|
في جازان |
ثلاث مرات في غضون ثلاث سنوات قُدِّر لي أن أزور جازان أو جيزان لا أدري كيف أكتبها!! وقد كان رسم اسمها موضع خلاف واختلاف كما هو معروف بين القمتين والرمزين حمد الجاسر وعبدالقدوس الأنصاري رحمهما الله..
لم يطل المقام بي طويلاً بجازان في أيٍّ من الزيارات هذه..
وبالتالي، فلم يتبين لي بما فيه الكفاية حجم الجهد المبذول لتحديث وتطوير هذه المنطقة..
***
في كل زيارة لجازان كنت أشعر بسعادة كبيرة مع ساعات أثيرة أقضيها من عمري هناك..
وأخرج مشمولاً مثل غيري من زوارها بسخاء من العواطف ، وهي شيمة أهلنا هناك..
وما تركتها في أيٍّ من زياراتي الاّ وشعرت بالندم أن حائلاً صادفنا في الطريق وحال دون مزيد من الوقت كان ينبغي أن أقضيه بين جبالها وسهولها وبحرها الجميل..
***
وجازان بناسها، وأرضها يُحار المرء عندما يريد الاستدلال على أفضل ما يمكن أن يُقال من كلام عنها..
فهي امتداد ساحلي جميل..
وهي هضاب وجبال وسهول آسرة..
وجازان بلد زراعي متميز بأجوائه وتربته ومياهه، وتلك هبة من الله لأهلها الطيبين..
***
وهذه المنطقة على امتداد تاريخها عُرفت وعرّفت بأنها منبت للشعراء والمؤرخين والأدباء والإعلاميين والفنانين وذوي التخصصات النادرة في الطب والهندسة والاقتصاد وغيرها..
ومظلتها في كل هذا الذي يقال ويكتب ويروى عنها هو هذا الكرمُ، والشهامة، والتعامل الحسن التي تتصف بها حياة وسلوك وطبيعة الناس هناك..
***
ومنطقة بمثل هذه المواصفات..
وبكل هذا التميز..
بتاريخها المشرق
وموقعها المميز..
وبالنمو الهائل في عدد سكانها..
وبما حباها الله من وفرة في الخيرات..
فهي لذلك تحتاج إلى الكثير من المشاريع التنموية الملحة..
وإلى المزيد من الدعم لتطوير برامج التنمية فيها..
مثلما أنها تحتاج إلى الإسهام الفاعل والسريع من القطاع الحكومي والقطاع الخاص في إنجازات غير مسبوقة في فترة يتولى أمير شهم إمارتها..
***
فهنا في جازان كثافة سكانية كبيرة..
يقابلها بطالة كبيرة بين السعوديين..
والمؤشرات تنذر بالمزيد من فاقدي فرص العمل في أوساط السعوديين..
ما لم تتوافر للمواطنين فرص عمل بأعداد تستوعب هذه القائمة الطويلة والكبيرة التي ما زالت تنتظر..
وبنظري فإن الاستثمار الأمثل في هذه المنطقة المهيأة لإنجاح أي مشروع صناعي أو زراعي يأتي من الاهتمام أولاً بهؤلاء العاطلين كخيارٍ وحيدٍ لحل هذه المشكلة وتطوير المنطقة بمثل هذه المشاريع..
***
وحسناً فعل سمو أمير منطقة جازان الأمير فهد بن ناصر بن عبدالعزيز بتبنيه لعقد فعاليات مؤتمر اقتصاديات جازان تحت عنوان (الاستثمار الصناعي والعمل التعاوني الزراعي) ودعوته للوزراء المختصين ولرجال الأعمال للمشاركة معه في هذا التوجه السليم والجهد الخلاق نحو إيجاد صناعة وزراعة بمستوى أفضل في منطقة جازان.
***
لكن الأهم في هذا أن نرى التنفيذ..
وهذه مسؤولية كبيرة في أعناق هؤلاء الوزراء وأولئك الذين دعوا أو لم يدعوا من رجال الأعمال..
***
شكراً لأهلنا في جيزان، ولأميرها والمسؤولين فيها..
على كرم الضيافة..
وحسن المعاملة..
وما أحاطوا به المدعوين من تواصل حميم أثناء تواجدهم هناك..
والشكر أيضاً لابن جازان الوفي زميلنا الدكتور هاشم عبده هاشم رئيس تحرير صحيفة عكاظ الذي عزّ عليه أن يرى أسماء زملائه ضمن قائمة المسجلين في قائمة الغائبين في سجل الحضور فأصر على تواجدنا وحسناً ما فعل.
خالد المالك
|
|
|
عمرها 240 مليون سنة السلحفاة.. مدرعة من لحم ودم ! |
* إعداد ولاء حمادة
السلاحف من الحيوانات القديمة، التي ظهرت على الأرض في وقت مبكر قبل مائتين وأربعين مليون سنة، و نجحت في البقاء عبر كل هذه الأحقاب بعد ما اجتازت العصور المظلمة والكوارث العديدة، التي أدت إلى القضاء على كثير من الحيوانات القديمة، وعلى رأسها أنواع الديناصور.
والحفريات التي تم العثور عليها للسلحفاة البدائية تدل على وجود أوجه شبه عديدة، بينها وبين السلاحف المعاصرة.. إلا أنها كانت ذات أسنان حادة، وكانت لها فكوك قوية، تساعدها في تناول الطعام.. ولم تكن تستطيع أن تسحب رأسها وأطرافها، وأن تحتمي في داخل الدرقية، مثل السلاحف الحالية.
وتنتمي السلاحف البحرية إلى طائفة الزواحف التي تضم أيضاً أنواع السحالي والتماسيح والثعابين وكذلك الديناصورات البائدة وقد تأثر الإنسان بها منذ القدم واحتلت موقعاً هاماً في معتقدات الناس على مر الزمان فقد أعجب بها الإنسان وكان يتخذها رمزاً للحكمة والعمر الطويل.
كما جاء ذكر السلاحف في أساطير القدماء التي تحكي عن بداية الحياة ومازالت لها مكانتها حتى الآن في الاحتفالات الدينية، بالجنوب الشرقي من قارة آسيا.
كما استخدم القدماء بعض الأجزاء من جسم السلحفاة في عمل الوصفات الطبية والشعبية واعتقدوا أن أكل بيض السلاحف، يطيل عمر شباب الإنسان وهذا الاعتقاد مازال سائداً في المكسيك وأمريكا اللاتينية وغيرهما حيث يأكل الناس هناك بيض السلاحف للتنشيط الجنسي والنشاط والحيوية بصفة عامة.
من البيضة إلى البحر تبدأ السلحفاة حياتها عند خروجها من البيضة وتتوجه فوراً إلى البحر بحاسة فطرية تساعدها على معرفة اتجاهها، ويحتاج الصغار إلى عام على الأقل لتعتاد على مياه البحر، فتتغذى على الحيوانات القشرية كالسرطان البحري والأسماك الهلامية كقنديل البحر والطحالب بالإضافة إلى الحشرات التي تحملها لها الأمواج عند الشاطئ. وهب الله للسلاحف البحرية العديد من الوسائل التي تمكنها من التكيف مع حياتها في الماء، فدرقة السلحفاة البحرية تكون خفيفة الوزن حتى تمكنها من الطفو والسباحة، وفي بعض الأنواع تكون الدرقة جلدية، حتى تتحمل ضغط الماء في الأعماق البعيدة، التي تصل إليها السلحفاة غواصة الأعماق المظلمة. وتوصل العلماء إلى أن السلحفاة تحتاج من 10 إلى 50 سنة لتنضج وتكون مؤهلة للتناسل والتوالد وعندما تصل إلى سن البلوغ وهي في الأغلب تكون في سن العشرين.. تبدأ الإناث في التزاوج، وبعد التزاوج مباشرة تبدأ في الرحيل من موطنها، وربما تقطع آلاف الأميال لتصل إلى الشاطئ الذي خرجت عليه إلى الحياة أي مسقط رأسها.. وهذه من الظواهر الغامضة في حياة السلحفاة والتي لم يفسرها العلماء، إلا بوصفهم أنها (ولاء للوطن) وإحساس بالأمن في هذه المناطق والعجيب أن حاسة الشم تكون هي (الرادار) الذي يوجهها إلى الموطن الأصلي الذي تتجه إليه، ويؤكد العلماء أن (الشم) عند السلحفاة أقوى من عند الكلاب الأكثر شهرة في (الشم).
مائتان وسبعون نوعاً
وتختلف أحجام السلاحف البحرية باختلاف
الأنواع وأضخم الأنواع المعاصرة، هي السلحفاة جلدية الظهر فهي تزن نحو تسعمائة كيلو جرام، ويصل طولها إلى مترين وأربعين سنتيمترا.
أما أصغرها فهي (سلحفاة الطين) التي لا تزيد درقتها عن ثلاثة عشر سنتيمترا وتتفاوت أحجام السلاحف البحرية، بين هذين النوعين.. إلا أن الحجم الشائع هو الذي يكون فيه طول الدرقة نحو خمسة وسبعين سنتيمترا مثل السلحفاة البحرية الخضراء. وتوصل العلماء إلى التعرف على نحو مائتين وسبعين نوعاً تنقسم إلى أثنتي عشرة عائلة.. وتصنيف كل هذه الأنواع في مجموعتين رئيسيتين: المجموعة الأولى: وتضم السلاحف جانبية الرقبة حيث تحمي السلحفاة رأسها، بثني الرقبة جانبياً، حتى تستقر في مساحة صغيرة، تحت الدرقة، وهذه السلاحف أقل انتشاراً، وتوجد في إفريقيا وأستراليا وأمريكا الجنوبية.
المجموعة الثانية: تضم السلاحف خافية الرقبة حيث تستطيع السلحفاة أن تسحب رأسها إلى داخل الدرقة، دون ثني الرقبة، وهذه السلاحف أكثر شيوعاً، وتنتمي إليها معظم أنواع السلاحف البحرية وبعضها يعيش في المياه العذبة، بأوربا وآسيا وأمريكا الشمالية.
الدرقة والبيات
السلحفاة كائن فريد فهي من الكائنات التي منّ الله عليها بهيكل عظمي خارجي، بالإضافة إلى هيكلها الداخلي والهدف من هذا الهيكل العظمي هو حماية أعضاء الجسم وتدعيمها والهيكل الخارجي للسلحفاة يعرف باسم الدرقة. وتتكون الدرقة من قبة علوية، وجزء سفلي يغطي البطن، وتربط بينهما مفاصل مرنة، تساعد على الحركة.. وتغطي الدرقة حراشيف قرنية من الكيراتين، وهي المادة المكونة لشعر الإنسان وأظافره.
والحراشيف على الدرقة، تغطي الفراغات الصغيرة بين العظام، مما يضاعف من قوة الدرقة وصلابتها ولكن ترتيب هذه الحراشيف يختلف بين السلاحف من نوع لآخر.
والسلاحف البحرية تقضي معظم حياتها تحت الماء.. فقد ألفت العيش في البيئة المائية، حتى أنها تستطيع البقاء تحت الماء نحو خمس ساعات، قبل أن تبرز برأسها بين الحين والآخر في الهواء للتنفس والحصول على الأكسجين اللازم لها.
ويبدو أن هذا الشقاء وهذه الرحلات المكوكية تستوجب الراحة لهذا فإن فترة خمول طويلة تصيب السلاحف خلال فصل الشتاء مثل معظم الزواحف التي تنتمى إليها.. ويطلق على هذه الفترة البيات الشتوي. وتدخل السلاحف البحرية في بياتها الشتوي، خلال الفترة من شهر نوفمبر إلى شهر مارس من كل عام.. حيث تدفن أنفسها تحت الماء وتستخلص الأكسجين من خلال أغشية الحلق والفم، وأيضاً من خلال الجلد فضلاً عن وجود حجرة خاصة في جسم السلحفاة البحرية، لتخزين الأكسجين، واستخدامه عند اللزوم.
علماً بأن احتياجها للأكسجين، يقل كثيراً في بياتها الشتوي، نظراً لسكونها التام بلا حركة أو نشاط.
منافع عديدة
معظم أنواع السلاحف البحرية متنوعة الطعام وتأكل اللحوم والمواد النباتية في آن واحد وبعض الأنواع تأكل اللحوم في مرحلة من حياتها ثم تتحول بعدها إلى الأطعمة النباتية.
فالصغير من السلاحف الخضراء مثلاً، يأكل اللحوم في بداية حياته، ثم يصبح نباتياً في سن البلوغ. والسلحفاة الخضراء البالغة تتغذى بالطحالب والأعشاب البحرية، كما تأكل الثمار المتساقطة في الماء.
تواجه السلاحف البحرية في الماء كثيرا من الأخطار القاتلة ولكن الإنسان الصياد هو أخطر الأعداء التي تهددها بالفناء فهو يصطاد هذه السلاحف ويقتل أعداداً كبيرة منها، للحصول على لحومها وبيضها ودرقتها..
كما أن مشروعاته المائية قد أثرت كثيراً على بيئة السلاحف.. مثل إنشاء السدود والقنوات وحفر آبار البترول في البحار مما دعا الولايات المتحدة والمكسيك ودول أخرى عديدة إلى منع استيراد أو تصدير منتجات السلاحف لكن الخطر مازال يتهددها لأنها مصدر رزق عشرات الآلاف من البشر، والمعروف أن السلاحف البحرية تزود الإنسان بالعديد من المنافع فلحومها تباع في بعض المناطق بأسعار عالية تصل على مائتين وخمسين دولاراً للكيلو جرام الواحد.
كما أن درقاتها تستخدم في عمل الديكورات، وفي صناعة شنابر النظارات وتصنع من جلودها مشغولات جلدية ثمينة. وفي الجنوب الشرقي من قارة آسيا، يقبل الأهالي على بيض السلاحف البحرية، ويعتبرونه من الأطعمة الشهية المقوية وتباع البيضة بدولار، وقد يرتفع على ثلاثة في بعض المواسم. كما ينتفع الإنسان بدهون السلاحف البحرية ويستخلص منها أصنافاً غالية من الزيت، تستخدم في صناعة العطور ومستحضرات التجميل.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|