|
قمة الجزائر: انتظار يشوبه الحذر
|
يقترب موعدُ انعقاد مؤتمر القمة العربي في الجزائر..
فتتجه الأنظار إليه..
تتلمس أخباره..
تتساءل عما يمكن أن تصدر عنه من قرارات..
بما يمكن أو لا يمكن أن ينفذ منها..
وبما يشوبُ مثلَ هذه الأسئلة من توجُّس وخوف وشعور بالإحباط.
***
وككل المؤتمرات السابقة..
وأستطيع القول: وربما اللاحقة..
أخشى أن تكون قرارات مؤتمر الجزائر دون مستوى الطموح..
وتنفيذها إن نفذت! عند حدها الأدنى وأقل مما تتطلع إليه أمتنا العربية..
وهذه وجهة نظر أستمد قناعتي بها من مراجعتي لقرارات القمم السابقة..
وأنا بهذا بين شعورٍ بالفرح والخوف إن عقد مثل هذا المؤتمر أو لم يعقد.
***
لست متشائماً من عقد هذا المؤتمر ..
أو مشككاً في النوايا..
ولا أقلل من أهمية مثل هذه المؤتمرات..
ومن ضرورة اللقاءات بين الملوك والزعماء العرب من حين لآخر..
في قمةٍ أو قمم تجمعهم..
وفي حوارٍ مخلص وصادق تُهيئ له فرص النجاح..
بالتحضير الجيد..
والأجواء المناسبة.
***
وأجدني في غنى بأن أؤكد لكم عن سعادتي كلما رأيت تشابك الأيدي مع تكرار القبلات بين قادتنا..
وهي سعادة تكبر وتنمو وتتكرر مع كل اتفاق فيما بينهم..
ويكون وقع ذلك هائلاً وساراً على النفس..
ومريحاً ومدوياً مع كل قرار جديد هدفه أن يعالج مشكلة أو يتصدى لخطرٍ، أو حين يضيف مثل هذا القرار مزيداً من التعاون فيما بين دولنا وشعوبنا وقادتنا..
وخوفي وحذري إذ يطل مع انعقاد هذا المؤتمر مصدره الخوف من أن تأتي قرارات القمة العربية دون ما هو مطلوب، وجميعنا حريصون على نجاحه وراغبون قادةً وشعوباً في أن يكون بما سيصدر عنه من قرارات، وبما سينفذ منها ليس على غرار القمم السابقة وبما هي عليه من انطباع سلبي حتى الآن.
***
إننا مع كل هذا الشعور بالخوف المعتمد والمؤسس على قرارات قمم الماضي نأمل أن يكون هذا المؤتمر بداية نهج جديد لهذه القمة والقمم القادمة..
فالأمة هي الآن أحوج ما تكون إلى توحيد صفوفها..
والتعاون فيما بينها بما يعزز من قوتها الذاتية..
وصولاً إلى تحصين خطوط دفاعاتها ضد كل طامعٍ أو معتدٍ أو من ينوي الإضرار بمصالحها والنيل منها.
خالد المالك
|
|
|
الهجرة إلى السراب تنكزار سفوك
|
حينما يكون الإنسان متعباً ينام في أي مكان متى ما داهمه التعب والإعياء، وهنالك فرق كبير بين نوم وآخر، فرق بين أن تنام على ريش النعام أو على سجادٍ عجمي وبين النوم على قارعة الطريق أو في مترو الأنفاق أو تحت ظل الشجر، أو تحت برد الشتاء الأوروبي.
مشاهد أفواج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية هذه الأيام تكاد تكون مرعبةً، جماعات وأفراد مهاجرون يبحثون عن العيش الكريم والضمان الصحي والاجتماعي، والتعليم العالي.
هاربون من أزمات اجتماعية واقتصادية ساهمت هذه المجتمعات نفسها بحصتها في استفحال بعضها سيما الاقتصادية منها بهذا الشكل أو ذاك.
ومناظر المهاجرين القادمين من بلادٍ غريبة بأنماط حياتها، عجيبة في توزيع ثرواتها، تقشعر لها الأبدان، النوم على الأرصفة وفي الحانات والأقبية المظلمة والحدائق والمترو، وحمامات البلديات، وعربات القطارات، ومحظوظ من يحصل على مكان دافئ تحت كراسي السينما أو في زوايا سلالم المباني.. كثيرون منهم أفقدهم البرد حياتهم وهم نيام، حوَّل أحدهم ملابسه إلى مفرش وحذاءه إلى وسادة وكيس النايلون إلى شرشف، وبدأ يتدفأ بدخان سيجارته التي ما انطفأت حتى أنغمس في نوم عميق، جلبت له أحلاماً مازال ينتظرها، بيتا آمنا مؤثثا بطراز غربي حلم به وهو يقطع البحار بقوارب مهترئة قذفته على الطرف الآخر من الشاطئ، في حين سقط رفاقه من أطراف القارب وابتلعهم الموج، وتحولوا إلى عشاء دسم لسمك القرش.
ذهب هؤلاء المهاجرون إلى هذه البلاد بأحلام وردية وتحولوا إلى خدم، وبائعي جرائد وماسحي أحذية وغاسلين للصحون وبستانيين وكناسي شوارع، تسحل الآلة أجساد بعضهم مع الأرض، ومناجم الفحم تغير في عروق وبشرة بعضهم الآخر، ومصانع البلاستيك تذر في جسدهم أمراضا وآفات. هجروا إلى أفقٍ رسمه لهم مهربو البشر ومكاتب التزوير البشري، وسكنوا بين مجتمعات تدعي المبادئ الإنسانية والقيم النبيلة التي تعتبر الإنسان أغلى قيمة وجودية، وتحارب من يخالف هذه المبادئ بالفكر والفلسفة وأحياناً بالسلاح.
وتصدر في هذه البلدان بين الحين والآخر قوانين وتشريعات بحق المهاجرين بعيدة عن القيم الإنسانية والاجتماعية المنظمة لحياة المجتمع ولأصول الهجرة وقوانينها وأساليب التعامل مع المهاجرين. وتزيد من مأساتهم يوماً بعد آخر.
وتغفل بعضها عن عمد مظاهر سلبية بدت مألوفة في شوارعها.. مآسي إنسانية تدحض مزاعم هذه الدول وادعاءاتها بامتلاك الحس العالي تجاه الإنسان كيفما كان جنسه ولونه، تجدها في شوارع معظم الدول المتقدمة التي ترمي بالمهاجرين القادمين إليها من مختلف أصقاع الأرض في كل هوة سحيقة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|