محرم في العام سبعة عشر وأربع مئة وألف من الهجرة، فقد حالت الظروف دون وصول القصيدة إلى الدكتور حسين العلوي، الذي جدّ في طلب نسخة منها في الحفل، إلا أن ذلك لم يتيسر, فكانت المصادفة في لقاء الدكتور عبدالله الفيصل الذي يشرف حالياً على كليات الشرق العربي للدراسات العليا في الرياض بالدكتور حسين العلوي الذي يدير جامعة العلوم والتكنولوجيا بجدة في وزارة التعليم، في لقاءٍ يجمع مسؤولي التعليم العالي الأهلي؛ فاستذكر الشاعران ذلك اليوم الجميل الذي تفوح منه رائحة الإخاء؛ ليصل الحديث إلى تلك القصيدة التي سبق أن طلبها الدكتور العلوي منه قبل عشرين عاماً، لكنها لم تصل إليه؛ ليجيب طلبه الدكتور الفيصل بإرسالها إليه؛ فأجاب الدكتور العلوي بنص نابض بالمحبة والذكريات.
***
يقول الدكتور عبدالله الفيصل في قصيدته بعنوان: (في وداع الدكتور حسين العلوي):
ليلى تعالي فغض الطرف أحسنه
لو أن حسنك يا ليلى ينازعه
كم ظبية من ظبا نجد له رصدت
خلف الكثيب تغني جاء مصرعه
وفي الحجاز إذا ما زرت معتمرا
سحر العيون أعاني كيف أدفعه
أما إذا جئت للأحساء في مرة
أو للخليج لصيد البحر أجمعه
أعود في قفتي تمر به ملئت
أما الفسيخ فلا أحصي تنوعه
وفي الجنوب بلاد للهوى رفعت
الله أكبر ما أحلى تذعذعه
ما أجمل الريم بين الصخر مختبئاً
مخاتل الريم ضغط الدم يرفعه
***
ليلى تعالي خذي من خافقي هبة
وقدميها لمن جئنا نودعه
أبو علاء ونعم الاسم يا علماً
النار من فوقه نور يوزعه
حسين للعلم للأخلاق يا رجلاً
إذا مشى أدبا فالكل يتبعه
يصغي له طالب للعلم في عطش
لولا حسين لظل الجهل يصرعه
وينحني باحث دهراً بمكتبه
لولا حسين له! قل كيف يبدعه
فن الإدارة لبى ما دعاه له
فصار إبنًا له والفن أبدعه
علم وبحث وتطبيق له جمعت
وما يزال فزود العلم يجمعه
إن كنت تجهله فاسأل أخا ثقة
ينبيك عنه وعمّن أنت تعرفه!
ابن الرياض حسين وابن جامعة
قد زادها شرفا ما كان يصنعه
استعمدته سنينًا في مدارسها
حتى غدا علما اسما له معه
كم مجلس صوته دوى بجلسته
للحق يدعو وغير الحق يردعه
ولجنة زادها نضجا بحنكته
ومنطق العقل دوما جاء يرفعه
***
أبا علاء لئن ودعت مجلسنا
فأنت فيه حضورا أنت صانعه
أستاذنا ربع قرن لا نودعه
فالحبل متصل والود منبعه
***
وقد جاء الرد عليها بعد عشرين عاماً من الدكتور حسين العلوي الذي كتب:
طوبى لمن أهدى أبا العلاء قصيدة..تظل مفخرة في العالمين فريدة.. دامت معزته في القلب قائمة..على مدى الأيام لا تخبو عتيدة.. أشعلت في خاطري ذكرى لجامعة.. أمضيت فيها من العمر سنوات مديدة..أبا محمد شكراً لما سطرت من درر.. تباهى بها ليلاك أياماً عديدة.. يا ابن الكرام حماك الله من ضر.. وأدام عزك في العلياء مشهودا.. إن أنت قررت القيام بعمرة.. أكرم أخاك بزيارة مقصودة.. ختاماً سلامي إلى أم البلاد تحية.. تفيض عطراً لرياض المجد ممدودة