|
العراق الجريح..! |
لم نعد نتوقف كثيراً عند أحداث وحوادث العراق الدامية..
إلاَّ من حيث الألم الذي نشعر به نحو ما يعانيه الأشقاء هناك..
فأخبار العراق..
حيث القتلى والإصابات بين المواطنين..
والدمار الذي مس كل شبر من أراضيه..
مسلسل مكرَّر ومُعاد لصورة ما يجري هناك..
***
هل من بارقة أمل لإيقاف نزيف الدم؟..
ومن توقعات بأن لهذا الذي نراه ونسمعه نهاية سعيدة في زمن قريب؟..
هل آن الأوان للإبقاء على البقية الباقية من مقومات هذا الكيان الكبير؟..
ومن الاحتفاظ بتاريخه دون تشويه؟..
***
هذه بعض أسئلة..
أملتها الحالة المأساوية لشعب عظيم..
في ظل احتلال بغيض..
وممارسات طائشة من المستعمر ومن صاحب الأرض على حدٍّ سواء..
أطرحها بغيرة..
وبحب..
وبشيء من التمنيات أن تتغير الصورة إلى ما هو أحسن..
***
وبمرارة..
وأسًى..
أشعر أن الليل قد طال..
وأنه سيطول أكثر..
مع أوار حرب وعودة استعمار..
في مقابل خلافات بين أصحاب الحق..
ومؤامرات خارجية أبقت وتُبقي نار الفتنة بين الإخوة دائمة الاشتعال..
***
ويضيف ما نراه ونسمعه في أرض الرافدين..
من قتال غير مبرَّر واختلافات لا معنى لها..
المزيد من مرارة القهر والتهميش وسلب الحقوق..
وهو ما يجب أن يحرك الشعور بالمسؤولية في عقول ومشاعر شعب العراق..
بانتظار أن يعود العراق..
أبياً وقوياً وفاعلاً..
على الساحة العربية والدولية..
***
وإلى أن يُطلَّ ذلك الأمل على شعب العراق..
مشرقاً ومشعاً وممطراً بما يتمناه العراقيون..
وإلى أن يأتي ذلك اليوم يحمل للأشقاء ولنا سحب الخير والأخبار السارة..
سنحتفظ بما تبقَّى لدينا من أمل قليل حياً في عقولنا ومشاعرنا..
بانتظار أن نسمع قرع خطوات العدو وهو يحمل عصاه على كاهله ويرحل.
خالد المالك
|
|
|
أضواء مسرح «جلوب» تتلألأ بعد أربعة قرون |
في عام 1587هبط على العاصمة البريطانية لندن شاب لم يكد يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر قادماً من مقاطعة يورك شاير تحدوه آمال عراض بأن يكون كاتباً، وفي ذلك الوقت كان للمسرح بريقه الجديد والآخاذ في تلك المدينة ذات الطابع الإليزابيثي التي تجمع في مزيج مدهش ما بين السحر والجمال من ناحية وبين الدموية والقسوة من ناحية أخرى.
ولكن لندن التي خلبت لب الشاب وليام شكسبير ليست هي على الإطلاق تلك المدينة الغاصة بالبشر التي نعرفها الآن والتي شهدت على مدار القرون الأربعة الماضية الكثير من الأحداث والتطورات أبرزها ذاك الحريق الهائل الذي اندلع بها عام 1666 والقصف الألماني الضاري الذي تعرضت له خلال الحرب العالمية الثانية.
وقد أدت هذه الأحداث المأساوية إلى تدمير معظم المعالم التي كانت تميز لندن في العصر الذي عاش فيه شكسبير ، ولكن لحسن الحظ يمكن للباحث المدقق أن يجد بعض البقاع التي عاش فيها هذا الكاتب الكبير وزاول عمله.
لغز شكسبير
في البداية يمكن القول إن حياة هذا المبدع ما هي إلا لغز محير ، نتيجة عدم توافر سوى القليل للغاية من الحقائق الدامغة المتعلقة بها ، وهو ما يدفع المرء إلى النظر في كتاباته وقراءتها بعمق من أجل التعرف على جوانب شخصيته ، فالكثير من الشخصيات التي رسم شكسبير ملامحها في أعماله مستوحاة من شخصيات أصدقائه وجيرانه الذين كانوا يعيشون معه على الضفة الجنوبية من نهر التايمز، وربما يجدر بنا أن نبدأ رحلتنا مع لندن التي عرفها شكسبير من مطعم (جورج) العتيق الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس عشر.
وبعد أربعة قرون لايزال المطعم باقياً على حاله، إلا أنه يستخدم خلال فصل الصيف لتنظيم العروض المسرحية. ولذا كان علينا قبل أن نبدأ جولتنا ، التوقف في هذا المطعم لتأمله بعمق وخاصة مقاعده المصنوعة من خشب أشجار الصنوبر.
(جلوب) يعود للحياة
في رحلته اليومية إلى العمل كان ينطلق شكسبير من حيث يقيم على ضفة التايمز الجنوبية باتجاه الغرب مارا بالكاتدرائية ليصل إلى حي (بانك سايد) الذي كان يعد في العصر الإليزابيثي حي المسارح في لندن مثله مثل برودواي حالياً في نيويورك، وفي هذا الحي كانت تتلألأ أضواء الكثير من المسارح من بينها مسرحي (الوردة) و(البجعة)، إلى جانب مسرح (جلوب) الذي كان يشارك فيه شكسبير. المفارقة أنه إذا تجول المرء حاليا في هذا الحي سيجد أن مسرح (جلوب) بعد التجديد لا يكاد يظهر بين المباني الحديثة التي تزخر بها هذه البقعة من لندن ، وقد لا يتبين الكثيرون هذا المسرح الذي أقيم عام 1599 وشهد عروضاً لاقت إعجاباً كبيراً قبل أن يغلق على يد أتباع المذهب التطهري (البيوريتاني) وتمتد إليه يد التخريب بعد ذلك.
إلى أن جاء إلى المكان المخرج والممثل الأمريكي سام واناماكر بعد أربعمئة عام كاملة ليشعر بالصدمة إزاء ضآلة اللوحة التذكارية التي تشير إلى مكانة هذا الموقع، ومن هنا صمم الرجل على إبداء التقدير الملائم لكاتب كبير مثل شكسبير من خلال إعادة بناء مسرحه الذي تم بالفعل باستخدام المواد نفسها التي استخدمت في بنائه للمرة الأولى في مطلع القرن السابع عشر، بل وغطي سقفه بالقش على الرغم من أن ذلك محظور منذ الحريق الذي شب في لندن منتصف القرن السابع عشر.
وهكذا عادت أضواء مسرح (جلوب) تضوي في لندن مرة أخرى، وعادت مسرحيات شكسبير لتقدم على الخشبة نفسها التي كتبت خصيصاً من أجلها قبل مئات السنين، ومع عودة المسرح إلى الحياة عادت أيضا ظاهرة (المشاهدون وقوفا) وهم هؤلاء المشاهدون الذين يشترون تذاكر زهيدة الثمن من أجل مشاهدة المسرحيات من الوضع واقفا !.
وفي عصر شكسبير كان هؤلاء يثيرون مشكلات كثيرة جراء المشاجرات التي كانت تنشب بينهم إضافة إلى قذارتهم الواضحة التي جعلت البعض يطلق عليهم لقب (المقززون).
أما في العصر الحديث فنجد أن هذا القطاع من الجماهير قد صار أكثر تهذيبا واحتراما من ذي قبل، ويتدفق على المسرح في موسمه السنوي خلال فصل الصيف لتشجيع الممثلين، وزيارة المعرض الخاص بمقتنيات شكسبير، بالإضافة إلى تفقد أنحاء المسرح نفسه، وبمقدور هؤلاء أيضا زيارة المباني الأصلية لمسرح (روز).
وإذا تركنا مسرح جلوب تماما وعبرنا نهر التايمز فسنجد مبنى لا يزال قائما منذ عصر شكسبير بعد أن نجا بأعجوبة من حريق لندن وهو قاعة المحكمة في حي تيمبل بطرازها القوطي المميز.
وقد شهدت هذه القاعة عام 1602 عرضا لمسرحية شكسبير الشهيرة (الليلة الثانية عشرة) وقد كتب أحد المحامين في تلك الفترة عن ذلك الحدث في مفكرته، وعلى الرغم من أنه لم يوضح ما إذا كانت المسرحية قد لاقت الإعجاب أم لا ، إلا أنه مادامت الملكة إليزابيث الأولى قد حضرت العرض فلابد أن شكسبير كان هناك ليتعرف بنفسه على رد فعل الملكة على مسرحيته.
وبعد مسافة قصيرة يمكن للمرء قطعها سيراً على قدميه على الضفة الشمالية لنهر التايمز، سيقابلنا مبنى آخر يمكن لشكسبير التعرف عليه وهو كنيسة ويستمينستر، وفي النهاية يوجد الكثير من الناس يربطون بين شكسبير ومسقط رأسه ستراتفورد باعتبار أنه ولد هناك ودفن أيضا هناك، ولكن ينبغي هنا التذكير بأنه قضى حياته العملية كلها في لندن التي ألهمته الكثير من أعماله الخالدة، وعلى الرغم من أن المدينة قد تغيرت كثيرا إلا أنه بوسع المرء إذا قضى لحظات قليلة يتأمل تلك الأماكن التي كان فيها شكسبير يحيا ويبدع يستطيع استحضار أجواد هذا الكاتب وعالمه الذي عاشه.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|