لم يكن لها حظ في الحياة!..
نظرت بانكسار إلى جدران الغرفة المتقشرة والشقوق التي تملأ السقف،طفولةٌ لم تكن بحجم براءة سكنتها ذات عمر بعيد،رجالٌ تركوا ندوبا محرقة؛أبٌ لم تعرفه.. سمعت عنه ما كانت أمها تردده عندما تحاصرها بالأسئلة:
- مات فجأة،لم يكن قويا كفايةً ليتحمل! .
أدركتْ بعد إغفاءة متصنّعة أن القصص تتغير بتغيّر الفضوليين ،وأنها لن تسأل عنه بعد اليوم، تعرف أنه في مكان ما ، ولا يريد أن يعرف إن كانت حية أو فُقدت بين الأسماء التي لا وجود لها !
اللقب الذي رافقها لاحقا كان أقلّ وجعا من لقب تشعر به يخنقها..
سألت مرة أمَّها:
- ما معنى لقيطة ؟
تغيرت ملامحها وشحَبت، وأطبقت بكفها على الفم الصغير، وهي تهمس:
2/2
- مَن أخبرك ؟!
الفزع ألجمها ولم تتحدث أبدا ، حتى إنها لم تنطق الكلمة التي يزداد ثقلها على كاهلها مع مرور الوقت..
رجلٌ تلو الآخر ،خيباتٌ تزيدها إصرارا على نبذ وجودهم في حياتها ، صارت تدرك أن سبب حزن أمها رجل ، وسخط أهلها عليها سببه رجل ، ونظرة الجيران سببها رجل ، واحتقار الآخرين لها من أجل رجل..!
برغم كل ذلك أصرّت والدتها أن تزفها إلى رجل ، وأصرت هي ألا يكون لها رحم يحمل نطفة منه قد تلاقي ما لاقت هي..!
كانت تقول بشبه يقين: العقم نعمة !
- عبدالله بن سُنكر
@binsunkr