|
أمة بلا تاريخ!!
|
لا ينبغي أن تقتصر كتابة التاريخ العربي الحديث على تتبع سيرة الأقوياء من ذوي النفوذ السياسي أو المالي فقط، فتغيب الحقائق الأخرى وتهمش الومضات المشرقة لدى الآخرين، وتنتحل مواقف ومحطات ومعلومات ليست صحيحة عن هذا أو ذاك، وبالتالي يكتب تاريخ الأمة ممسوخاً ومزيفاً وبعيداً عن الواقع.
***
والأمم إذ تباهي بتاريخها، بأدوارها المهمة في الحياة، وبما صنعته من إنجازات وبطولات، إنما عليها أن توثقه وتحميه، ولا تسمح لمن يريد أن يسيء إليه، أو يشوهه، أو يقول فيه وعنه ما ليس صحيحاً أو واقعياً.
***
والعرب كانوا في الماضي أوفياء وصادقين وحريصين على عدم تعريض تاريخهم للابتذال أو الشك في مصداقيته، والتأكد عند كتابته بأنه لا يرقى إليه الشك، وأن من يكتبه يملك الأدوات والمقدرة بما في ذلك النزاهة والعلم الصحيح، بما جعل منه مصدراً أميناً للرواية الصحيحة عن هذا التاريخ.
***
وما من شك أن إصدارات كثيرة تملأ الآن المكتبات باسم التاريخ، وربما كان أغلبها حافلاً بالأخطاء المعلوماتية، والروايات غير الصحيحة، إما عن جهل أو عن هوى لدى صاحب هذا الكتاب أو ذاك، فيما نجد أن دور الرقيب أصبح أمام ما تحتويه مثل هذه الكتب غائباً، إما مجاملة منه، أو انشغالاً وتشاغلاً عن هذا الهم، وإما لأن هذه الإصدارات من الكثرة بحيث لم يعد قادراً على أن يتابعها ويقرأها بعناية ومن ثم يكتب عنها.
***
ومن الطبيعي في غفلة عن ممارسات هؤلاء المدّعين، ممن يزعمون بأنهم يكتبون تاريخنا العربي المعاصر، أنهم قد شوّهوا هذا التاريخ، حين اختلط فيه بين ما هو نقي وما هو مشوّه أو مغلوط وكاذب، الأمر الذي يحتاج من العلماء والمؤرخين الحقيقيين إلى مبادرات شجاعة تتصدى لهذا الخلل الذي شوَّه سيرة هذه الأمة بما كتب عنها من معلومات وهي غير صحيحة.
***
وإن مسؤولية الجامعات والمؤسسات الثقافية والمختصين في هذا المجال، تكون أكبر مع تزايد ظاهرة اختراق التاريخ العربي الحديث من قِبل بعض الأدعياء بمعلومات وقصص وروايات تحكمها العاطفة أحياناً والمصلحة الشخصية أحياناً أخرى بعيداً عن الصدق والنزاهة واحترام هذا التاريخ، بما ينبغي أن يُتصدى لهؤلاء، حتى لا يستفحل الأمر بأكثر مما نراه في عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج.
***
على أن وجود مثل هذا الانطباع السلبي حول أكثرية ما يكتب عن التاريخ العربي، لا ينفي الاعتراف بأن هناك كتابات تمثِّل جانباً مضيئاً عن تاريخنا الحديث، من حيث الدقة في سرد المعلومات باعتمادها على مراجع ومصادر يعتد بها، بحيث يمكن اعتبار مثل هذا الجهد العلمي إضافة ذات قيمة لتاريخنا، ولا بد أن يقابل بتشجيع ودعم ومساندة للقائمين عليه، والعمل على الاستزادة منه، خدمة للثقافة العربية، وحماية لها من أن تتعرض لما يسيء إليها في عالم لم يعد يميِّز بين الغث والسمين.
***
لقد تطورت الإمكانات الطباعية، ودخلت التقنية مراحل متقدِّمة، مع التوسع في استخدام أنظمة الاتصالات السريعة، بالإضافة إلى وفرة المال بأيدي من يريد أن يكتب عن هذا التاريخ، وكلها عوامل شجعت هؤلاء على كتابة ما لا يرتقي إلى المستويات المطلوبة عن تاريخنا، وبأعداد كبيرة من الإصدارات التي تفوق قدرة المهتمين على رصدها وتتبع الجوانب السلبية فيها مهما بذلوا من جهد وأعطوا لها من وقت.
***
وحتى لا يضيع هذا التاريخ، أو يكتب تاريخ أمتنا بحسب أهواء بعضنا، ومن أجل أن نقدِّم للأجيال القادمة عصارة جهدنا، وتسجيلاً موثقاً لكل نجاح أو إخفاق مرَّ بنا، فلا بد أن يُبذل من الجهد ويعطى من الوقت ما تستحقه هذه القضية من اهتمام، قبل أن يستفحل الأمر، ويكون لهذه الظاهرة من التأثير السلبي ما يُعجز الجميع عن إيجاد مخرج منه.
خالد المالك
|
|
|
الشائعات .. من أين تنطلق وكيف تنتشر ؟!
|
* إعداد - صلاح عمر شنكل
كثرت الشائعات في الآونة الأخيرة بشكل لافت للنظر، وهي لا تستثني جانبا من الحياة، أو أمراً من الأمور، بل تطال كافة المجالات، حتى لدى الأطفال الصغار أصبحت هناك شائعات تتناول اهتماماتهم بشأن موعد فتح المدارس أو تغيير موعد الإجازة وغير ذلك، وأحيانا كثيرة يوقن المرء أن تلك الشائعات لا تنطلق بصورة عشوائية، بل هي صناعة متقنة ومنظمة ولها خبراؤها وأوقاتها المناسبة، وهناك مكاسب ومصالح تتحدد بموجب تلك الشائعات، والملاحظ أيضا أن الشائعات تنطلق بقوة تفوق أحيانا قوة الحقائق، وتجد المناخ المناسب لسريانها وتصديقها..
ترى من أين تكتسب الشائعات قوتها، ومن يقف وراءها
في الغالب؟ وماهي المصالح والمكاسب
التي يمكن أن تجنى من ورائها؟
ولماذا تسري بسرعة مذهلة؟.
هذه القضية التي تحدث في كل المواسم وتمس حياة واهتمامات كافة الشرائح الاجتماعية، هي محور نقاشنا في منتدى الهاتف لهذا الأسبوع، وبالفعل عبر المنتدون من خلال مشاركتهم الهاتفية عن أهمية هذه القضية، وأسهموا بفاعلية في بحث أبعادها،
وها نحن نعرضها كما جاءت على ألسنتهم.
الغرابة والإثارة
بدرية صالح : الإشاعة هي نبأ مصدره مجهول وفي اعتقادي انه يتخذها شخص ما يجعلها مطية يصول ويجول بها في المجالس للفت الانتباه ويتلذذ باستقطاب آذان الحضور لتعويض نقص ما يؤرقه، يستغل أصحابها الأحداث التي توقظها من سباتها وتنتشر انتشار النار في الهشيم لأنها قوبلت بالانبهار والاستغراب، وظن السامع أنها تروي فضوله المتعطش تنتقل من شخص إلى وسيلة إعلامية ويقومون بتجذرها وتعدد أغصانها وأوراقها، ولأنها تسقى بماء الكذب وضعف الوازع الديني، فهي لا تثمر إلا شوكا تتضرر به منطقة السمعة وتكون أسرع من الأخبار الحقيقية لأنها تغلف بالغرابة والتضخيم وتكون ملاصقة للحدث مما يجعل السامعين يتجاذبون أطرافها، فالإنسان يميل لكل ما فيه غرابة وإثارة وأخيرا ليتنا نستشعر عظمة هذه الآية {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (سورة ق-18) لندفن الإشاعة في مهدها.
صيتة السبيعي: تكثر الشائعة بين الأفراد والمجتمعات في جميع المجتمعات الإنسانية في مختلف الأزمنة، والإنسان الذي يطلق الشائعة يستخدمها في خدمة مصالحه الشخصية أو لإثارة فوضى في مكان معين. مثال على ذلك رجال الأعمال في الأسهم وبعض الفنانات اللاتي يطلقن الإشاعات لتسليط الأضواء عليهن. تكثر الشائعات وتنتشر في القرى أكثر من المدن ويتناقلها كثير من طلاب المدارس وتكون الإشاعة أسرع من الأخبار الحقيقية لمهارة مطلقها وبراعته في اختلاق الأكاذيب وتضليل الحقيقة ً.
سلوك شائن
أم عبدالله - حوطة بني تميم: الشائعات مرض فتك بالمجتمع ونود من الناس الذين يسمعون الشائعة أن يتثبتوا، وأن من يسلك هذا السلوك يكون مثل الفاسق الذي يأتي بنبأ غير صحيح وأن يتقي الله سبحانه وتعالى. لأن الشائعات تضر بسمعة ومصلحة وأمن المجتمع وأفراده.. وفي الختام أشكر مجلة (الجزيرة) الرائعة التي تهتم بآراء الناس، وتطرح القضايا الملحة والهامة.
ريم سعد: أرى أن الشائعة تنطلق من أناس عقولهم صغيرة جدا ويحبون حدوث البلبلة وسط المجتمع ويحبون أن تكون حادثة غريبة ولديهم فراغ كبير ويحبون الأشياء التي يقولونها أن تلفت انتباه الآخرين وليس لديهم شيء سوى الشائعات وغالبا الشائعة تكون شيئا غير مصدق وبعض الإشاعات تكون مخيفة وتؤثر على الكثير مثل شائعات سوق الأسهم التي أثرت على كثير من المضاربين، وبعض الأحيان تكون الإشاعات مضحكة.
التثبت والحذر
أم عبدالله: تعتبر الشائعة شيئا مضرا بالأمة ومرضا فتاكا، نسأل الله السلامة والعافية منه ولابد لنا من توخي الحذر وأن نكون من المتثبتين في احداثنا واقوالنا وننصح كل من يسمع شائعة أن يتثبت وكذلك من أنواع الإشاعة ما يكون كاذبا ومنها ما يكون صادقا وعلينا توخي الحذر، ومن يساهم في صناعتها وتوزيعها ينال شيئا من أوزار الأضرار التي تلحق بالآخرين.
ةعمرو بن إبراهيم محمد العمرو: الشائعات وما أدراك ما الشائعات، خطر كبير وضرر نتائجه تأتي على القريب والبعيد وأكاد أجزم أن الشائعات لا تظهر أو لا تنطلق إلا عندما تغيب القنوات الرسمية للخبر؛ فهذا الغياب وهذا التخبط هو نقطة لانطلاق الشائعات فتنتشر بطرق ملتوية وبزوايا متعددة كل يرويها حسب ما يراها ويذكرها حسب ما يرى للوصول إلى غايته التي يرجوها لذا فهي سريعة في الانتشار.
ظاهرة قديمة
محمد بن عبد العزيز اليحيى: كلنا نعرف أن الشائعات وجدت مع وجود الإنسان منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها، لكن الشائعات تختلف؛ هناك شائعة مبنية على دلائل وعلى قرائن وقريبة من الواقع يكون احد الناس لمسها أو أحس بها أو ادرك شيئا منها عن قريب فتسرع في إطلاقها وهي شائعة ليست سيئة ولا تضر احدا بل مفيدة، ولكن لانه تسرع وجاءت في غير وقتها فانها ألغيت من الأساس وأصبحت شائعة، النوع الثاني وهو الشائعة التي تكون حقيقية وغير حقيقية، كحدوث حادث أو حدوث اعتداء دولة على دولة أو وقوع عملية إرهابية على دولة أو داخل دولة، ولان الإعلام المحلي في تلك الدولة لم يعلن الخبر في وقته فقد ترك المجال للشائعات لكي تنتشر وتزداد، وكما يقولون (يعمل من الحبة قبة) ويصبح الموضوع بدلا من أن يكون حقيقة ينتظر أن تظهر أصبحت شائعة قلبت الامور، هنالك شائعة أخرى قد تكون شائعة حسنة يطلقها شخص لكي يثير نوعا من المحبة ونوعا من الألفة أو نوعا من المزاح، كما في كذبة أبريل لدى بعض الأشقاء في عدد من الدول العربية عندما يفاجئك بأن فلانا توفي أو هناك نار تشتعل وفي النهاية يرد عليك بأنها كذبة أبريل.. إذاً الشائعة موجودة منذ أن وجدت البشرية، وهناك شائعات كاذبة وشائعات توجد من فراغ أو من لا شيء، والله الموفق.
ضعف إيمان
عبده بن أحمد الجعفري: إخواني: إن الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم ربَّى عباده على انهم لا يستمعوا للشائعات ولا يصدقوها وعليهم أن يتثبتوا، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (سورة الحجرات - 6). نزلت في صحابي والله يقول لعباده تبينوا وتثبتوا قبل أن تصدقوا هذه الشائعة، فكيف بمن دون هذا الصحابي وخاصة في هذه الأزمان الشائعات وما أدراك ما الشائعات تهز أمن البلد، تهز أمن الوطن تتسبب في خلله وفي زعزعته يذهب بالصدق ولا يبقى إلا الكذب، وهذه الشائعات انما يروج لها من ضعف الإيمان في قلبه وابتعد عن نهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
والشائعات لا يفعلها إلا منافق والمنافق هو الذي يحدِّث بكل ما سمعه، وينقل كل ما سمعه، فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم- أن من آيات المنافق الثلاث أنه إذا حدث كذب ..
فالشخص يكذب لنقل الشائعات، يكذب، وعلينا أن نتبين ذلك وألا نصغي لهذه الشائعات. إن الشائعات اكثر ما تنطلق من أناس قل خوف الله في قلوبهم ولا ادل على ذلك مما نشاهده ونسمعه، وأشد هذه الشائعات ما كان يمس الوطن الذي له احترامه، الوطن الذي نعيش فيه، ترعرعنا فيه.. وطننا المملكة العربية السعودية.. هذا الوطن الحبيب يجب علينا أن نحافظ عليه ولا نسمح للشائعات فيه، أن كثيراً من المغرضين الذين يكرهون هذه البلاد نسمعهم في فضائيا تهم وعبر قنواتهم يتهكمون على السعودية، ويأتون بالشائعات عن السعودية وهذه الشائعات لن تؤثر في السعودية ولا في مواطنيها لأنهم ماضون في البناء وماضون في التقدم، ولكن ينبغي للمواطن أن يكون عند المسؤولية وان لا يفشي أسراره ولا يأتي بالشائعات التي تخون وطنه إذا سافر لتلك الديار مثلا عليه أن يكون سفيرا لوطنه ولا يتكلم بشيء أو يشيع شيئا عن وطنه فهذا يسبب خلخلة تهلك الإنسان وتجعله يعيش في قلق ويعيش في هم.. الشائعات إذا حصلت بين الأزواج انتهت بالطلاق وما أدراك ما الشائعات التي انتهت بالطلاق بين الزوجين انها تنتقل عبر الفضائيات تنتقل عبر الجرائد والمجلات والإنترنت وغيرها وكثير.. من الشائعات اصبح يروج لها كثير من الناس واشد هذه الشائعات ما كان في الإسلام ما كان يخص الدين يخص الأخلاق والهدي النبوي الشريف، فلا نصدق شيئا من هذه الشائعات حتى نعرضها على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم- اما كيف تنتشر لان الشر ينتشر بسرعة والخراب ينتشر بسرعة واي شيء فيه صلاح يتأخر نشره اما الشيء الذي فيه مصائب، وفيه فساد وفيه شر فهو ينتشر انتشار النار في الهشيم وغيرها من الأمور، فما ذاك إلا لأن الشر له أناس يساهمون في نقله يساهمون في نشره بما أتوا من أدوات وما أتوا من مقدرات وغيرها، فلابد أن نهتم فالشائعات لا نصدقها مهما كانت الشائعة، وعلينا التثبت كما أمر الله تعالى وأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- ووفق الجميع لما يحب ويرضاه.
عواقب وخيمة
مرام علي: الشائعات أمر سيئ للغاية، ومجرد وجودها في المجتمع دلالة على عدم استقرار المجتمع سواء من الناحية النفسية أو غيرها، لأنه لا داعي لوجودها طالما هناك حقيقة ستظهر في وقت ما، وكذلك من يروجون للشائعة يعبرون عن شخصيتهم غير السوية، وأغراضهم غير المشروعة، فالحقائق تغني عن كل شيء، لماذا ننتظر مكسبا ما من وراء الشائعة، وللأسف الشديد أضرت الشائعات بسمعة أناس أبرياء، وألحقت بالبعض أضرارا صحية وصدمات نفسية وأضاعت مصالح مادية للكثيرين جراء الشائعات التي تنطلق دون ضوابط ودون مراعاة لمصالح الآخرين، أقول: إن الشائعات تمثل خطرا ظل يترصد بالمجتمع أفرادا وجماعات، وخطورتها شديدة، لأنها تؤذي من لم يكن يتوقعها، ومن لايدرك أنها شائعة، فهي بعكس الآفات الأخرى التي يقدم عليها من يعرف عواقبها وأضرارها، لكنها تستهدف أشخاصا وفئات وشرائح تكون ضحايا لها، والمجتمع يستطيع أن يعبر عن رقيه ووعيه من خلال تحليله للأحداث ومعرفة ما يمكن أن يكون واقعيا وما يكون مجرد شائعة هدفها النيل من شخص أو مجموعة أو مجتمع بعينه أو حتى دولة ما، علينا أن نحذر ولا نخوض في الشائعات ولا نتبنى نشرها ولا الاسهام في صناعتها أو ترويجها، حمانا الله جميعا من شر الشائعات وعواقبها.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|