|
المشهد الكريه!!
|
أضع يدي على قلبي من حين لآخر كما يفعل كل منكم..
لأقيس نبضه..
وأتحسّس دقاته المتسارعة..
كلما مرَّ بي موقف يزعجني أو حالة لا أرضى عنها..
أو حين يثيرني مشهد، ولا حيلة لي في التدخل لتغيير صورته.
***
هذه حالة من حالات عدة يمر بها كل منَّا، فتصدمه، وتعكِّر عليه مزاجه، بينما يبقى الأقوى هو المتسلِّط وسيِّد الموقف، الممارس لكل ما يسيء إلى الإنسان، دون أن تتحرَّك نوازع الخير في سلوكيات الظَّلمة في هذا الكون، بأن لا يمارسوا هذا السلوك المقيت..
إنه صراع مستمر ومتواصل بين القوي والضعيف، بين الخير والشر، لكن نتائجه غالباً ما تأتي مدمرة للطرفين، للأبرياء وللمعتدين، حتى وإن اعتقد القوي بأن شهوة الاعتداء ستقوده إلى الانتصار.
***
ولا أحد من هؤلاء الظَّلمة فكَّر بمثل هذه النهاية، أو قادته خبرته إلى ممارسة سلوك آخر يجنب العالم هذه المآسي المتواصلة، بأمل أن يستظل الجميع بين أشجار الخير والسلام والوئام..
إذ لو فعلوا ذلك لأراحوا واستراحوا، ولرأينا مجتمعاً عالمياً مثالياً نظيفاً من أسلوب القمع والتسلّط والإرهاب والقهر، ومن هذا الجحيم الذي يسود دول العالم الآن.
***
يعنيني العراق الذي يبحث شعبه عن الأمان والعيش الكريم، زاهداً بكل الوعود الأمريكية البرَّاقة والخادعة من حرية وديموقراطية وحقوق للإنسان التي بشَّرت بها الإدارة الأمريكية مع بدء غزوها للعراق..
ويهمني لبنان الذي يبدو أنه أصبح حقلاً للتجارب في إثارة الفتن والصراع بين شرائح المجتمع، استجابة وتأثيراً لتوجهات خارجية لا تريد الخير للبنان..
وهكذا مع فلسطين التي يؤلمني وضعها الذي لا يكتفي العالم بمشاهدة العدوان الإسرائيلي المتواصل على شعب أعزل دون موقف مسؤول يكبح جماح وشهوة هذا العدوان ويوقفه عند حده، وإنما يدعمه ويشجعه ولا يرى بأساً من استمراره، باستخدام أمريكا لحق النقض (الفيتو) نيابةً عن الآخرين ضد أي قرار يدين هذا العدو المتعجرف.
***
كثيرٌ من المشاهد الدامية في السودان والصومال وأفغانستان تستفزني هي الأخرى، فأتمنى لو أن شعوبها فوَّتت على القوى المعادية فرصة الإضرار بمصالحها بموقف تاريخي يسجَّل لها..
ولن أدخل في التفاصيل الدقيقة عن مآسي هذه الدول أو في حديث عن مآسي غيرها مما تكتوي هي الأخرى بنماذج من الممارسات القمعية التي يقودها العدو باسم الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان والقضاء على الإرهاب.
***
ما أتمناه، وما يدخل ضمن هواجسي، هو أن أرى دولنا العربية متفقة في الرأي، ومنسجمة مع بعضها في المواقف، لأن قوتها في اتحادها والتزامها بالمبادئ التي تجمع ولا تفرّق، وصولاً إلى ما يؤدي إلى تحقيق مصالح شعوبها، وبالتالي احترام الأقوياء وغير الأقوياء لإرادتها..
ومثلها تستطيع الدول الإسلامية أن تلتقي عند أهداف واحدة، وبخاصة مع تمادي العدوان بشهية مفتوحة، بدليل ما تعرَّض له القرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وسلم من إساءات ما كانت لتحدث لو كانت الدول العربية والدول الإسلامية قادةً وشعوباً على قلب واحد.
***
لقد شعرت بالألم قبل أن أكتب عن هذا الموضوع، وانتابني الخوف من أن تمتد استهانة العالم بنا إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير، في ظل هذا التراخي من الدول العربية والإسلامية أمام ما يحاك ضدها من مؤامرات..
وأنا على يقين بأن احترام العالم لنا - وهذا هو الأهم - لن يتأتى ولن يتحقق إلا من خلال احترامنا لأنفسنا، ومن شعورنا بأننا أقوياء بإيماننا وعقيدتا وثقتنا بأنفسنا، وهي أمور جوهرية ينبغي أن تسود سلوكنا، وعندئذٍ لن تكون دولنا مطية للعدو، أو حقلاً لتجارب أسلحته المدمِّرة.
خالد المالك
|
|
|
فوضى العراق وطرق معالجتها
|
* بقلم: هيلينا كوبان(*) / ترجمة - محمد الزواوي
لقد أدى استمرار وجود القوات الأمريكية بالعراق إلى إحداث أضرار كبيرة لكل من العراقيين وأفراد الجيش الأمريكي على حد سواء، كما أن ذلك أدى إلى صرف أنظار أمريكا عن تحديات خطيرة في مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك التهديد النووي الكوري الشمالي.
فقد أصبحت الحياة بداخل العراق أقل أمنا كل يوم بدءاً من عام 2003، والآن وصلت البلاد إلى حالة كارثية، كما أصبحت وعود بوش ومساعدوه حول مساعدة الشعب العراقي في بناء ديموقراطية مستقرة بمثابة ذكريات بعيدة ومحطمة الآن، بسبب ذلك العنف المرعب متعدد الأنواع الذي اجتاح البلاد.
لقد حان الوقت لسحب القوات الأمريكية من العراق، كما حان الوقت أيضاً في الداخل الأمريكي لمحاسبة أولئك الذين اتخذوا تلك القرارات الكارثية التي جاءت بالقوات الأمريكية إلى العراق من البداية في ضوء نتائج انتخابات الكونجرس التي فاز بها الديموقراطيون.
تكلفة الحرب
إن القرار الطوعي الذي اتخذه الرئيس بوش لغزو واحتلال العراق قد كلف الولايات المتحدة غالياً؛ فالشعب الأمريكي يدفع الآن 7 مليارات دولار شهرياً للمحافظة على الوجود العسكري هناك، خلاف النفقات غير المالية التي كانت أيضاً باهظة، فقد لقي أكثر من 2740 جندياً أمريكياً مصرعهم إلى جانب مئات الآلاف من المواطنين العراقيين، إضافة إلى الآلاف المؤلفة الأخرى التي أصيبت بجراح جراء ذلك، كما تمزقت العديد من الطوائف العراقية بسبب السياسات الجديدة والانقسام الطائفي والعنف، وقد قال 80% من الشعب العراقي إن الجيش الأمريكي يغذي صراعات أكثر من تلك التي يمنعها، طبقاً لإحصاء أجراه موقع WorldPublicOpinion.org، وأكثر من 70% يريدون سحب القوات الأمريكية في غضون عام.
إن التورط الأمريكي بالعراق قد حد بصورة كبيرة من مكانة أمريكا في العالم، كما أدى إلى تقليل قدرة الولايات المتحدة وحلفائها بصورة كبيرة على تحريك المصادر المطلوبة لمواجهة التحديات العاجلة في أفغانستان، وكوريا الشمالية. ففي أفغانستان ظهرت حركة طالبان من جديد على أنها قوة خطرة في بعض أجزاء من البلاد، وأما في كوريا الشمالية فقد قامت قيادتها بإجراء أولى تجاربها النووية مؤخراً.
والتحدي الآن هو كيفية الخروج من تلك الفوضى في العراق. وآمل أن الكونجرس المنتخب الجديد يستطيع أن يعمل عن كثب مع الرئيس وأن يؤكد على موقفه إذا ما استلزم ذلك لتحقيق انسحاب للقوات الأمريكية يكون سريعاً ومنظماً وكاملاً وكريماً.
إن الشعب الأمريكي يشعر بأنه كان سبباً في المعاناة الطويلة والآلام الكبيرة التي تكبدها الشعب العراقي، ولهذا السبب فإن انسحابنا من العراق يجب أن يكون كريماً من الناحية الاقتصادية كما هو من الناحية السياسة. ولكن هذا لا يعني أننا ملتزمون بالإبقاء على جنودنا داخل العراق لمحاولة (إصلاح) البلاد. ففي هذه النقطة تحديداً فإن جيشنا يبدو غير مؤهل تماماً للعب ذلك الدور. وحتى نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي الذي كان في السابق موالياً لأمريكا يقول الآن ان الولايات المتحدة ساهمت بصورة كبيرة في إحداث المشكلات التي حلت ببلاده.
لذا فإذا ما أعلنت واشنطن عن جدول زمني يكون ثابتاً وسريعاً لسحب القوات من العراق، فإننا نستطيع أن نتوقع دعماً من أكبر قاعدة العراق الذين سيعملون بجد من أجل جعل ذلك الانسحاب ممكناً بطريقة سلمية ومنظمة، وعندما يتعاونون معاً من أجل ذلك فلربما يكتشفون طرقاً جديدة للعمل مع بعضهم البعض، ويجب علينا أن نشجع مثل ذلك التعاون. كما يجب على الدول المجاورة أن تشارك أيضاً في ذلك التعاون، سواء في تسهيل خروج أمريكا أو في قواعد التفاوض حول قواعد اللعبة في العراق وفي المنطقة بكاملها في مرحلة ما بعد الانسحاب.
ويجب على واشنطن أن تطلب من الأمم المتحدة أن تعقد مؤتمرين عاجلين للمساعدة في خطة الانسحاب: الأول يتعلق بالفصائل الداخلية العراقية، والآخر للعراق وجيرانه والولايات المتحدة. والمؤتمر الأخير يجب أن يشمل كلاً من إيران وسورية، إلى جانب الدول الحليفة للولايات المتحدة مثل الأردن والسعودية والكويت وتركيا، نعم يجب دمج إيران داخل تلك العملية من أجل أن نبدأ في حل مشكلات العراق، وهذا من شأنه أن يصنع تغيراً استراتيجياً كبيراً في منطقة الخليج بأكملها.. ولكن واقعياً، ما هي البدائل؟
فإذا ما استمرت الإدارة الأمريكية في تصعيد سياساتها لتصل في النهاية إلى نقطة الهجوم العسكري ضد إيران، فمن المؤكد أن النتيجة سوف تكون أسوأ بكثير عن تلك التي نتجت عن غزو العراق، ولهذا السبب فإنني أجد أنه من الصعب التصديق بأن الإدارة الأمريكية سوف تهاجم إيران بالرغم من أن ذلك لا يزال محتملاً.
الابتعاد عن الخيار العسكري
إن واشنطن بحاجة إلى عملية مكثفة لإعادة تخطيط ليس فقط كيفية تعاملها مع العراق وإيران وأفغانستان، ولكن أيضاً لكيفية استجابتها للتحديات العالمية على المدى الأوسع وبصورة عامة. تحت قيادة الرئيس بوش التعاملات الدولية للإدارة الأمريكية جنحت وبقوة تجاه الخيار العسكري، في حين أن العمل الراسخ والدائم لبناء علاقات دولية والعمل في إطار المؤسسات تم تجفيف منابعه وتقليل قدره، بتلك النتائج التي حدثت والتي نراها اليوم في كل من العراق وأفغانستان وكوريا الشمالية ومناطق أخرى من العالم.
لذا فإن إعادة توجيه أنظار واشنطن باتجاه الدبلوماسية لم يكن أكثر ضرورة من اليوم، وهو الطريق الوحيد الآن لاستعادة النظام والاستقرار للنظام العالمي الذي أضير بصورة كبيرة بسبب التهور العسكري الأمريكي في السنوات الخمس الماضية.
(*) مؤلفة كتاب (مداواة الدول بعد المذابح وجرائم الحرب)
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|