|
العملة الواحدة !!
|
وحدها إسرائيل، بين كل دول العالم، التي لا يملك أحدٌ الحق في فتح ملفاتها ومحاسبتها على جرائمها..
لها أن تعتدي على الشعب الفلسطيني، وعلى أية دولة ترفع صوت الاحتجاج على ممارساتها العدوانية..
***
إسرائيل تحتمي بالمظلة الأمريكية، وهي تتمتع بما لا تتمتع به حتى الولايات الأمريكية من دعم ومساندة لمواقفها رغم ردود الفعل السلبيّة على هذا الدعم الأمريكي لإسرائيل..
وهو ما أسهم في صلفها وغرورها وعدوانها وتحديها لكل دول العالم، بما في ذلك عدم التزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تصدر عن الأمم المتحدة أو عن مجلس الأمن.
***
والذي يثير الانتباه والاستغراب معًا، أن الولايات المتحدة الأمريكية لا ترى في عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني ما يستحق التعليق أو الإدانة..
بل إنّ ما هو أدهى وأمَر أنّها لا تمارس حقها في النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، إلاّ حين يكون هناك قرار إدانة لإسرائيل.
***
بينما يتسابق المسؤولون الأمريكيون إلى إدانة أية عملية فلسطينية ضد إسرائيل، والقول بأن المنظمات الفلسطينية إرهابية وينبغي تفكيكها..
فضلاً عن ممانعتها في دعم تطبيق ما تم الاتفاق عليه بين الفلسطينيين وإسرائيل، بإجبار العدو الإسرائيلي على الوفاء بما ترتب عليه من التزامات.
***
الولايات المتحدة الأمريكية تنشط فقط حين يكون هناك ما يخص دولاً أخرى مما ترى أهمية معالجته وفق الرؤية الأمريكية، كالموقف من إيران وكوريا الشمالية من موضوع تخصيب اليورانيوم، والتدخل الذي تم في أفغانستان ثم في العراق..
فيما هي تغض الطرف عن امتلاك إسرائيل أسلحة الدمار الشامل، ولا تسمح بأن يتم إدراجها ضمن الدول الرافضة للإفصاح عن قدراتها النووية، أو أن تُطالب بإيفاد مفتشين للوقوف على مفاعلها النووي.
***
هذه هي سياسة الولايات المتحدة الأمريكية..
إنّها تكيل بمكيالين..
ولا تضع نفسها - وهي الدولة العظمى - بمكان الحَكَم النزيه..
ثم بعد ذلك تريد من دول العالم أن تحترم سياستها وتساندها وتتحدث عن إيجابياتها.
***
لقد أسهمت السياسة الأمريكية الخاطئة في جعل مناطق كثيرة في خارطة العالم تحترق، ويتضرر منها الأبرياء من سكان المعمورة، رجالاً ونساء ومن جميع الديانات ومن مختلف الأعمار..
وما كان ذلك ليحدث، لو تعاملت أمريكا بما تمليه عليها مصالحها ومصالح الآخرين، وانحازت إلى كل موقف يرسخ السِّلم والأمن العالميّين، وتمسَّكت بالسياسات التي ستنال من خلال تطبيقها احترام الجميع.
***
لقد آن الأوان للتفكير الجدِّي بما نراه من صراعات وظلم وبطش في كثير من دول العالم، وبالتالي إيقاف هذا السيل من دماء الأبرياء..
وهذا لا يتحقق إلا حين يقف العالم صفًا واحدًا أمام مَنْ يريد أن يمارس شهوة العدوان على الآخرين وتدمير كل ما هو مفيد وجميل، وعلى أمريكا - تحديداً - أن تتقدَّم الصفوف لتحقيق هذا الهدف.
***
فأمريكا وهي تقود العالم، تستطيع أن تتبنّى سياسات جديدة تضعها في المكان الذي يليق بها، ولا تكون حينئذٍ في حاجة إلى تحسين صورتها..
فهل تكون البداية بتغيير سياستها في الشرق الأوسط، وبخاصة دعمها الأعمى لإسرائيل، إذا هي فعلت ذلك ستملك حب العالم واحترامه، وستكون دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان عن حق وحقيق، لا بالكلام الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.
خالد المالك
|
|
|
رمضان..عبادة وطاعة لا لإسراف وشرهة ! (2)
|
في شهر رمضان المبارك من كل عام، يتغير نمط الحياة، ليس من حيث الصيام عن الشهوات فحسب، بل أيضاً من ناحية السلوك الغذائي، وتغيير برنامج النوم والعمل والراحة، وحركة الناس بشكل عام، تعم نفحات الشهر الفضيل، بحيث يترك بصماته على جميع جوانب الحياة، غير أن عادات الكثيرين خلال هذا الشهر المبارك تظل بعيدة عن المغزى الحقيقي لرمضان، وعن المفهوم الروحي العميق لشهر الصيام والحكمة من مشروعيته، فيمضي البعض ليلهم في السهر غير المرشد، ونهارهم في النوم، والكثير من وقتهم في انشغال بأمور الدنيا إن لم يكن في القيل والقال، والصوم فقط عن الأكل والشرب وشهوة الفرج، وبعد ذلك يطلق البعض العنان لبقية الجوارح تسرح وتمرح كما تشاء، وإذا جاء وقت الإفطار، أشبع شهيته بما لذ وطاب من الطعام والشراب، ولا شك أن ذلك يسبب الكثير من الأضرار الصحية لكن الناس لا يتعظون ويكررون نفس السلوك في كل عام. فهل حان الأوان لكي يعدل الناس من سلوكهم الروحي والغذائي في شهر الخير والبركات، ويتركوا الإسراف والتبذير، ويتجهوا إلى الطاعة والعبادة، أم أن ذات المفاهيم تعود مع الشهر الكريم في كل عام؟! أصدقاء منتدى الهاتف كانت لهم مشاركاتهم وتعليقاتهم حول المفهوم الأشمل لشهر رمضان، وكيف يجب أن يغتنم الناس فرصة حلول هذا الضيف العزيز.
***
صون الجوارح
*مي منصور الدخيل: حل علينا شهر رمضان شهر الرحمة والغفران شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} والصائم التقي يحفظ بصره ولسانه عما حرم الله قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه). فهل يكون مؤمناً وتقياً من يصوم بطنه عن الطعام ولا تصوم عينه عن النظر الحرام. فلنجعل شهر رمضان للصيام والقيام وقراءة القرآن لا للآثام قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). وفي رمضان يجتمع الصوم والقرآن فيشفعان قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة) فقد كان صلى الله عليه وسلم يدارسه جبريل في رمضان وكان أجود ما يكون في رمضان، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وتطفئ غضب الرب وفيها دفع للبلاء، ومن الصدقة إطعام الطعام، وفيه ليلة خير من ألف شهر ألا وهي ليلة القدر من دعى فيها قبلت دعوته وغفرت ذنوبه. هذا والحمد لله تعالى الذي بلغنا رمضان ونحن في أحسن حال ونسأله أن يعيننا على صيامه وقيامه وأن يجعلنا هداة مهتدين إلى يوم الدين.
***
العزم والإرادة
*حمد بن عبدالله بن خنين - مستشار شرعي وباحث إعلامي: شهر هلت أنواره وفاح عبيره وأضاءت مصابيحه ماذا أعددنا له؟ هل أعددنا له توبة صادقة أو عزيمة قوية وإرادة صلبة، هل أعددنا له قلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً وبدناً على الطاعة صابراً، هل أعددنا له خلقاً كريماً وسلوكاً فاضلاً، هل أعددنا له اغتناماً للأوقات في إحراز الطاعات؟ نعم أيها الأحبة إن رمضان شهر عبادة وطاعة فلنبتعد عن الإسراف ولنبتعد عن الشراهة في تناول الطعام لأن ذلك يسبب إعاقة لنا في إحراز الطاعات. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفر له) رواه الترمذي وصححه الألباني.
فإذا لم يغفر لك في رمضان فمتى يغفر لك، وإذا لم ترحم في رمضان فمتى ترحم، وإذا لم تُعتق رقبتك من النار في رمضان فمتى تُعتق؟ هل تذكرت من صام معنا العام الماضي، هل تذكرت الأحبة الذين اختطفتهم يد المنون هادم اللذات ومفرق الجماعات وهل تذكرت أنك لمثلهم ذاهب؟. إن هذا الشهر فرصة لا تعوض وقد حُرمها كثير من الناس صاموا معنا العام المنصرم وقد أصبحوا اليوم مرتهنين في قبورهم يتمنى أحدهم أن يعود للدنيا من أجل تسبيحة واحدة أو تكبيرة واحدة أو تهليلة واحدة ولو بذل في سبيل ذلك الدنيا وما فيها ولكن هيهات مضى زمن الإمهال ولم يبقَ إلا الحساب على الأعمال.
أيها القارئ العزيز إن رمضان شهر كريم اختاره الله للمسلمين لمضاعفة الأعمال لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم: يجتهد في رمضان أكثر من غيره يجتهد في الصلاة والقراءة والذكر والصدقة وكان السلف الصالح يقتدون بنبيهم صلى الله عليه وسلم وكان بعض السلف يختم القرآن في قيام رمضان وفي العشرة أيام وفي الشهر كل على حسب اجتهاده لقد ورد في حديث كان القارئ يقرأ المئات من الآيات حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر. فاحرص أخي على طاعة ربك في هذا الشهر واترك عنك اللهو واللعب فإنما هذه فرصة لعمرك فيها ليلة خير من ألف شهر، فيه تضاعف الحسنات فيه تغفر الزلات لذا نرجوا أن تكون واحداً من أولئك الذين يعتقون من النار وأن يغفر لهم وأن يرفع لك بعملك وبرحمة الله قدرك ويثبت اسمك في ديوان السعداء الفائزين وشكراً على هذا المحور الذي أدى رسالته وأقدر اهتمام (الجزيرة) وخصوصاً هذه المجلة القيمة وتفاعلها مع أحداث الساعة.
***
موسم الحصاد
*عواد عوض العنزي: نتقدم بأعظم التهاني والتبريكات بحلول شهر رمضان الكريم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وإلى ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز وإلى الشعب السعودي والأمة العربية والإسلامية بهذه المناسبة السعيدة، ونتمنى أن يغتنم الناس مواسم الخيرات، ويجنوا الكثير من الحسنات والأجر، فإنها فرصة لتطهير النفوس وتربيتها على الطاعات، ففي هذا الشهر تتضاعف الحسنات وتمحى الذنوب والسيئات، فلنكثر من تلاوة القرآن وقيام الليل والصدقات ومواصلة الأرحام فإنها خير الأعمال.
***
مضاعفة الأجور
*محمد فرحان عبد الله العنزي: شهر رمضان المبارك هو شهر عبادة وطاعة ويجب على كل مسلم أن يستغل كل دقيقة في هذا الشهر المبارك لأن في شهر رمضان المبارك الأجر مضاعف وفي شهر رمضان على المسلم أن يتجنب المعاصي قدر ما استطاع ويكون قريباً من الله سبحانه وتعالى ومع الأسف نرى في شهر رمضان المبارك بعض الناس تزداد معاصيهم فالصوم ليس الإمساك عن الأكل والشرب فقط بل اتباع ذلك بالعبادة والطاعة. فتقربوا إلى الله بالاعتكاف والصلاة واجتناب المعاصي.
*فهد علي القحطاني: شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة وهو فرصة للتوبة من الذنوب والطاعة وفرصة لدخول الجنة وعلى المسلم أن يستغل هذه الفرصة بالتوبة والعودة إلى الله والصدقة والاستغفار وتصحيح الأوضاع من ناحية تصحيح أمراض القلب من كل ما يشوبه وأيضاً الاستفادة منه في العمرة وبر الوالدين وكل الأعمال الصالحة ولا يكون شهر تضييع للأوقات سواء في النهار أو الليل ونسأل الله أن يغفر لنا وجميع المسلمين.
***
ليس شهر التكديس
*محمد بن عبدالعزيز بن محمد اليحيى- كاتب وناقد وإعلامي سعودي: أعتقد أن رمضان شهر يتميز عن شهور العام كافة فهو أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار جعلنا الله إن شاء من عتقائه من النار نحن ووالدينا وأحبائنا وفلذات أكبادنا. الحقيقة للأسف أن هناك من الجهلة و المتخلفين الذين يعتقدون أن رمضان هو شهر تكديس المواد الغذائية والنعم وهم بهذا يسهمون في رفع الأسعار وكأنهم لا يعرفون الأكل وشراء الحاجيات إلا مع قدوم رمضان بالرغم أن أكثر المواد الغذائية الخاصة برمضان متوفرة في البيوت، يجب علينا أن نجعل هذا الشهر فرصة للتوبة من كان لا يصلي عليه أن يعود إلى ربه ويتوب من كان مدخناً أو متعاطياً لأي نوع من أنواع المخدرات والمسكرات هو فرصة له، من كان قاطعاً لأرحامه ولأصدقائه وأحبابه يجب أن تكون فرصة له من كان عاصياً في كل أموره فعليه أن ينتبه لنفسه من كان مقصرا في أداء حقوق الله من ناحية الصدقة من ناحية زكاة المال أتمنى أن يكون هذا الشهر فرصة لكي يعود. كما أن الشهر الكريم فرصة لمن تهاونوا واستهتروا بأداء الصلوات لكي يبدؤوا صفحة جديدة تجعلهم أكثر علاقة وأكثر تواصلاً مع الله سبحانه وتعالى، هذا الشهر يجب أن يشعرنا بالآخرين الذين قد لا يجدون قطعة خبز يابسة ولا يجدون أن يأكلونه يجب أن يجعلنا أن نلتفت يمنة ويسرة لنساعدهم ونمد لهم يد العون وقبل ذلك يجب أن نكون معتبرين قانعين متواصلين متوادين متراحمين لكي يرضى عنا الله، كذلك نقطة هامة أولئك المستهترون أولئك الذين يعانون من التسيب والفساد الإداري أتمنى أن يكون الشهر الكريم فرصة لهم لكي يتقوا الله ويخافوه في هذه الأمانة التي هم يستلمون عنها المال فحق الله سبحانه وتعالى ثم حق العمل يجب أن يؤدي العمل بأمانة فالهروب من الدوام والتوقيع وعدم التعاون مع الآخرين لكي يغيبوا عن أداء العمل كل هذه أمور يجب أن يكون الشهر الكريم فرصة لكي يتقوا الله في أنفسهم ويتوبوا إليه.
***
اغتنام الفرصة
*حورية العتيبي: بمجرد نطق هذه الكلمة ينتابكم شعور عظيم بالروحانية والطمأنينة من أوقات عبادة وتقرب من الله وليس لإعداد ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات والإسراف في الشراء والشراهة الزائدة وبدلاً من إضاعة الجهد والوقت في ذلك فلماذا لا يكون في الدعاء وقراءة القرآن وكل عمل صالح إن الإسراف والشراهة مفهوم خاطئ لرمضان ويعود ذلك إلى عدم الوعي الصحيح للمعنى الحقيقي من رمضان.
*د. زيد محمد الرماني: إن موضوع الطعام والشراب في تاريخ الأمة المسلمة قديم وعريق، فأصوله تستمد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، كما أن كتب الفقه والرقائق والمواعظ والزهديات والأخلاق تفرد أبواباً للطعام وللشراب،، تنهى عن المحرمات، وتأمر باتباع الآداب الشرعية.
أما اليوم، فقد أصبح الطعام والشراب في حياة أغلب الناس نهماً وشرهاً، واسرافاً وتبذيراً ولذة وغاية تهدر في صناعة الأطعمة والأشربة الأموال، وتنصب الموائد المفتوحة، في البويت والمطاعم ويجري السباق في إقامة الحفلات والمناسبات الباذخة. وانزلق عامة الناس إلى مساوئ التقليد الأعمى للأمم المادية المترفة، واتسمت حياة الكثيرين بالتكلف والإسراف في ولائمهم وأعيادهم وحياتهم، حتى أصبحت أعيادنا مظاهر باهظة الثمن ورمضاننا في كل عام موسماً للسرف والترف، بدلاً من أن يكون عبادة وتهجداً. فتحول الغذاء إلى خطر رهيب، وارتفعت صيحات التحذير من مستقبل ينذر بالأخطار وباتت الحاجة ماسة للأمن الاجتماعي والاقتصادي والغذائي وترشيد الإنفاق والاستهلاك.
إنَّ الإنسان كائن حي يقوم بوظائف مهمة عبادة الله ثم إعمار الأرض وإقامة مبادئ العدل والخير. وهذا يجعله بحاجة إلى الطعام، كي ينمو ويعيش ويتحرك ويعمل ويحتاج إلى الماء، إذ لا يستطيع الإنسان البقاء حياً لمدة طويلة بلا ماء.
فاستجابة الكائن البشري لغريزة الطعام والشراب أمر فطري، كما أن المحافظة على القوام الغذائي المتنوع والمتوازن مع التوسط والاعتدال يمنح الإنسان في مراحل عمره جسماً قوياً وصحة دائمة وعمراً مباركاً ومديداً.
***
ضرورة التنوع
إذ لا يكفي الإنسان في طعامه وشرابه أن يتناول نوعاً واحداً، فلابد من توافر الاحتياجات الأساسية مثل: الماء، والسكريات، والبروتينات، والشحوم والدهون، والفيتامينات، وبعض العناصر المعدنية.
إنَّ الإنسان إذا أكل ما يسد به جوعه وشرب ما يسكن به ظمأه، فإن هذا مطلوب عقلا، ومندوب إليه شرعاً، لما فيه من حفظ النفس وصيانة الحواس.
يقول محي الدين مستو في كتابه (الطعام والشراب بين الاعتدال والإسراف): إذا كانت التخمة تمرض وتميت، فإن الحرمان يمرض النفس ويفتر عن العبادة، أما الوسطية فإنها تنشط النفس وتظهر روحانيتها. فالاعتدال توسّط بين التقتير والإسراف، وبين البخل والإنفاق الزائد عن الحلال في المأكل والمشرب.
وقد حث رسول الهدى عليه السلام على الاعتدال وحضّ على التقليل من الطعام والشراب، فقال عليه الصلاة والسلام: (الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معيّ واحد) رواه مسلم.
قال حاتم الطائي ذاماً كثرة الأكل:
===============================
فإنّك إن أعطيت بَطنك سُؤْله
وفرجك نالا مُنتهى الذّم أجمعا
===============================
***
التوسط والاعتدال
إنّ الاعتدال، إذن هو التوسط بين الجوع والتخم، بالتقليل من كمية الطعام والشراب، دون أن ينقص عن حاجة البدن والعمل وفي ذلك فوائد جمّة منها: صحة الجسم وجودة الفهم، وقوة الحفظ وقلة النوم، وخفّة النفس. قال بعض الحكماء: أكبر الدواء تقدير الغذاء.
وفي المقابل، فإن الإقبال على الطعام بشره زائد، يجعل الأغذية عند النهمين المسرفين هدفا وغاية، يبذلون من أجلها الأموال الباهظة، ويمضون أوقاتاً طويلة في الأسواق، يشترون ألوان الأطعمة. وهؤلاء الذين جعلوا همهم بطونهم وأهدافهم ملذاتهم وشهواتهم، يضنّون بأموالهم عن مساعدة بائس أو إعانة فقير فنتج عن ذلك بطون جائعة وأموال ضائعة.
***
إسراف وتبذير
إن الإسراف والتبذير والترف والمباهاة سلوكيات استهلاكية خطيرة دخلت مع الأسف حياة الناس وشملت معظم جوانب الحياة المختلفة، فهناك التنويع في الأطعمة والأشربة في الدعوات العامة والمناسبات وولائم الأعراس التي تكلف أموالاً طائلة، وهناك الموائد المفتوحة المشتملة على أصناف عديدة، لقاء مبالغ محددة عن كل شخص وهناك الولائم المخصصة في حالات الوفاة والمآتم.
فيا عجباً من مجتمع يقيم الأفراح والولائم، والمجتمعات المسلمة تعاني من الأحزان والمآتم، وقديماً قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كلمته المشهورة: ما جاع فقير إلا بما تمتع غني، ورد عن القاضي عياض رحمه الله قوله: إنَّ كثرة الأكل والشرب دليل على النهم والحرص والشّره وغلبة الشهوة، وهي مسبب لمضار الدنيا والآخرة وجالب لأدواء الجسد وخثار النفس أي فتورها.
إنّ الإسراف في تناول الطعام والشراب يؤدي إلى اختزانها في الجسم، وتحولها إلى لحم وشحم وبدانة وبطنة، تقعد بالإنسان عن كثير من أعماله ونشاطاته. وقديماً قيل: البطنة تذهب الفطنة.
وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقولته المشهورة وحكمته المأثورة: إياكم والبطنة فإنها مكسلة عن الصلاة، مؤذية للجسم، وعليكم بالقصد في قوتكم، فإنه أبعد عن الأشر، وأصُّح للبدن، وأقوى على العبادة، وإن امرأً لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه.
ومن طريف القول ما أجاب به مسلمة بن عبدالملك ملك الروم حين سُئل: ما تعدُّن الأحمق فيكم؟ قال مسلمة: الذي يملأ بطنه من كل ما وجد وكان فرقد رحمه الله يقول لأصحابه ناصحاً: إذا أكلتم فشدّوا الأزر على أوساطكم، وصغِّروا اللقم، وشدِّدوا المضغ، ومُصّوا الماء مصاً، ولا يحل أحدكم إزاره فيتسع معاه، وليأكل كل واحد من بين يديه.
***
مراحل الغذاء
وقد أجمع الأطباء على أن رأس الداء إدخال الطعام على الطعام، وقالوا: أكثر العلل إنما يتولد من فضول وزوائد الطعام.
إن مراتب الطعام والشراب (الغذاء) كما قسّم ذلك ابن القيم الجوزية رحمه الله في كتابه (الطب النبوي) مراتب ثلاث: مرتبة الحاجة، ثم مرتبة الكفاية، وأخيراً مرتبة الفضلة.
في رمضان تزداد مصروفات الأسر لمجابهة الشراهة الاستهلاكية ونهم التسوق، والإنفاق المرتفع، إذ يتحول النوم إلى النهار، والأكل والزيارات والتجوال في الشوارع وارتياد المنتزهات إلى الليل ويستهلك الفرد في وجبتي الإفطار والسحور أضعاف ما كان يستهلك في ثلاث وجبات قبل حلول رمضان المبارك، حتى أصبح مألوفاً في أمسيات شهر رمضان كثرة حالات الإسعاف بسبب التخمة على موائد الإفطار.
وكم يلحق الأفراد والأسر في عصرنا الحاضر من مشكلات وأخطار، وهم يلهثون وراء تقليد بعضهم في إقامة الحفلات، وتكلف المناسبات، والخروج إلى المطاعم حيث الموائد المفتوحة، والمبالغة في تناول الأطعمة والأشربة بلا قيود ولا حدود في كل شهور السنة وفي رمضان خاصة.
وختاماً أقول: إن الاعتدال يؤدي إلى وفر اقتصادي في حياة الفرد والأسرة وإلى قوة مالية وتجارية في حياة الدولة والأمة. وصدق الله القائل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}(67) سورة الفرقان.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|