إعداد - تنكزار سفوك:
تمطر السماء في ألمانيا على مدار العام، وتحجب السحب السماء نحو ثلثي ساعات النهار، غير أن ألمانيا استطاعت أن تصبح أكبر مولد للطاقة الكهربائية من ضوء الشمس في العالم.
ورغم أن ملايين الألمان يهربون من وطنهم المطير الغائم لتمضية العطلات على شواطئ البحر المتوسط المشمسة فإن 55 في المئة من الطاقة الكهربائية الشمسية في العالم تولد من ألواح شمسية تم تركيبها بين بحر البلطيق والغابة السوداء. وحتى الآن أضحت الشمس مصدر ثلاثة في المئة فقط من الطاقة الكهربائية في ألمانيا، ولكن الحكومة تريد رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة من 13 في المئة إلى 27 في المئة من جميع مصادر الطاقة بحلول عام 2020 .
صادرات قوية
هذه الصناعة المزدهرة حققت صادرات قوية وأتاحت عشرات الآلاف من فرص العمل في السنوات الأخيرة، وسجلت معدلات نمو تفوق التوقعات المتفائلة لواضعي قانون رائد للطاقة النووية المتجددة في عام 2000 وساعد القانون هذا البلد بطقسه الممطر الملبد بالغيوم عند الطرف الشمالي من أوروبا على أن يصبح عملاقاً في مجال الطاقة الشمسية.
وصرح فرانك أسبك رئيس مجلس إدارة شركة سولار وورلد: (كان القانون الوسيلة الوحيدة والأهم في دعم سوق الطاقة الشمسية). ويعطي القانون حوافز نقدية لمن يقدمون مصادر للطاقة المتجددة، ويهدف إلى التصدي للتغيرات المناخية والحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري. وأسس أسبك في عام 1988 شركته في برلين وتنتج وتسوق منتجات توليد الطاقة الشمسية، ويضيف: (كان هناك اهتمام كبير أيضاً من المواطنين بصفة عامة). وتضاعف عدد العاملين في الشركة، والبالغ 1350 موظفاً، في العامين الاخيرين. وقال أسبك: (الألمان مولعون بابتكار تكنولوجيات وتطويرها.. بصفة خاصة إذا قادت إلى معدلات تصدير مرتفعة. المساهمة في محاربة التغيرات المناخية ميزة إضافية).
وينوي أسبك مضاعفة عدد العاملين في شركته مرة أخرى في غضون عامين. ويوجد في الوقت الراهن أكثر من 300 ألف نظام لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في ألمانيا. وكان قانون الطاقة يهدف إلى وجود مئة ألف. وتمتد هذه الأنظمة في أنحاء البلاد، وهي مملوكة لأصحاب المنازل أو لمزارعين وشركات صغيرة للاستفادة من دعم الحكومة لمساعي الاعتماد على الطاقة المتجددة. ويضعهم استغلال ضوء الشمس لتوليد الكهرباء في طليعة حركة واسعة النطاق لمحاربة التغيرات المناخية.
وتلتزم شركات الكهرباء بشراء الطاقة المولدة من الشمس لمدة عشرين عاماً بسعر يتجاوز سعر السوق أكثر من ثلاث مرات.
وصرح يورجن تريتين وزير البيئة السابق الذي أسهم في وضع الخطة: (النمو أسرع من أي توقعات). وتعرض الوزير للتهكم في ذلك الحين حين قال: إن الطاقة الشمسية ستتيح فرص عمل ولن تضرّ بالاقتصاد.
فرص العمل
يوجد حالياً 250 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة المتجددة في ألمانيا. ويتوقع أسبك أن يتضاعف عدد الوظائف في قطاع الطاقة الشمسية وحده إلى 90 ألفاً في السنوات الخمس المقبلة، وأن يبلغ 200 ألف في عام 2020 ومنذ سن القانون حذت دول أخرى مثل إسبانيا والبرتغال واليونان وفرنسا وإيطاليا حذو ألمانيا.
وتولد أنظمة الطاقة الشمسية نحو ثلاثة آلاف ميجاوات من الكهرباء، وهو يزيد ألف مرة على حجم الطاقة المولدة عام 1990م.
أنظمة وقوانين جديدة
وذكر أسبك أن القرارات السياسية في التسعينيات سهلت على المواطن العادي وضع أنظمة شمسية فوق أسطحهم، بل جعلته عملاً مربحاً. وأهم ما ينص عليه القانون ضمان حصول كل من يولد الطاقة من الشمس أو الماء أو الهواء على مبالغ من شركة الكهرباء المحلية. ويلزم شركات الكهرباء بشراء الطاقة المولدة من الشمس مقابل 49 سنتاً لكل كيلووات، ويقترب الثمن من أربعة أمثال سعر السوق. ويمكن أن تدرّ هذه الأنظمة عائداً أعلى من ادخار المال في البنك.
ورغم الطقس الغائم فإن قيمة الاستثمار تسدّد في غضون عشرة أعوام. وينتقد البعض حوافز الطاقة الشمسية، ويطالبون بإلغائها تدريجياً بخطى أسرع مما هو مقرر الآن. ولكن المبالغ التي يحصل عليها أصحاب الأنظمة الموجودة حالياً مضمونة لمدة 20 عاماً.
ويقول جيرهارد مولر وسترماير الباحث في المناخ في وكالة الطقس الوطنية: إن السحب تغطي معظم ألمانيا بين خمسة وستة أثمان الوقت، ولا يصفو الجو إلا في عدد قليل جداً من الأيام على مدار الأيام. ويبلغ عدد ساعات سطوع الشمس في كثير من المدن الألمانية نحو 1500 ساعة وهو نصف عدد الساعات في إسبانيا. ويقول: (من الواضح أن الألواح الشمسية التي توضع في أمكنة أكثر إشراقاً مثل إفريقيا ستحقق عائداً أعلى. ولكن ينبغي حينئذ نقل الطاقة وهو عمل صعب؛ لذا من المنطقي تركيب الألواح الشمسية حيث يحتاج إليها الناس).