صدر حديثاً من إعداد وترجمة وتعليق د. حمد العيسى ثلاث دراسات ضمن مشروع شخصي بعنوان «دراسات نادرة» عبر «مؤسسة الانتشار العربي» في بيروت. وفيما يلي ملخص للدراستين الثالثة والثانية، ثم مختارات من الدراسة الأولى.
(3) شجرة نسب السلفية الجهادية
الدراسة الثالثة بعنوان «شجرة نسب السلفية الجهادية» وهي عبارة عن دراسة أيديولوجية للبروفيسور كوينتان فيكتورفيتش، وهو أستاذ سابق للعلوم السياسية، قسم الدراسات الدولية، كلية رودس، ممفيس، ولاية تينيسي، الولايات المتحدة الأميركية. درس اللغة العربية في مصر، وتعلم مبادئ الشريعة الإسلامية في الأزهر. ويعدّ البروفيسور فيكتورفيتش، الذي عمل في وقت سابق مستشاراً في البيت الأبيض، من أبرز الخبراء الغربيين في التيار السلفي. وهو، حالياً، مؤسس ومدير مشارك لمؤسسة أفيزنيز غلوبال الأميركية، التي تقدم استشارات حول الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب. وهو مؤلف كتاب «إدارة الحركية الإسلامية: السلفيون والإخوان المسلمون وسلطة الدولة في الأردن» (ألباني: قسم النشر بجامعة ولاية نيويورك، 2001)، كما نشر عشرات المقالات الأكاديمية عن الحركات الإسلاموية.
الملخص: تهدف هذه الدراسة إلى تفكيك فكر الحركة الإرهابية المعروفة بـ «السلفية الجهادية» بغرض مكافحتها والقضاء عليها. ويكشف تتبع جذور وأصول أفكار «السلفية الجهادية» المتطرفة، التي تدعم مبرر تنظيم القاعدة لاستعمال العنف، أن تطور فكر «السلفية الجهادية» خلال العقود القليلة الماضية يتميز بتآكل القيود المشددة التي كانت تستخدم للحد من الحروب والعنف في الفقه الإسلامي الكلاسيكي. ويتضح هذا التآكل من خلال تطور الحجج الجهادية المرتبطة بالردة (التكفير)، وبمشروعية شن الجهاد داخل الوطن وشن الجهاد العالمي واستهداف المدنيين واستعمال التفجيرات الانتحارية. انتهى الملخص.
(2) ربيع الكويت:
مقدمات الحكومة المنتخبة؟!
والدراسة الثانية بعنوان «ربيع الكويت: مقدمات الحكومة المنتخبة؟!» وهي بقلم: البروفيسور كريستيان كوتس أولريخسن وهو أستاذ في كلية هنري إم. جاكسون للدراسات الدولية، جامعة ولاية واشنطن، سياتل، الولايات المتحدة. وهو زميل في معهد بيكر بالولايات المتحدة وزميل في مركز تشاتام هاوس بلندن، وزميل زائر أيضا في مركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. أحدث كتبه بعنوان «قطر والربيع العربي» (سي هيرست وشركاه للنشر، لندن، 2014، 176 صفحة). وهو محرر كتاب «الاقتصاد السياسي لدول الخليج العربية» (إلغر للنشر، 2012، 780 صفحة، لندن)، وهو أيضا مؤلف كتاب «خليج غير آمن: نهاية اليقين الاقتصادي/السياسي وبداية التحول إلى اقتصاد ما بعد النفط» (سي. هيرست وشركاه للنشر، لندن، عام 2011، 288 صفحة).
الملخص: تتناول هذه الدراسة عدم الاستقرار السياسي، بعد عام 2006، في الكويت في سياق العمليات التاريخية للتنمية السياسية في تلك الإمارة. وتوضح الدراسة كيف أدت أنماط متكررة من المنافسة السياسية إلى نظام سياسي «هجين» يتكون من برلمان «منتخب» وحكومة «معينة»!! وتحدد الدراسة التوترات في النظام السياسي الكويتي، الناتجة عن الارتفاع المطرد في درجة المعارضة السياسية على مدى العقد الماضي، فضلاً عن الاختلالات المتزايدة سواء داخل الحكومة أو المعارضة السياسية. وبينما تم اختبار حدود النشاط المعارض المسموح به وتم تجاوزه، لم يعرف النظام والجماعات السياسية الراسخة كيفية صنع استقرار سياسي؛ وهو ما يجعل السياسة الكويتية ديناميكية وسائلة وغير مستقرة تماماً في الوقت نفسه. الكويت ليست نظاماً ملكياً نموذجياً ولا دولة تعددية حقيقية. ولذلك، فهي تتحدى التصنيف السياسي السهل، وتستحق اهتماما خاصا، بينما تجري إعادة كتابة «قواعد اللعبة» بها في جو مسيس للغاية، وتزداد سخونته على نحو متزايد. انتهى الملخص.
(1) هكذا تأخون السلفيون:
مصر والكويت أنموذجين!!
والدراسة الأولى بعنوان «هكذا تأخون السلفيون: مصر والكويت أنموذجين!!». وهي بقلم البروفيسور بيورن أولاف أوتفيك هو أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في قسم الدراسات الثقافية واللغات الشرقية، كلية العلوم الإنسانية ، جامعة أوسلو، مملكة النرويج.
الملخص: تناقش هذه الدراسة كيفية فهم مفارقة قيام السلفيين «اللا سياسيين» (كما يصفون أنفسهم) بتشكيل الأحزاب والقفز إلى حلبة السياسة التنافسية. لقد كان الموقف السلفي المهيمن هو أن الإسلام يملي على المؤمن العادي الطاعة المطلقة للحاكم، ولي الأمر، حتى عندما يكون الحاكم المسلم ضعيف الالتزام بالدين وقد يحيد عن شرع الله. وفي مطلع الانتفاضة التي أدت إلى سقوط حسني مبارك، أدى هذا الموقف لأن ينتقد السلفيون بصراحة مظاهرات المواطنين بصفتها تمرد أثيم ضد ولي الأمر. ولكن عندما بدأ المشهد السياسي الجديد بع د الثورة يتضح، أبدت شرائح واسعة من الحركة السلفية إيماناً - اكتشفوه للتو - يبيح التنافس على السلطة السياسية المنتخبة. تجادل هذه الدراسة أن أفضل وصف للسلفية هو باعتبارها حركة للنقاء الأخلاقي والاستقامة الفردية في مجتمع يتغير بسرعة، أي شبيهة كثيرا ببدايات الإخوان المسلمين المبكرة وبدايات الحركة الطلابية الإسلامية المصرية في السبعينيات. وبمجرد اتخاذ قرار المشاركة السياسية النشطة، اضطر السلفيون للتعامل مع مؤثرات قوية تدفعهم لسلوك مسار جماعة الإخوان المسلمين والمؤدي إلى فهم أكثر براغماتية لما يعنيه مناصرة القضية الإسلامية. انتهى الملخص
مقدمة المترجم:
ما بعد المليون كلمة: دراسات نادرة
بدأت عملي في الترجمة في عام 2005 بعد تقاعدي المبكر من مهنتي الهندسية في أرامكو. بدأت الترجمة كهواية رغم العائق السيكولوجي المتمثل بالفكرة الخاطئة السائدة حتى بين المثقفين (بل حتى كبار المثقفين للأسف) بأن المترجم مبدع من الدرجة الثانية، ورغم عدم وجود اهتمام رسمي أو غير رسمي مطلقا بهذه المهنة وخاصة في الصحافة وأجهزة الإعلام. ترجمت كتاب بعد آخر وواصلت العمل بصمت حتى تجاوزت حاجز المليون كلمة مترجمة قبل شهور أي بعد عشر سنوات تقريبا على بداية عملي بهذه الهواية التي أصبحت مهنتي... لا بل جزء لا يتجزأ من هويتي وحياتي. ويمكنني تقسيم مساري حتى الآن إلى مرحلتين: (أ) مرحلة المحاولة والتجريب والدوزنة واستمرت لفترة الخمس سنوات الأولى وكانت ردود فعل القراء التي وصلتني مشجعة جدا وحفزتني على المواصلة ودخول (ب) مرحلة السعي نحو التطوير والإتقان والانتشار واستمرت لخمس سنوات ثانية وأيضا تلقيت ردود فعل إيجابية من القراء ما جعلني أقرر - بعدما تجاوزت حاجز المليون كلمة مؤخرا خلال عشر سنوات وعبر أكثر من 22 كتاب (بخلاف ترجماتي في الصحافة والتي لم أجمعها بعد) - أن أقدم في الخمس السنوات الثالثة مشروعاً خاصاً ونوعياً للقراء من ابتكاري وهو «مختارات د. حمد العيسى (دراسات نادرة)» والذي سأحاول فيه تقديم ترجمات لدراسات نوعية نادرة وفريدة ونوعية وموجهة للنخبة الثقافية في مختلف المجالات.
التحدي الحقيقي:
اختيار المادة وليس الترجمة
وأجد من المناسب هنا أن أشير إلى أن التحدي الحقيقي في مجال الترجمة بالنسبة لي ليس في عملية الترجمة بحد ذاتها، بل في اختيار المادة التي سأترجمها لأن أمامي عشرات الملايين من المواد التي تصلح للترجمة ولكنني كباحث قبل أن أكون مترجما يهمني خدمة القارئ بصورة مثالية عبر تقديم مادة نوعية فريدة ونادرة كما أسلفت. وهذه عملية شاقة ويمكنني القول بدون تحفظ أن كل مادة أترجمها تنتج عن شراء وقراءة عشر مواد منتقاة وجيدة في نفس الموضوع تقريبا وهي عملية مرهقة وتحتاج لنفس طويل ووفرة المال لأنني أترجم غالباً مواد منشورة في مصادر أكاديمية نوعية وغير متاحة مجانا للقراءة بل ينبغي قراءة ملخصها القصير عبر النت ثم شراء المادة ومن ثم قراءتها بالكامل وتحديد صلاحيتها وهكذا ينبغي شراء عشر مواد تقريبا ثم قراءتها واستيعابها جيدا ثم اختيار أفضلها قبل أن أبدأ في عملية الترجمة.
ويسعدني أن يكون الكتاب الأول في «مختارات د. حمد العيسى (دراسات نادرة)» مخصصا لظاهرة «السلفية السياسية» - التي أصبحت محورا للكثير من الدراسات الغربية الجادة لتشريحها وفهمها - خاصة بعد ما يسمى بهجمات 11 سبتمبر– مثل هذه الدراسة المبتكرة والمرجعية للباحث النرويجي البارز البروفيسور بيورن أولاف أوتفيك وكما سيرد في ملاحقها التي اخترتها بعناية.
انتهت مقدمة المترجم
مختارات من دراسة:
هكذا تأخون السلفيون:
مصر والكويت أنموذجين!!(*)
أولاً: التجربة المصرية
في 7 فبراير 2012، وخلال جلسة لمجلس الشعب، وهو أول برلمان منتخب ديمقراطيا في مصر منذ عام 1952، قطع النائب ممدوح إسماعيل المداولات النقاشية عندما نادى (أَذَّنَ) للصلاة بصوت مدو. إنه يمثل حزب «الأصالة» السلفي الصغير ويبدو أنه تطوع من تلقاء نفسه ليعمل كمؤذن لزملائه. ولكن رئيس المجلس ، سعد الكتاتني، وبخ إسماعيل بشدة: «يوجد مسجد إذا كنت تريد أن تؤذن للصلاة. هذه القاعة ليست للصلاة بل للمناقشة» (**). (1) ونظراً لأن الكتاتني ينتمي إلى حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، فإن ما جرى يوضح الفجوة التي فصلت لعقود بين الإخوان والتيار السلفي الأكثر تشدداً واللا سياسي. ولكن تلك الحادثة تشير بالتالي إلى التحدي الذي يواجه السلفيين عندما يدخلون حلبة السياسة: إنهم يدخلون ساحة جديدة، حيث توجد قواعد مختلفة لم يتعودوا عليها. ترى: ماذا سيكون تأثير ذلك على السلفيين أنفسهم؟
تناقش هذه الدراسة كيفية فهم مفارقة قيام السلفيين «اللا سياسيين» (بزعمهم) بتشكيل الأحزاب والقفز إلى حلبة السياسة التنافسية.
..............................................يتبع
** ** **
هوامش المترجم
(*) نشرت هذه الدراسة في يونيو 2014.
(**) بحسب الفيديو المرفوع على «يو تيوب» بتاريخ 7 فبراير 2012، فإن ملخص رد سعد الكتاتني الحرفي كان كالتالي: «يا أستاذ ممدوح لم آذن لك بذلك، لم آذن لك بذلك... لم آذن لك بذلك... فيه مسجد تؤذن فيه، بعد أن تنتهي سأتحدث معك (...). هناك مسجد تؤذن فيه... هذه القاعة للحديث... لا تزايد، لستَ أكثر منا إسلاما... ولستَ أكثر منا حرصا على الصلاة. عايز تصلي... تفضل... لا تزايد... لا تعقب... اذهب وأذن في المسجد. أنت محامي محترم يا ممدوح، هل تحتاج إلى شو إعلامي؟... اجلس ولا تعطل أعمال الجلسة وإلا طبقت عليك اللائحة...» ا. هـ. (العيسى)
ترجمة وتعليق/ د.حمد العيسى - المغرب