|
بفلسطين أم بدونها..؟!
|
في فلسطين حيث سنابل الأمل وبانتظار ما هو أجمل..
وحيث يطول الانتظار بمولد دولة تلمُّهم من الشتات..
فيما أن هناك من أبنائها من يقدم لها حياته ومن يهب نفسه شهيداً من أجلها..
وهناك منهم من يمضي عمره سائحاً يستمتع ويأنس بأجمل شواطئ العالم ومنتجعاتها بعيداً عن هموم أهله ومعاناة مواطنيه..
وبين هؤلاء وأولئك بدأت ولاتزال قصة مأساة فلسطين بكل آلامها وأحزانها وقد لا تنتهي..
وفي فلكها ندور وتدور معنا هذه القضية بأبعادها التاريخية والإنسانية دون أن نصل إلى شاطئها بأمان..
***
بين تنظير هؤلاء الانهزاميين من أبنائها الراكضين خلف وسائل الإعلام بحثا عن الشهرة وتسجيل أسمائهم في دفتر الحضور ليس إلا..
وأولئك الأبناء الذين أعطوا لهذه القضية الدم والمال والوقت وأرخصوا من أجلها كل شيء ولم يغب أمل التحرير لحظة من حياتهم..
بين هذين الموقفين..
حضور فاعل..
وغياب مرير..
شجاعة..
أو خوف..
تبقى فلسطين بزيتونها وعنبها ومقدساتها وأهلها مكبلة في سجون إسرائيل..
***
بين من مسه الإحباط وأصابه اليأس من الأبناء باستحالة أن يعود الوطن السليب إلى أهله منشغلاً بنفسه وبما هو أدنى..
وأولئك الذين يقدمون ملامح أسطورية وبطولية من النضال والكفاح ضد عدو شرس لإرغامه على القبول بالدولة الفلسطينية المنتظرة وعاصمتها القدس..
بين هؤلاء وأولئك تبقى فلسطين وتحريرها هي الهدف الأسمى لذوي الضمائر الحية في مقابل مواقف استسلامية انهزامية مع وعودٍ لحلٍّ قد لا يأتي..
***
فلسطين.. كل فلسطين..
هي الكبرياء التي تعلمناها في مدارسنا..
والكرامة التي قالها الآباء والأمهات لنا..
فماذا أصاب بعض القوم ليروِّج للفرح الذي لن يأتي؟..
ما الذي غَيَّر النفوس وأفسد علينا انتظار الحل العادل الذي قد يطول؟..
ومن يكون السبب في أخذنا اليوم وعلى حين غِرَّة إلى ما نحن فيه؟..
كيف يجرؤ بين ظهرانينا من يتصرف كما لو أنه كان مهزوماً من الداخل وقد نفض يده من القضية وألجم لسانه عن الكلام المنافح عنها؟..
***
أسئلة..
مجموعة أسئلة..
ولا جواب..
فوا أسفاه..!!
خالد المالك
|
|
|
الخطر يعود مجدداً التسمم بالرصاص... يحيط بنا من كل جانب
|
إعداد: د. عبد العزيز بن محمد العثمان
تلقيت دعوة كريمة من الإدارة العامة للصحة الوقائية بوزارة الصحة للمشاركة بمحاضرة في دورة تنظمها الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية حول التسمم بالرصاص. وقد تناقشنا على مدى ثلاثة أيام حول المشكلة وسبل التعرف عليها وطرق الوقاية منها وعلاجها، فتحدث خبير منظمة الصحة العالمية عن المشكلة في الدول الغربية وتحدثنا عن المشكلة محليا، وبصراحة ازددت قناعة بضرورة إيجاد حل للمشكلة قبل أن تتفاقم.
حضر الدورة مختصون في مجالات شتى من بعض الوزارات والهيئات المعنية ولم يكن لدى أي منهم اختصاص في موضوع الرصاص، أظنكم ربما تقولون إن مشكلة الرصاص من بنزين السيارات وقد منعت ولله الحمد فماذا بقي أن يقال؟ ما رأيكم لو اقتنعتم بأن المشكلة كبيرة وتستحق مزيدامن العناية، يبدو أنكم لا تملكون الخيار بالموافقة أو عدمها إلا أن تقلبوا الصفحة وتتركوني ومشكلتي .. أرجوكم لا تفعلوا ... وأعدكم أني سأحاول عدم إقحامكم في متاهات البحوث العلمية والمشاكل الطبية.
واقعة مؤلمة
قال زميلي د. يوسف عسيري وكيل كلية الصيدلة قصة محزنة .. ما رأيكم ان تعيشوها معي؟رزقت إحدى الأمهات بنتا جميلة وبصحة جيدة وبعد الشهر السادس بدت الطفلة في غاية الروعة والجمال وفي الشهر السابع بدى أنه ستظهر بعض أسنانها وبدأت الطفلة تبكي فقيل للأم ان البكاء بسبب التسنين، ولدينا الحل الأمثل المجرب لتخفيف ألم التسنين المزعج تضعين مرة وعشبه أخرى وثالثة نسيت اسمها واخلطيها ببعض على شكل عجينه وضعيها بين فكي الطفلة.
وفعلت الأم المطلوب مع زيادة لتضمن النتائج الحسنة وبالفعل توقف بكاء الطفلة بل انها نامت ولكن طال نومها فلم تفق كامل يومها ولا اليوم الثاني ولا الثالث .. أخذتها للمستشفى.. قالوا لها ان الطفل في حالة إغماء .. وقالوا إن لديها مرضا بالمخ سأذكره لكم لاحقا .. ثم تنبه أحد الصيادلة لمشكلة وقال لماذا لا نجرى اختبار الرصاص في الدم .. وبالفعل وجدوا ان نسبة الرصاص مرتفعة وفي اليوم 27 من بداية المشكلة توفيت الطفلة لأن التدخل لعلاج المشكلة صار متأخرا والجرعة عالية ثم ذكر المحاضر قصصا أخرى مشابهة لدرجة اننا رأينا ان تكون إحدى التوصيات للأطباء إجراء فحص مستوى الرصاص في الدم لكل طفل تكون لديه تلك المشكلة، معدل حوادث التسمم الغذائي لدى الأطفال المبلغة للإدارة العامة للصحة الوقائية بوزارة الصحة 1250حالة سنويا، فيما بلغت نسبة التسمم الدوائي والكيميائي بين الأطفال للعام 2002 نحو 47% من إجمالي الحالات، وهناك مسببات للتسمم من البيئة مثل التسمم بالمبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة والمواد البترولية والاستخدام الخاطئ للأدوية إضافة إلى التسممات الغذائية، ولكني سأقتصر في الحديث عن التسمم بالرصاص لعدة اعتبارات.
ما الرصاص؟
الرصاص مادة ثقيلة تستخدم في الصناعة مثل صناعة بطاريات السيارات والبطاريات الجافة والبويات ومواد البناء ومواد العزل كما يحدث في غرف الأشعة لحام المعادن وخاصة عند حفظ الأغذية في صفائح أو علب معدنية، كما يدخل في صناعة الأدوات المعدنية والمواد الخزفية بالذات المزخرفة وكذلك يوجد في التبغ.
ويضاف أحد مركباته لتحسين خواص وقود السيارات في مثل الرصاص الخارج من عوادم السيارات اكبر ملوث لجو المدن ذات الكثافة العالية من السيارات،ويبقى عالقا في الجو لمدد طويلة، كذلك عمليات التعدين والحفر في المناجم وعمليات صهرالرصاص وتصنيعه لعمل مواسير المياه والصرف الصحي والوصلات المختلفة، كما يدخل في صناعة كثير من الأدوات الصحية وفي كثير من أصباغ الشعر ومساحيق التجميل وأحبار الطباعة وأقلام الرصاص وبعض المبيدات.
وأخطرها دهانات لعب الأطفال، كثير من الأجهزة المنزلية يدخل الرصاص في تركيبها حيث يدخل في تصنيع كثير من الأجهزة الإلكترونية من تليفزيونات وراديوهات ومسجلات وأجهزة فيديو ويكثر وجودها في لوحات الدوائر الكهربائية. كما تلاحظون المصادر كثيرة فنجد الرصاص أين ما ذهبنا.
كيف يصل إلينا الرصاص؟
لسوء الحظ يمكن امتصاص الرصاص عن طريق الجهاز الهضمي مع الطعام والشراب وعن طريق الجلد من الهواء والغبار والرئتين أثناء التنفس، ويختلف الأشخاص في مدى تأثرهم بالتلوث بالرصاص فأكثرهم تأثرا به هم صغار الأطفال نظرا لسعة المساحة الجلدية مقارنة بمعدل وزن الجسم وزيادة الامتصاص المعوي وارتفاع معدل الأيض، كما أنهم يستهلكون نسبة أكبر من الهواء والغذاء بالنسبة لكل كيلو غرام من وزن الطفل مقارنة بالكبار، إضافة لسرعة معدل النمو، كذلك الحوامل لديهم قابلية عالية لامتصاص عنصر الرصاص.
التسمم بالرصاص
التسمم بالرصاص يحدث عند وجود مستوى مرتفع من الرصاص في الدم وهو سام لكثيرمن أعضاء الجسم ومع تراكمه في الجسم تتأثر أعضاؤه الحساسة مثل الدماغ والكليتين والأعصاب والدم تأثيرا سلبيا، ويمكن أن يؤدي التسمم الخفيف بالرصاص إلى اضطراب في التفكير والسلوك ويمكن أن يؤدي مستوى الرصاص المرتفع في الدم إلى حدوث فقر دم وضعف في السمع وتأخر واضطراب في النمو وحتى فقدان الوعي.
وقديحدث للكلى التهابات مزمنة قد ينتج عنها فشل كلوي يزداد وضوحا عند الإصابة بالنقرس. وبالنسبة للكبد فإن الرصاص قد يتسبب في حدوث التهاب كبدي قد يتطور إلى تليف كبدي ودوالي في المريء ثم ارتفاع في حموضة المعدة والإثنى عشر.وقد تنتهي بغيبوبة كما يحدث عقما للرجال والنساء كما قد يتسبب في إجهاض الحوامل.
مصادر الرصاص
نجد الرصاص في أماكن استخدامه وتصنيعه ولكن هناك أماكن يكثر فيها وتكون في محيط بيئتنا وقد تكون في أماكن غير متوقعة، بمعنى أنها تأتينا وتغزونا في عقر دارنا. ومن أكبر مصادر التسمم بالرصاص:
1 الدهان أو البويات ومن أخطرها رقائق الدهان الناجمة عن استخدام الدهان القديم، ويسميه البعض غبار الدهان أي أن الدهان القديم يتحول إلى ذرات متطايرة.
2 ماء الصنبور في البيوت التي تحتوي على أنابيب تمديد مياه رصاصية.
3 التراب الحاوي على الرصاص ففي بعض مناطق شمال المملكة تزداد نسبةالرصاص في التربة.
4 بعض أدوات التسلية مثل الزجاج الملون الألوان مواد اللحام الأثقال المستخدمة في صيد السمك .
5 غبار العمل الذي يحمله العاملون بالرصاص من مكان عملهم إلى المنزل على ثيابهم .
6 الأطعمة والمشروبات المخزنة في أوان كريستالية رصاصية أو في صحون السيراميك المطلية بمواد تحتوي على الرصاص .
7 الغبار المتجمع في المباني القديمة والمستودعات والأرفف التي لم تنظف لفترات طويلة.
8 بعض الأدوية الشعبية المحتوية على الرصاص مثل الكحل والمر وغيره من الأنواع غير الجيدة التي قد اختلطت بالتراب أثناء جمعها أو تصنيعها.
خطورة الكحل
وقد أجريت أبحاث علمية على الكحل التقليدي والمخاطر الصحية التي قد تنجم من جراء استخدامه للعين وتحليل مادة الكادميوم والرصاص واللذين يدخلان أصلا في مكونات الكحل حيث أظهرت التحليلات والدراسات العلمية الدقيقة بأن هذين العنصرين يشكلان خطرا كبيرا على صحة الإنسان خاصة على المدى البعيد من مستخدمي الكحل بشكل دائم ومستمر. وحسب ما ذكره الدكتور محمد الطفيل رئيس قسم السموم بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بأن أكثر التركزات كانت في الأنواع المستوردة من الدول الآسيوية وبشكل خاص من الهند وباكستان، وهنا يجب توضيح نقطة صغيرة لكنها مهمة وهي ان قضم الأظافر الدائم يؤدي إلى تسرب الرصاص مع اللعاب إلى الجهاز الهضمي ومن ثم إلى الدم.
علامات التسمم
التعب الهياج آلام في العضلات والمفاصل صداع مغص في المعدة تغير في السلوك كالانتباه والنشاط تدني مستوى الدراسة عند الأطفال.
أكدت دراسة أمريكية حديثة ان التسمم بالرصاص قد يكون السبب وراء ظهور بعض حالات الخروج على القانون بين الشباب والصغار. أما أخطر أعراض التسمم بالرصاص عموما فهو ما يعرف باسم مرض دماغ الرصاص (lead encephalopathy) وينشأ نتيجة ارتفاع نسبة الرصاص بالدم إلى درجة كبيرة تسمح بعبوره الحاجز الدموي الدماغي مما يؤثر علي الجهاز العصبي وتظهر الأعراض على شكل نوبات تشخيصية صرعية تتبعها غيبوبة قد تؤدي بحياة الشخص ومن أعراض التسمم المزمن بالرصاص في الجهاز الهضمي تكون خطوط زرقاء في حواف اللثة عند التقائها بالأسنان وخاصة إذا لم تكن هناك عناية بتنظيف الفم والأسنان.
ويصحب التسمم المزمن بالرصاص وجود مغص وآلام تشنجية بالبطن تعرف باسم مغص الرصاص (lead colic) الذي تخف شدته عند الضغط على البطن أو باستخدام المواد المضادة للتقلصات وقد يصاحب ذلك إمساك شديد.
الحماية من التسمم بالرصاص
1 يجب فحص المنزل إن كان به دهان يحتوي على الرصاص والتخلص من الدهان القديم مع ملاحظة البعد تماما عن مكان العمل بالذات اثناء صنفرة او حرق الدهان القديم لأنه خطير جدا.
2 قد تحتاج لفحص أطفالك للتأكد من عدم التسمم بالرصاص ان كنت تتوقع وجود أحد مصادره في البيئة المحيطة.
3 افحص مستوى الرصاص في ماء الصنبور إذا كانت أنابيب المياه في المنزل رصاصية.
4 في الصباح افتح ماء الصنبور واتركه قليلا بحيث لا تستعمل الماء في البداية حيث يتركز فيه الرصاص.
5 يجب غسل اليدين قبل الطعام .
6 يجب تغذية الأطفال بطعام يحتوي على الكثير من الكالسيوم والحديد والإقلال من الأغذية الدسمة فالأطفال الذين يتغذون بشكل جيد لا تمتص أمعاؤهم الكثيرمن الرصاص .
7 عدم الجوع لمن يمكن تعرضه للرصاص لأن امتصاص المعدة للرصاص يزداد مع الجوع.
8 على العاملين في أي من المصانع التي تستخدم الرصاص ان يغيروا ملابسهم قبل الذهاب للمنزل.
9 نظرا لدخول الرصاص في أحبار طباعة الصحف فإنه ينصح بعد استخدام ورق الصحف في تغليف المواد الغذائية أو في امتصاص الزيت الزائد بعد قلي الخضراوات كمافي حالتي البطاطس والباذنجان كما ينصح بغسل الأيدي جيدا بعد قراءة الصحف.
علاج التسمم
يكون إبعاد المريض عن مصدر التسمم أساسا مهما في علاج حالات التسمم بالرصاص ويتم ذلك في بعض الأحيان عن طريق تغيير طبيعة العمل بحيث يتوقف تعرض المريض إلى جرعات جديدة من الرصاص.
وتعتمد السياسة العلاجية للتسمم بالرصاص على عدم السماح بتجاوز مستوى الرصاص بالدم حدا يفوق قدرة الكلى على إخراجه.
وتستغل خاصية تشابه سلوك الرصاص بالجسم مع سلوك الكالسيوم في توجيهه للترسيب بالعظام حيث يعطي المريض فيتامين د ومواد قلوية لتشجيع الترسيب بالعظام ثم يتم تخليصه منه تدريجيا.
وتستمر فترة العلاج من ثلاثة إلى خمسة أيام كل ما سبق يؤكد لنا خطورة التلوث بالرصاص وأهمية تنقية الماء والهواء والغذاء من مصادر التلوث به ويمكن ذلك باستبدال شبكات المياه الرصاصية وكذلك الوصلات الرصاصية ببدائل آمنة وعدم استخدام الرصاص في لحام صفائح ومعلبات الطعام واستبدال الدهانات الرصاصية بأخرى مأمونة ومنع إضافة الرصاص لوقود السيارات.
أبحاث غير كافية
أثبتت دراسات أجريت في كل من جامعة الملك سعود مركز الأبحاث بمستشفى الملك فيصل التخصصي الإدارة العامة للصحة الوقائية وجود ارتفاع في نسبة الرصاص في الدم بصفة عامة لدى أطفال المدارس الواقعة في المناطق ذات الكثافة المرورية العالية.
وهناك مجموعة أبحاث أخرى ناقشت الموضوع من جهة انتشار الرصاص في البيئة بالذات في المدن الكبرى ودرست بعض مصادره. وقد عملت أبحاث أخرى حول وجود الرصاص في حليب الأمهات، من أهمها وآخرها بحث أجرته إحدى طالباتي لمرحلة الماجستير وسننشر نتائج البحث بعد أن تناقش الرسالة قريبا إن شاء الله، وألمحت جريدة الوطن العمانية إلى إشارة الأمير تركي بن ناصر (ان صدور الأمرالسامي القاضي بإنتاج البنزين الخالي من الرصاص واستخدامه أدى إلى تخفيف انبعاث الرصاص من قطاع النقل بنسبة 100% حيث كان هذا القطاع مسؤولا عن انبعاث حوالي 4 آلاف طن سنويا من الرصاص إلى بيئة المملكة).
ولكن بقي أن أقول إن الرصاص يمكث في الجسم لعدة سنوات، وكما أن الرصاص في البنزين خطير لكنه ليس الملوث الوحيد.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|