|
قاتل.. وقتيل.. ومفجوع!
|
كانت فاجعته كبيرة ومؤلمة..
في دمويتها..
ومشهدها..
بتوقيتها..
وعلاقتها بالماضي والحاضر والمستقبل.
***
غسان تويني العَلَم والمُعلِّم، لا يستحق أن يناله ما يغضبه أو يُواجَهُ بما يستفزه، فكيف به إذا أُدمي جسده وأثخن الجراح كل جزء من جسمه الجريح بعمل إرهابي جبان يمس حياة إبنه الوحيد؟
***
تموت ابنته وابنه وزوجته - عن مرض أو بسبب حادث سير - فيعيش مأساة هذا الفقد مرة وأخرى ثم ثالثة - وعلى التوالي - ويتجرَّع كأس مرارة هذه الفواجع التي اكتوى بنارها فلا يجزع مثلما جزع لرحيل إبنه الثاني جبران، لأن هذه أعمار يقدِّرها الخالق، وعلى المرء أن يسلِّم بأسباب هذه الوفيات.
***
لكن العجب - كل العجب - أن يغيب الحوار العاقل بين الناس، ويستبدل عنه بما هو أنكى وأسوأ، فتمتد الأيادي الشريرة لتصطاد خصومها واحداً بعد الآخر، ومن ثم يتم الإجهاز على حياتهم دون وجه حق أو مبرر مقبول، مثلما فعلوا مع جبران تويني.
***
جبران تويني، كان صاحب رأي وموقف وتوجه، وهو إن أصاب أو أخطأ فالحوار معه ينبغي أن يكون بالكلمة لا بالحديد والنار، فهذا هو حوار العقلاء، وحين لا يأخذ الحوار هذا المسار، فهذه جريمة لا تغتفر، وليس لمثل هذا الأسلوب من قبول أو تفهم أو تبرير.
***
ويا أيها المعلم: غسان تويني..
أعلم جيداً أنه منذ صغرنا وبداياتنا الصحفية، كنت لنا المدرسة، بقلمك و(نهارك) وفكرك الخلاَّق، وما كان أحد من الصحفيين في جيلك والجيل الثاني والثالث، إلا وكان يرى فيك ذلك المُجدِّد والمطوِّر والمبتكر في صحافة الالتزام والموضوعية والمنهجية التي كانت هاجس نفر كبير من جيلك ومن جاء بعده، وكنت في هذا أستاذاً كبيراً.
***
وها أنت وفي هذا العمر المتقدِّم، ومع تلقيك نبأ غياب آخر ما بقي لك من الأبناء والبنات في هذه الحياة - ابنك جبران تويني - تتحامل على جراحك، لتعطي دروساً في الفروسية والصبر وحبك للبنان وحدبك عليه في ساعات محنتك وروعك، فتدعو إلى التسامح وإلى الارتفاع فوق الجراح ونبذ الخلافات والأحقاد.
***
ويا أيها الأب المفجوع: كنت كبيراً وعظيماً - مثلما عرفناك - وأنت تتنقل بين الفرقاء والفئات والرموز اللبنانية، تهدئ من روعها، فيما أنت أحوج ما تكون إلى من يخفِّف من مصابك ومن آثار الصدمة التي حلَّت بك، لكن قدر الكبار أن يكونوا هكذا، وأن تشغلهم بلدانهم عن أبنائهم، وينسيهم الخوف عليها من الخوف على فقيد رحل كما رحل ابنك جبران فإذا بك تقول: لا أدعو إلى الانتقام أو إلى الحقد بل إلى خدمة لبنان.
***
فعسى أن يكون موت جبران تويني بالأسلوب الوحشي الذي اهتزت له الضمائر الحيَّة، آخر فواجع لبنان، وآخر أحزان اللبنانيين، بأن يقفل طريق الدم، وتعزل أسباب هذه الفواجع، وبالتالي تفوت الفرصة على من يبيِّت شراً للبنان واللبنانيين.
وأقول صادقاً، إنه ليس غسان تويني من يكافأ تاريخه المشرق بأن يقتل ابنه، ليمضي هذا الصحفي الكبير بقية حياته مع هذا الحجم من الأحزان والآلام، وكأن بعض أفراد مجتمعه لا يملك شيئاً من وفاء، أو بعضاً من حب، بل وكأنه لا يعي قيمة الحياة وجمالها، ولكن هذا ما حدث!.
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
لندن تودع حافلاتها الشهيرة ذات الطابقين
|
ودع سكان العاصمة البريطانية حافلاتها التقليدية الشهيرة ذات الطابقين التي ظلت على مدى نصف قرن من العلامات المميزة للندن مثل ساعة بيج بن.
وظلت الحافلات الحمراء المميزة التي يعشقها السياح وسكان لندن على السواء تجوب شوارع المدينة منذ عام 1956 إلى ان اعتبرت مركبات عتيقة مُكلفة وبدأ إحالتها للتقاعد تدريجيا منذ الثمانينيات.
وفي الاسبوع الماضي تدافع صحفيون ومتحمسون إلى جانب حشود اصطفت في الشوارع لرؤية آخر تلك الحافلات التي تحمل رقم 159 تنطلق لآخر مرة من شارع اكسفورد إلى مرآب الحافلات في بريكستون بجنوب لندن ليُسدل الستار على عهدها. وعلى عادتها انطلقت الحافلة متأخرة!!.
ولكن على غير العادة أحاطت بها قوات الشرطة ومودعون لإلقاء النظرة الأخيرة. ويرى الكثيرون أن هذه الحافلات -التي بها محصل وأجراس تعمل بخيط يسحب وسلم خشبي داخلي في المؤخرة يسمح للركاب بالصعود للطابق الأعلى والهبوط حتى أثناء سير الحافلة- من الكلاسيكيات التي لا يمكن تعويضها. وقال الكهربائي المتقاعد جون ريكارد (70 عاما) لرويترز انها جزء من لندن وجزء من تاريخي. كان المحصل يعطي الرحلة نكهة خاصة.
اعتدنا على رؤية شخصيات حقيقية. وأصبح للحافلة الشهيرة موقع على الانترنت. وقال ترافيسيالبورو مصمم موقع الحافلة التي أحببناها انها انتجت في لندن ومن أجل لندن. إنها الأخيرة من نوعها.
واضاف قائلا لرويترز: هناك ارتباط عاطفي قوي بهذه الحافلات.
وأحدث حافلة من هذا النوع صنعت عام 1968م وصممت الحافلات لتعمر 17 عاما على الأكثر. وعندما اقتربت الحافلة 159 من محطتها الاخيرة لوح طلبة المدارس بأعلام المملكة المتحدة وأصدروا صيحات عالية.
واحتشد مئات المودعين مع السكان المحليين في مرآب بريكستون، ومنذ أواخر الخمسينيات صعد عدد لا حصر له من زوار لندن السلالم الضيقة وجلسوا في المقاعد الأمامية في جولة تفقدية رخيصة لأرقى معالم المدينة.
وفي أوج مجدها كانت 2760 حافلة تجوب العاصمة البريطانية، ولن يذرف الجميع الدمع على احالة تلك الحافلات للتقاعد لأن تصميمها لم يكن يسمح للمعاقين والآباء الذين يدفعون أطفالهم في عربات بركوبها.
والحافلات التي ظهرت في الكثير من الافلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية لن تختفي تماما حيث سيستمر عدد قليل منها في السير على اثنين من الطرق القديمة ليتمكن عشاقها من مشاهدتها.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|