|
|
جوهرة في الصحراء
|
فاجأني ذلك المشهد الرائع، بكلِّ عناصره ومكوّناته، ولمساته الجميلة..
كما أثارني كثيراً هذا الإنجاز الكبير، وحرّك عواطفي ومشاعري وإعجابي وتقديري..
وذُهلتُ إذْ يُولَد معلَمٌ حضاريٌّ بهذا الحجم والأهمية والدقّة في التنفيذ والسعة في الوظائف، مصحوباً - مع الأسف - بتعتيم إعلامي كما لو أنّه إنجاز عادي وليس فيه ما يثير الانتباه، أو أنّه عملٌ غير جدير بالمتابعة الإعلامية، أو أنَّ هناك مَنْ يتعمَّد إخفاءه عن الناس.
***
هكذا كان انطباعي الأولي بعد زيارتي السريعة لنادي الفروسية الجديد، وتعرُّفي على معلومات مهمة ومثيرة وسارة عنه، ووقوفي على معالم وصور جميلة ومبهرة عن هذا الإنجاز الرياضي والثقافي والاجتماعي الذي لقي قبول وإعجاب كلِّ من اطلع عليه وشاهده، أو ألقى نظرة ولو سريعة على هذه المنشأة بكلِّ ما تتميَّز به من لمسات إبداعية.
***
لقد أفرحني حقاً وكثيراً ما رأيته في هذا النادي من اكتمال في منشآته، وتكامل في متطلّباته، لتشمل كلَّ تخصصاته واهتماماته، ملبياً كلَّ رغبات روّاده من الاهتمامات الأخرى غير تنظيم سباقات الفروسية، ضمن الحرص من المسؤولين فيه وعنه على إيجاد المناخ المناسب للوصول إلى الأهداف المتوخّاة، والسعي لبلوغ أعلى درجات النجاح التي ينشدها الجميع ويتطلّع إليها الكل في هذا السباق المطلوب للوصول إلى هذه الأهداف.
***
لا أقول هذا من باب الثناء الذي قد يأتي - مخطئاً - من الناس من يقول إنّ مثل هذا الكلام جاء في غير مكانه، ولا أتحدث به - صدقوني - متعاطفاً أو مجاملاً لرجال أحبُّهم وأقدِّرهم وأجلُّهم ممن وصلوا بالنادي إلى هذه المستويات المتطوّرة دون أن يكون لكلامي أسبابه ودواعيه ومبرِّراته..
فقد رأيت لوحة في غاية البهاء..
ولمسات مثيرة تجلِّلها كلُّ مفردات وعناصر الجمال..
ولا يمكن لمثلي أن يغضَّ الطَّرف أمام مثل هذه المشاهد، فلا تكون له كلمة، أو أن يخرج من هذه الساحات الخضراء الزاهية من دون تعليق أو وجهة نظر أو انطباع حَسَنٍ منه على ما أثار إعجابه.
***
ولا أقول هذا لأني رأيت ما لم يكن يخطر على البال، أو أنّ ما تم إنجازه في هذه الصحراء الجرداء أكبر من طموحات وقدرات ورغبات القائمين على هذا النادي، وإنّما لأنّ هذه الجوهرة الثمينة وُلِدَت بهذا الزي الجميل المبهر في هذه الصحراء، دون أن نلتفت لها أو نكتب عنها أو ننصفها بما يوازي أو يتناسب مع هذا الجمال الأخاذ الذي رأيناه فاستمتعنا به وبما شاهدناه في هذا الجسم الحضاري الرائع.
***
شكراً للأمير متعب بن عبدالله، إذْ دعانا لتكتحل عيوننا بما رأيناه من مشاهد مثيرة، شكراً له لأنّه عرّفنا بما لم نكن نعرفه عن هذا الإنجاز الحضاري الكبير، بانتظار أن تكون الزيارة القادمة للنادي مع انتهاء التوسعات الجديدة والنشاطات الأخرى التي تمثِّل بعض طموحات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في وجود نادٍ نموذجيٍّ للفروسية، يتفوّق ويتميَّز على غيره، ويكون غير مسبوق في تنظيمه ومنشآته على مستوى العالم، ليكون كما رسم له في خدمة المواطن ومن أجله وتحت تصرفه.
خالد المالك
|
|
|
|
|
(حنين) فيلم إماراتي جديد ينجح على صعيد ويخفق في آخر
|
* إعداد - محمد رضا
يحمل هذا الفيلم ما كان يحمله فيلم يوسف شاهين الأخير (الإسكندرية - نيويورك) في مجال تعداد الفنيين الذين عملوا وراء الكاميرا. فأحد الوظائف المذكورة هو (مخرج منفّذ) والاسم الذي يصاحب هذه التسمية أمجد أبو العلا. بالتحديد ماذا تعني هذه البدعة؟ هل تعني أن محمد الطريفي مخرجاً غير منفّذ؟ كان مثلاً يتابع التصوير عن بعد بالنظارات المكبّرة؟ أم هل يعني أن كليهما مخرجان؟ ومن أخرج وماذا؟ ثم منذ متى والمخرج بحاجة الى مخرج منفّذ؟ ومن هو المسؤول عن أي حسنة أو أي سيئة؟
الحقيقة أن كل الإجابات لن تعني أن الفيلم كان يستحق مخرجين، او مخرجا ونصف له، لكن الواضح من النتيجة المرتسمة أن هناك تفاوتاً بين تصميم وتنفيذ مشاهد الفيلم الداخلية وبين تصميم وتنفيذ مشاهد الفيلم الخارجية. تلك الداخلية مُدارة عموماً بشكل جيّد. أما تلك الخارجية، مثل أول مشهد خارجي وحتى العودة الى أول مشهد داخلي، فهي مشغولة سريعاً ومن دون الشعور بأن هناك حاجة للتفنن.
واضح أيضاً أن من كان ينفّذ المشاهد الداخلية كان هو الأنجح في إدارة الممثلين. وإحدى حسنات الفيلم القليلة مناطة بالتمثيل. ليس أنه دائماً جيّد، لكنه دائما بعيد عن التأثير القاتل للتمثيل التلفزيوني الذي كان يمكن للممثلين الوقوع تحت سيطرته. خذ مثلاً تحريك الأيادي. هناك تصميم حسن من المخرج، أياً كان، على منع ممثليه من التعبير عن حركاتهم بالإشارات او بالصريخ بصوت عال او بأي من تلك التعابير المباشرة العاكسة لرغبة الانفراد بشكل ظاهر. البديل المطروح هنا هو شيء من محاكاة الأسلوب الغربي في هذا المجال عن طريق إخضاع معظم الشخصيات الى القدر المطلوب من ضبط الوسيلة التي ستعبّر بها عما تتحدّث به الى جانب أن الصوت يبقى وسيلة ناجحة في هذا المجال.
ما لن أجيد الحديث فيه كثيراً بدوري، هو القصّة. ليس لأنها غامضة لا تُفهم، بل لأنه إذا ما أوجزتها أظهرت عيوباً في الكتابة. واحد من هذه العيوب انتقال (الفوكاس) من شخصية أم مريضة وشقيقة مريضة (كل منهما بحالة مختلفة) الى امرأة مختفية يُعتقد لمعظم الوقت أنها ميّتة، لكن حنين (كما تؤديها كاملة عبد الرحيم) إنما هي حيّة ترزق. القدر من محاولة صنع فيلم غامض لا يخرج عن قصّة جيّدة، لذلك هو مفترض ومفروض أكثر منه نتاجاً فعلياً. صحيح أن الفيلم فيه ما يجعل المشاهد لا يتوانى عن المتابعة معظم الوقت، لكن في النهاية هناك ذلك الوضع الذي لم تعد فيه القصّة ولا شخصياتها قادرين على الاتيان بنقلة جديدة. إنه الوقت الذي تدرك فيه أن الغموض ليس نتيجة وضع فاعل يستحق معالجة الفيلم على نحوه.
المشكلة الأكبر في قسم الكتابة هو الحوار. فلم يسمع هذا الناقد بحوار مبني على مثل هذا القدر من الكلام الإنشائي منذ فترة بعيدة. ليس فقط أن كل متحدّث يبدو كما لو كان همّه تلقين المشاهد درساً في شأن ما، بل الأفدح أن كل متحدّث لديه ما يقوله بنفس اللغة والمفردات والقدرة على التحليل. بعد قليل، حين تأتي عبارات مثل (الموت طبيعة) و(رايح أدوّر على آيس كريم لا يذوب) لا تدري إذا كنت تريد أن تأسف او تضحك. وتفوت الفرصة من أمام الفيلم عندما تتحدّث بطلته ديما عن ذكريات صبرا وشاتيلا. يتبدّى فعلاً أن المجزرة التي تمّت بإشراف إسرائيل (وإسرائيل ليست مذكورة) لا تهم هنا سوى الحاجة الى استغلالها لرسم بعد ما للشخصية المذكورة.
من ناحية أخرى، يتحرّك الفيلم جيّداً على رصف وتحديد تلك العلاقات المختلفة. إلا إنه للأسف ليس لديه رغبة في استنباط الشخصية الوحيدة التي عن طريقها تتداعى وتنكشف كل الطروحات والمشاكل المرصوفة. ولو أن السيناريو جعل ديما مفتاحاً لكل الشخصيات الأخرى، من خلالها نرى ما تعايشه من أوضاع ومتاعب ومن خلالها وحدها، وليس بإدماج صديقها عادل (كما يؤديه بشعور شبابي جيّد عبد الرحمن الملا) ولا بتقديم شخصية نصف كوميدية لصحافي مصري طيّب ونمطي (أداء غير مسف من إسلام كمال)، تم فتح كل صناديق العجب التي تتوالى في عالمها.
لقد كان هم الفيلم، كما يبدو لي، تقديم قصّة تحافظ على صياغة واقعية في الوقت الذي تبقى فيه تشويقية. في الوسط بين هاتين الرغبتين، ينجز المخرج (أصبحت متردداً في ذكر من يكون) عملاً يستحق التشجيع ويشي بأن تقدّمه على مختلف الأصعدة الفنية التي اشتغل عليها هنا ممكن. ما يحتاجه هو كتابة أفضل وما لا يحتاجه هو (مخرج منفّذ).
* الفيلم: حنين
* إخراج: محمد الطريفي
* تمثيل: يلدا، عبد الرحمن ملا، عبد الحميد بلوشي، ميرفت، إسلام كمال
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|
