من أقدم بقعة على الأرض.. في غور الأردن، نطل على بدايات التاريخ، ونفتح نافذة على العالم الحديث، نتلمس حجارة أقدم مدن الأرض، ونتابع تعرجات النهر المقدس، وآثار الأنبياء والرسل والصحابة، وحيث بداية الحضارات الإنسانية القديمة.
صعودا إلى سلسلة الجبال التي تشكل الحافة الشرقية لحفرة الانهدام، نعرج على المدن الجبلية والكروم والتلال المطلة على القدس والكثير من مدن فلسطين. ونهبط من الأعالي الجبلية باتجاه السهول الشرقية التي ملأت خزائن الإمبراطوريات بالقمح، ونواصل رحلتنا شرقا إلى حافة الصحراء المقصبة بالرمال الذهبية، وهي التي كانت طرقا للقوافل التجارية القديمة، وكانت بوابة للفتح الإسلامي لبلاد الشام، وفيها تقوم القلاع التاريخية، وتتناثر القصور الصحراوية التي بناها الخلفاء.
إلى الجنوب نسير في الطريق الملوكي الذي سلكه الرومان من قبل، وننتقل في التاريخ من حقبة إلى أخرى عبر المدن التي ترك بُناتها بصمات أرواحهم على أسوارها وغادروها مخلفين آثارهم العظيمة إلى الورثة الحافظين. ونصل إلى البتراء.. جوهرة المدن، والتحفة المعمارية المحاطة بقلادة من مدن حلف الديكابوليس التي تواصل نبضها تحت أعمدة جرش وعلى مدرجاتها العتيقة.
المكان مختزل كأنه خلاصة الأمكنة، والزمان يفوح بعبق التاريخ، والفضاء مفتوح بلا حدود.. أنت في الأردن قلب الشرق القديم، ونقطة ولادة العالم.
في الأردن، أرض أدوم، ومؤاب، وعمون، وجلعاد، وبيريا، الكثير من الأضرحة والأماكن المقدسة للديانات السماوية، وإلى هذه الأرض يفد المؤمنون الباحثون عن مواقع وآثار للأنبياء وللصحابة.
كانت الأردن باب الفتوحات الإسلامية، وعلى الأرض الأردنية دارت المعارك التاريخية الكبرى، ومن أهمها معركة مؤتة، ومعركة فحل، ومعركة اليرموك.
عجلون
على مقربة من جرش، تقع مدينة عجلون الشهيرة بقلعتها التاريخية التي تسمى أيضا قلعة الربض، وتجذب هذه القلعة أعدادا كبيرة من الزائرين لما لها من قيمة تاريخية، فقد بناها عز الدين بن أسامة بن منقذ أحد قادة صلاح الدين الأيوبي ما بين عامي 1148-1185 ميلادية لتقف في وجه التوسع الإفرنجي الصليبي وتحافظ على طرق المواصلات مع دمشق وشمال سوريا.
للقلعة شكل هندسي مربع، ولها أربعة أبراج يتكون كل برج منها من طابقين، وقد أضيف البرجان الواقعان إلى يمين المدخل الحالي للقلعة بعد معركة حطين، بالإضافة إلى القلعة تتميز عجلون بجمالها الطبيعي، وغاباتها الكبيرة، وطقسها الرائع صيفا، ووفرة منتجاتها من الزيتون، وكافة أنواع الخضار والفواكه.
العقبة
على حافة البحر، تلتقي الشمس والماء مع سحر الطبيعة الخلابة في مدينة العقبة.. مدينة الرمل الذهبي، والنخل الباسق، والماء البلوري في الخليج الذي يحتضن ميناء الأردن ومنفذه البحري، وأجمل المنتجعات السياحية الشتوية على شواطئ البحر الأحمر.
تقع العقبة على بعد 360 كم إلى الجنوب من عمان، وفيها يستمتع الزائر بعالم البحر المدهش، ويستطيع ممارسة هواياته كالسباحة، أو التزلج على الماء، أو صيد الأسماك، أو قيادة الزوارق الشراعية، أو أي نوع من أنواع الرياضات البحرية.
ومثل معظم المدن الأردنية، لا تخلو العقبة من الآثار التاريخية، وفيها من الآثار ما يعود إلى 5500 سنة، حيث كانت المدينة في الزمن القديم ملتقى لطرق المواصلات البرية والبحرية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ومن أهم المواقع الأثرية في المدينة، آثار مدينة (آيلة) الإسلامية، وقلعة العقبة التي أنشأها السلطان المملوكي قانصوه الغوري في أوائل القرن السادس عشر.
البحر الميت
إلى الغرب من عمان، وعلى مسافة 55 كيلو مترا منها تقع أكثر بقاع الأرض انخفاضا عن مستوى سطح البحر.. إنه البحر الميت، الذي عاش عبر الحقب التاريخية المتعاقبة، ليصبح من أكثر المناطق جذبا للسياح الباحثين عن الدفء في فصل الشتاء، والطبيعة الخلابة، والغرابة التي تتجسد في بحر لا كائن حي فيه بسبب كثافة أملاحه، لكن في مياهه المالحة علاج للكثير من الأمراض، ومازال الناس يستشفون في هذه المياه منذ آلاف السنين. كما أن أملاح البحر الميت تكون المواد الخام لإنتاج البوتاسيوم وأملاح الاستحمام العلاجية، والمنتجات التجميلية التي يتم تسويقها في مختلف أنحاء العالم.