|
أسئلة يثيرها الإعصار!!
|
كشف الإعصار الدموي والمدمر الذي اجتاح (نيو لويزيانا) الأمريكية عن مجموعة حقائق يكاد المرء لا يصدق بها..
لولا أنّ المسؤولين الأمريكيين تحدثوا عنها وواجهوا العالم بها من خلال وسائل الإعلام..
وهذه الحقائق تثير الانتباه، وتلفت النظر، وتشير إلى التشكيك في الصورة التي كانت تمثل انطباعاتنا عن الولايات المتحدة الأمريكية.
***
فأمريكا العظمى التي تدير العالم، وتعلن الحرب على مَنْ يخرج عن طاعتها، أو يحاول أن يختلف معها ولو في وجهات النظر..
أمريكا التي تحرك أساطيلها لتأديب مَنْ ترى أنه يشكل تهديدًا لأمنها أو يعرض السلم العالمي للخطر..
أمريكا بقوتها العسكرية والاقتصادية الضاربة ونفوذها السياسي الطاغي على مستوى العالم..
تقف اليوم عاجزة أمام اكتساح إعصار يجتاح جزءًا من أراضيها، ويعرض سكانها للخطر رغم كل ما يقال عن قوّتها.
***
إذ ها هي أمريكا بكل إمكاناتها تستغيث بالعالم ليساعدها بكل شيء..
بالبترول..
والمال..
ومعالجة تفشي الأوبئة في المناطق التي اجتاحها الإعصار..
ولا تجد ما يحد من السرقات ويوقف القتل في المناطق المنكوبة غير الاستعانة بأعداد من قواتها في العراق وأفغانستان.
***
والسؤال: أين القوة العسكرية الضاربة التي يفترض أن تكون منتشرة في كل أراضي الولايات المتحدة الأمريكية؟..
ألا يثير ذلك الانتباه؟!...
ويطرح الكثير من الأسئلة حول ما آل إليه الوضع في القطب الأوحد في ظل تشتت القوات والإمكانات والجهود الأمريكية..
ثم أين التفاعل الأمريكي مع كارثة بهذا الحجم على مساحة أرض تمثل جزءًا من الولايات المتحدة الأمريكية..
ولماذا اختفت الاستعدادات لمواجهة هذا الإعصار الذي كان العالم على دراية مبكرة بخط سيره وسرعته وما يمكن أن يفتك به ويدمِّره وهو في طريقه إلى تلك المناطق المنكوبة ومن يعيش فيها.
***
هل تقديراتنا للإمكانات الأمريكية قبل هذه الكارثة فيها شيء من المبالغة..
وأن الإعلام كان يعطي وما زال للولايات المتحدة الأمريكية أكثر من واقعها..
وأنّه يخفي علينا حقيقة الوضع..
وإلاّ بماذا نفسّر قبول أمريكا بتبرُّع من البحرين بخمسة ملايين دولار ومثل هذا المبلغ من الصين للمساعدة في هذه المأساة وهكذا مع دول أخرى..
فيما المتوقع أن تعالج أمريكا أوضاعها دون الحاجة إلى مثل هذه المساعدات لو لم تكن مضطرة إليها..
وكيف نفسّر نداءات الرئيس الأمريكي المتكررة لشعبه بأن يهبَّ لمساعدة سكان المناطق المنكوبة مادِّياً.
***
هل أمريكا تمرُّ بذات التجربة والحالة التي مرَّ بها الاتحاد السوفيتي من قبل..
حين كان دولة عظمى..
وقوة لا تُقهر..
فإذا بنا نصحو ذات يوم على واقع جديد، يخترق كلَّ السرِّية التي كانت تحيط بعالمهم، بفضل الستار الحديدي الذي قاوم فضولنا لمعرفة ما يجري في الداخل لعشرات السنين..
ثم إذا به ينهار وتظهر هذه الدولة العظمى على حقيقتها، ومن أنّها أضعف من أن تحتفظ بدولها أو أن تقاوم الزحف الذي هبَّ بقوة نحو كل ما بُني على مدى سنوات طويلة.
***
وها هي الدول التي كان يتشكَّل منها الاتحاد السوفيتي، تتحرَّر من الواقع الذي فُرض عليها، لتستقل وتنال حريتها بعد طول انتظار..
وها هو الاتحاد السوفيتي يعود إلى وضعه الطبيعي دولة باسم روسيا تستجدي المساعدات والدعم من أمريكا ودول أوروبا.
***
وماذا عن أمريكا في ظل تعاملها مع هذا الإعصار، وما أظهره من ضعف الاستعدادات والإمكانات والتفكير المبكر لمعالجة هذا الذي دمَّر المباني وحولها إلى أنقاض وقتل الناس وحول البلاد إلى أرض جرداء..
إننا أمام أسئلة كثيرة..
يخيفنا ما نراه، ولا نجد تفسيرًا لهذا التباطؤ في الاستعداد، فهل هناك مَنْ يدلنا أو يعرِّفنا على هذا اللغز الذي استفزَّ مَنْ كان ضحية هذا الإعصار أو لم يكن؟.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
لذة الحرمان
|
أن لا يعتريك مرض، و لا تذوق فقراً، ولا تغترب عن وطن، ولا تفقد حبيباً ولا... وأن ترتمي أمانيك تحت قدميك فهذه أشياء حلوة، لكنها محالة... محال أن تجتمع لك في هذه الدنيا التي:
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام غير طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
وإذا... أقول : وإذا تجمعت لك كل المفرحات ولا أظنها تجتمع فلا تفرح !!
لأنك حرمت الحرمان، وفقدت النقص، ولم تذق طعم الضعف، وهذه خسارة كبيرة لك، لأن الإنسان بطبعه إذا توافرت له النعم وكان صحيحاً... غنياً، عزيزاً، مكرماً في الغالب يرى الدنيا على غير صورتها، ويعطي نفسه فوق قدرها.. ويخيل إليه أنه قادر على كل ما يريد..فيفقد الإحساس بالآخرين، وينعزل شعورياً عن المحرومين، فإذا اشتكى إليه المريض آلامه لا يفهم... لأنه لا يدري ما الألم !!
وإذا باح له الفقير بمواجعه لا يدرك... ولا يدري عمَّاذا يتكلم، ولا يحس بضعف الغريب ووحشته... بل لا يعرف حقيقة نفسه ونقصها وضعفها، وفي الغالب تضعف صلته بالله عز وجل، ويفقد طعم الحاجة إليه، والانكسار بين يديه... وهذا هو الحرمان الحقيقي، والمرض الحقيقي، والغربة الحقيقية.. ولذلك فإن المريض مثلاً مع شعوره بالضعف والحرمان إلا أن الألم يمنحه أشياء كثيرة أقلّها أن نفسه تتضاءل أمام عينيه، ويحس بضعفها وعجزها فينجذب قلبه نحو السماء، ويلتمس العون من الله، ويستمد منه الجلد، ويتوسل الرحمة، فيتلذذ بندى القرب من خالقه... وتهون عليه الدنيا، ويراها كما هي ،وكأن هذا المرض نافذة يطلّ منها على الحقائق التي يحجبها توافر النعم، فالحرمان له لذة لا يجدها إلا العقلاء المتأملون.
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلي الله بعض الناس بالنعم
فكم نعمة جاءت في وعاء نقمة
وكم رزية جاءت في ثوب عطية
عبد الله بن عبد العزيز المبرد
مدير إدارة التدريب التربوي
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|