|
ثرثرة.. ومناسبتها..!
|
أحاول أن أكتب لكم شيئاً هذا الأسبوع..
وفاءً لالتزام عوّدتكم عليه..
لا ادعاءً مني بأني أكتب لكم ما أزعم أنه يمثل هواجسكم أو يقترب منها..
غير أن ما هو أهم عندي من هذا الالتزام إن لامس أصلاً شيئاً من رضاكم أو بعضاً من قناعاتكم هو ثبات الكاتب عندما يكتب على المبادئ والتزامه بالقيم وشعوره بالمسؤولية، وهذا ما لا ينبغي أن يساوم الكاتب عليه..
***
أحياناً قد لا تملك الوقت للكتابة بأدبيات جميلة..
في بعض الأحيان ربما اخترقت وقت الكاتب مؤشرات تعيق مولد الكلمة المؤثرة ..
وفي أحسن الأحوال قد تنزل الكلمات وتتوالد الأفكار كغيمة حطت رحالها وماءها وهواءها عليك..
لكن في مثل هذا الجو الجميل..
الملبّد بالغيوم..
بمطره المدرار..
وهوائه العليل..
أين هو اليوم منا..؟
متى نحتفي به جميعاً..؟
ويسعد به كل إنسان..
دون أن يغيب عنه أحد..
أو يحرم منه فرد..
أين هو اليوم..؟
***
كل كلمة..
وكل سطر..
كل رأي..
أو وجهة نظر..
محسوبة على الكاتب..
باعتبارها مرحلة من عمره..
ومحطة في حياته..
وهي جزء من تاريخه..
بمعنى أن عليه أن يكتب ما لا يؤذي هذا التاريخ أو يشوهه..
بالتزامه بهذه القيم..
وتلك المبادئ..
دون أن يشط عن هذا الخط..
أو ينحرف عن مثل هذا السلوك الحسن..
***
أتلهى بمثل هذه الثرثرة..
لأفي فقط بالتزامي معكم..
ولأتشاغل بها عن هذا الجو المأساوي الذي نعيشه الآن..
حيث يواجه شعب العراق هذه الحمم من نيران أمريكا وبريطانيا..
في هجمات مدمرة وقاتلة وغير مبررة..
إنهم يقتلون كل شيء يتحرك على الأرض..
بلارحمة..
ولا شفقة..
ولا تأنيب للضمير..
ومن دون استثناء لقصر أو جسر أو شجر أو حجر..
***
أعتذر..
فلا شيء يمكن أن يُكتب..
في مثل هذا الجو المشحون بكل ما يكدر الخاطر ويؤلم النفس، فيما العرب يتفرجون ويختلفون ويقرأون مستقبلهم بشكل خاطئ.
خالد المالك
|
|
|
بعد تردده «البذخي» على الملاهي الليلية سقوط النيجيري مزوِّر الجوازات للأفارقة
|
قد يقسو الأب على ابنه بهدف تهذيبه وتقويمه.. لكنه حتما لا يقصد أن يحطمه أو يدمره أو يحوله إلى وحش كاسر أو مريض نفسي ضعيف الشخصية.
وقد أكد ابن خلدون رائد علم الاجتماع أن قسوة الوالد على ولده لا تثمر إلا أفراداً ضعاف الشخصية أذلاء تعودوا على امتهان كرامتهم، غير أن حالتنا مع س.د (16سنة) أحد ضحايا قسوة الآباء مختلفة.
س.د آخر العنقود لسبعة أشقاء ولكنه لم يعامل يوما كابن أصغر.. لم يدلل مثل باقي الأطفال.. لم يكن له نصيب من عطف وحنان والده بائع الفاكهة وإنما نصيبه الأكبر أو الأوحد هو العقاب المستمر على اتفه الأسباب، ورحمة من الله بهذا الطفل فقد كان يجد كل ما حرم منه من حنان وعطف عند جده لوالده فكان له الملاذ من قسوة والده، فإذا حاول أن يضربه والده كان جده يتصدى له.. وكانت أول صدمة يتعرض لها هي وفاة جده، حزن عليه حزنا شديدا حيث فقد بوفاته العطف والحنان والحماية من قسوة وعنف والده.
استمر والده على معاملته له دون رحمة به يوميا.. فأي خطأ يرتكبه يكون جزاؤه الضرب المبرح والتهديد بالطرد من المنزل، لم يجد الطفل أمامه سوى قبر جده فكان يهرب إلى المقابر ويقضي ليله كله بجوار قبر جده يلتمس من التراب الحنان وسط الظلام والأموات.
أمان واطمئنان
في البداية كان يشعر بالخوف ولكن وجود قبر جده كان يعطيه الإحساس بالأمان والاطمئنان، ولكنه في إحدى المرات شعر بأشياء غريبة وأحاسيس لم يشعر بها من قبل ونظراً لصغر سنه كان غير قادر على تفسيرها.
بعدها بدأت تنتابه حالات تشنج لا يعرف ماذا يحدث له خلالها ولكنه كان يسمع من أصدقائه وجيرانه قصصاً وحكايات كثيرة عما يحدث له أثناء النوبة التي تنتابه بين الحين والأخر، اصطحبه والده إلى طبيب أمراض نفسية فكان يقوم بعمل جلسات كهربائية له كانت تسبب له تعبا جسمانيا وآلاما شديدة بعدها.. ومما زاد من كرهه لهذه الجلسات العلاجية أنه كان يسمع من زملائه وأقاربه أنه يذهب إلى دكتور المجانين مما كان يزيد من توتره ويشعره أنه مجنون على الرغم من أنه مدرك لكل شيء باستثناء ما يحدث له أثناء النوبة.
مضى س.د في رحلة علاجه عند طبيب الأمراض النفسية شهورا دون أي نتيجة أو تقدم ملحوظ في علاجه فبدأ يرفض الذهاب إلى عيادة الطبيب النفسي.
وقد شوهد خلال إحدى نوبات هياجه وهو يجري خلف الأطفال وينبح مثل الكلب والأطفال يجرون خوفا منه، والغريب أنه بعد أن يفيق من حالته كان يعود لطبيعته وينام نوما عميقا وفي الغالب كان يقص ما حدث في صورة حلم.
وتكرر هذا الموقف عدة مرات.. وتدخلت الأم التي رأت أن الطب عجز عن علاج ابنها فوجدت الحل عند الدجالين واصطحبت معها س.د وهناك فوجئ س.د بأن الدجال يصف له حالته والأعراض التي يشعر بها دون أن يقول له أحد شيئاً، كل هذه الأمور كانت تزيد من الضغط النفسي عليه وجاء علاج الدجال الذي حول مرض س.د إلى أسطورة نسمع عنها في بلاد بعيدة ونشاهدها في الأفلام الأمريكية فكان علاجه يتمثل في مص الدماء، دماء أي طائر أو حيوان صغير، كان تفسيرالدجال أن س.د يشعر بالضعف ولذلك تنتابه هذه الحالة ولن يتخلص منها إلا بشعوره بالقوة والتغلب على أي مخلوق فمص الدماء سوف يهدئ من حالته.
خرج س.د وهو غير مقتنع بكلام الدجال فقد كان وقتها في الصف الثالث الإعدادي ومدرك أن كل هذه الأمور دجل ونصب وابتزاز للمال..
علاج وهمي
لكن العلاج الوهمي للدجال تحول إلى حقيقة فمع أول حالة هياج تنتاب س.د وجد نفسه يفتح قفص العصافير ويأخذ عصفورة ويغرس فيها أنيابه ويمتص دماءها وبعدها شعر براحة غريبة الأمر الذي جعل والدته وكل من حوله يؤمنون بأن علاج الدجال هو العلاج الصحيح فاستمروا فيه وساعدوا س.د عليه فكلما شعر بهذه الحالة يسارعوا بتقديم مخلوق صغير له يمص دماءه مرة عصفور ومرة أخرى حمامة.
تسير حياة س.د كما أوهمه الدجال ليصبح مصاصا للدماء.. وفي إحدى إجازات س.د بالمدرسة الثانوية اقترح عليه ابن خالته المقيم بالجيزة الحضور معه للبحث عن عمل في الإجازة فيوافق س.د ولكنه لم يوفق في العثور على عمل ويتشاجر س.د مع أحد المارة وتنتابه نوبة هياج شديد يستولي فيها على نقود من يتشاجر معه فيتم القبض عليه وتوجه له تهمة السرقة بالإكراه ويتم إيداعه المؤسسة العقابية بالمرج باعتبار أنه حدث عمره 16 عاما.. وداخل المؤسسة العقابية انتابته حالة الهياج وبعدها أغمي عليه وحاول س.د أن يعالج نفسه بنفسه فأوصي زملاءه بالمؤسسة أنه عندما تنتابه هذه الحالة فعليهم أن يضعوه داخل الدولاب ويغلقوه عليه حتى لا يؤذي أحدا وبالفعل قام زملاؤه بتنفيذ ما أوصى به س.د مرتين ووضعوه داخل الدولاب حتى يهدأ.
لكن عقب صلاة الجمعة انتاب نزلاء المؤسسة حالة هياج شديد وتبيَّن أن الحالة قد انتابت س.د والغريب أنهم شاهدوه يضع قطة بين أنيابه ويقوم بمص دمائها ولم يستطع أحد انتزاعها منه إلا بعد أن مص دماءها بالكامل.. وهنا شعر كل من حوله بخطورته وخاصة انه أكد لهم انه لم يشعر بأي شيء.
أمر مدير الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بعرضه على النيابة التي أمرت بإيداعه مستشفى الأمراض العقلية لمدة 45 يوما تحت الملاحظة.
هياج شديد
وبسؤال الأخصائي النفسي بالمؤسسة العقابية عن حالة س.د أكد ان س.د في حالته الطبيعية إنسان طيب القلب محبوب من كل زملائه مواظب على الصلاة إلا انه بين الحين والآخر تنتابه حالة هياج شديد وتنتهي بإغماء ثم يفيق ويرجع إلى حالته الطبيعية، وبعرضه على الدكتور عبد المقصود عبد الكريم أخصائي الأمراض العصبية والنفسية بمستشفى المطرية التعليمي أعد تقريرا مبدئيا أكد فيه أن حالة س.د هي أحد أشكال الوسواس القهري حيث تتملكه فكرة مص الدماء وتسيطر عليه هذه الفكرة فيقوم بتنفيذها للتخلص من القلق الذي يتملكه رغم علمه بعدم مشروعية ما يفعله ونصح بإيداعه مستشفى الأمراض العقلية لملاحظته لأنه قد يصبح خطرا على نفسه وعلى من حوله.
في لقاء مع س.د داخل مستشفى الأمراض العقلية أكد أنه ليس مجنوناً، وقال إنه طالب بالصف الثالث بالمدرسة الثانوية التجارية بالمنصورة وأن جميع أشقائه أصحاء وأن ما حدث له كان وليد قسوة والده تاجر الفاكهة وهروبه من القهر ونومه بالمقابر ونصيحة أحد الدجالين بمص دماء طائر أو حيوان صغير ليتخلص من حالته.
وأكد أن كل ما يقال عنه لا يعرف عنه أي شيء سوى أن من حوله يقصون عليه هذه الحكايات.. وبذلك أصبح س.د أحد ضحايا القسوة والجهل الذي حوله إلى دراكولا مصاص الدماء.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|