|
ولماذا التعب ..؟! |
علَّمونا في صغرنا أن الحياة جهاد وتعب وأرق ومعاناة، وذلك ضمن تحضير الإنسان للمستقبل الغامض، والتهيئة لما يمكن أن يكون..
وهيأونا صغاراً، وتابعونا كباراً للتأكد من تكيُّفنا مع مثل هذا الجو، خطوة خطوة وإن تعبنا أو أصابَنا مرض الملل..
وإذا كان شاعرنا محِقَّا في تعجّبه من ذلك الذي يبحث عن مزيد من التعب في أجواء زمن مختلف، فالأمر ربما اختلف الآن إلى ما يحرِّض على ممارسة لعبة التعب.
***
وبالتأكيد فلا أحد منا يبحث عن التعب، أو يلهث خلف ما يُتعبه إلا مضطراً..
مع وجود استثناءات لذلك التعب الذي يُوصف بأنه من نوع التعب اللذيذ..
وربَّما كان هناك ما يبرر إقدامنا على كل تعب يُفضي بنا إلى نتائج تغسل عرق التعب من أجسامنا..
وهذا ما يفسِّر حالة الاختلاف في التعب زماناً ومكاناً ونوعاً وبين ما هو لذيذ وما هو غير ذلك.
***
ومثلما استغرب الشاعر وجود رغبة لدى البعض في تعريض أنفسهم إلى مزيد من التعب وهو ما أثار تعجبه وربما دهشته..
فقد ربط الشاعر الآخر بين الوجود والإنسان بعلاقة أطَّرها بنظرة وذائقة الإنسان إلى الجمال، وما يتركه ذلك من أثر يجعل حياته يسودها الجمال وربما بلا تعب أو معاناة.
***
لكن يظل مثل هذا الجمال في غياب التعب عند تحقيقه ناقصاً إن لم أقل مشوهاً..
ويبقى التعب من غير جمال أو هدف مؤذياً هو الآخر، مثله مثل أي جهد حين يُهدرعلى لا شيء..
وما أكثر ما يهدره الإنسان في حياته ، وهو يسير على هذا الطريق الشائك الطويل.
***
الحياة إذاً صراع وبذل وجهد من أجل أن يعتلي الإنسان كل القمم بكرامته وإنسانيته..
وفي سبيل أن يغوص في درر من كوامن الكون، وهي كثيرة ومتعددة..
غير أن ما هو متاح على كثرته من صور الجمال في حياة كل إنسان لا يستثمر منه إلا قليله..
ربما لأننا نقرأ للآخرين معاني تحريضية أحياناً وترغيبية أحياناً أخرى أو استفزازية حيناً وتوجيهية في بعض الأحيان بشكل مُغيَّب فيه الهدف.
خالد المالك
|
|
|
بعد نجاح الحجاج.. وقريباً عرض (أبوالطيب) هل تعود هيبة المسلسلات التاريخية؟ |
في كل عام وخصوصاً في شهر رمضان تطل علينا الفضائيات العربية بالعديد من الأعمال التاريخية ان كان من الامارات او من سوريا او من مصر وهي اكثر الدول العربية التي تنتج اعمالا تاريخية ولها تجارب مميزة في هذا المجال وان كانت سوريا هي الدولة العربية الأولى التي انتبهت لهذه الدراما واستطاعت ان تقدمها للعالم العربي وحازت على حق المبادرة.
ويسعى العديد من الفنانين الذين ارتبطت أسماؤهم بالدراما التاريخية لتقديم المزيد من الأعمال الجديدة والناجحة كأيمن زيدان وأسعد فضة وجمال سليمان وسلوم حداد ونور الشريف وبالرغم من نجاح هذه النوعية من الدراما والحرص على الاهتمام المتزايد بها انصب التركيز الأهم على المادة التاريخية وصياغتها لتواكب النواحي الفنية والعصرية حتى لا تجبرهم المقدرات والنواحي الفنية لتغيير مجرى التاريخ لان التاريخ أمانة يجب ان نسلمها للأجيال القادمة كما هي فلا احد يستطيع تغيير ذلك أو تبديله وعليهم كذلك مراعاة الشخصيات فأي تغيير بسيط قد يقلب احداث التاريخ وربما يترك عليه تشوهات تطمس ملامحه وتزيده إيلاما اكثر مما هو عليه، وهذا النوع من الدراما أمانة كأمانة التاريخ نفسه وهو على قدر من الخطورة والحساسية وليس مجرد فن وقدرات إبداعية ومع ذلك تنطبق عليه نظرية العرض والطلب ويخضع للربح والخسارة كغيره من الاعمال الدرامية لذا حينما يفكر المنتجون في مثل هذه الأعمال فانهم ينقبون في التاريخ بحثاً عن عمل وشخصية يمكن ان تظهر فنياً دون ان يؤثر هذا على مجريات الاحداث التاريخية. وتثير المسلسلات التاريخية العديد من التساؤلات حول حدود العلاقة بين العمل الدرامي لحقائق واقعية وهل من حق المؤلف اضافة او الغاء احداث لصالح الحبكة الدرامية وإلى اي مدى تكون التدخلات الفنية في العمل التاريخي؟ كما تثير المسلسلات التاريخية الكثير من الجدل حول مدى استثمار نجاح الاعمال السابقة أو شهرة النجوم في تسويق الاعمال الدرامية.
ان الهيكل العام للحدث التاريخي ينبغي ان يكون موجوداً وتكون مساحة تحرك الدراما في التفاصيل تسمح لكاتب العمل ان يضيف شخصيات واحداثاً هامشية دون ان تمس هذه الاضافات بجوهر الوقائع التاريخية المعروفة ولابد من توفر شرطيها بالعمل التاريخي الذي يمكن تناوله في الدراما التاريخية.
أولاً: ان تكون المعلومات التاريخية موثقة ومتفقاً عليها وان تكون الشخصيات التاريخية في اطارها الصحيح واي تغيير او تبديل فيها لابد ان يكون مبنياً على دراسة يقدمها الكاتب او مرجعية مقنعة.
ثانيا: يجب ان تكون الحقائق التاريخية صحيحة تماماً فالمعلومات ليست هي الغاية وانما اعادة الزمن بكل ما فيه ولن يتأتى هذا الا اذا رأى الكاتب المشهد القديم بعين خيالية اقرب الى الواقع، اما العمل الدرامي الذي يختلق وقائع واحداثا غير موجودة ويرمي بها الى جوف النص الدرامي فانه يرتكب بذلك خيانة للتاريخ كما ان للكاتب الحق في الخيال والبناء الدرامي دون اختلاق وقائع واحداث مخلة بأمانته العلمية ومشوهة لحقائق الواقع.
وفي السنوات التي ظهر فيها التنافس الدرامي الكبير بين العاملين في الحقل الدرامي والمخرجين حول تقديم العديد من الاعمال التاريخية الجيدة فظهرت أعمال أكثر حرفية وأكثر أمانة وفي المقابل كانت هناك اعمال دون التوقع ولعبت عدة عوامل في جعلها كذلك الا اننا في النهاية نطمح الى العمل الجيد فهل يعيد لنا العاملون في هذا الحقل عظمة المسلسلات التاريخية في هذا العام نحن ننتظر.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|