كان وقت الظهيرة عندما وصلت جدة لحضور معرض الكتاب الدولي، مرت نسائم هواء عليل بملامحي، وحركت برفق شالي الوردي، تداعت لي ذاك الصباح عندما قرأت عن خبر إقامة معرض جدة الدولي للكتاب بعد انقطاع دام لعشر سنوات، ضجت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للمثقفين والناشرين وعشاق الكتب بهتافات الفرح والبهجة، وها أنا في جدة، مررت بحي دافئ تلتف أشجار كبيرة حول بيوته وتذكرت القاهرة.
ها أنا آتي جدة ومتشوقة للقاء مولودي الجديد (باريس وتبسم النساء). في المساء كانت خطوات رشيقة تحملني إلى الكرنفال الثقافي الكبير الذي دعمه الشاعر والفنان الأمير خالد الفيصل، وأهدته الغرفة التجارية بجدة إلى الثقافة والمثقفين في المملكة، صافحت عيناي ابتسامة الفتيات والفتيان (200 متطوع ومتطوعة من طلبة الجامعات) الذين يرتدون صديريات أنيقة، ويساعدون الزوار ويجيبون على استفساراتهم.
في المعرض انتشرت شاشات الكترونية تسهل لزوار المعرض عملية البحث عن دور النشر والكتب التي يريدون بسهولة ويسر، ووجدت نفسي في دار نشر كتابي باريس وتبسم النساء، المؤسسة التي وجدت ذاتي ذات مساء أنتمي إليها، وبجواري حامل إعلاني عن كتابي، احتضنت كتابي بحنو وابتسمت لأني تذكرت عبارة القديس اوغستين القائل «باريس مدينة الرب «، وهاهي باريس الفاتنة وعبر كتابي تصافح جدة مدينة النغم والموسيقى والفرح والحياة جدة المدينة التي تمازجت فيها الثقافات ورحبت بالجميع، بسرعة توجهت إلى كتب صديقات الكلمات وتصفحتها ومرت بي أيام متابعة الطباعة مع فريق العمل بالمؤسسة.
نظرت حولي دور نشر كثيرة، وكتب ترتص بطرق جمالية، ازدحام شديد ولكن تنظيم اللجان رائع. في المعرض لم أر أي سلوك همجي من زائري المعرض، لم يزعج أحد النساء ولم يفزعهن، وعندما فعلها أحد الظلاميين تلاشى بنور الشعر وفكر أهل جدة الواعي لأن جدة نور حياة أبدي. كنت أتأمل الكاتبات اللواتي يوقعن كتبهن، واقترب منهن وأهنئهن بحب، كن يوزعن الورد مع إصداراتهن وهن لا يعلمن أنهن يـؤصلن جماليات حياة الفكر.
لفت انتباهي سؤال أكثر زوار المعرض عن الإصدارات الروائية وهذا يعني أن الرواية لازالت تتصدر المشهد الثقافي وهذا يجعل هناك مسؤولية جادة نحو الرواية.
كما أعجبني حضور السنابيين الجميل في المعرض فهم يساهمون بفكر التقنية في تسويق كتبنا، وكم نحتاج لذلك. عبر بي عدد من المواهب الواعدة وأصـدقاء الفكر الواقعيين وأصدقاء التويتر والفيسبوك والذين نثروا حولي أجمل التهاني بصدور كتابي باريس، لتبقى تحايا لهم، وإكليل من ود للصديقات اللواتي اقتسمن معي بهجة مساءات ثقافية صحبنا فيها شدو محمد عبده الذي تعالق مع إحساس شاعر جددنا معه حبنا لجدة مدينة الحياة والنغم \ والثقافة.
23 ديسمبر 2015
تركية العمري - الدمام