|
هذه الإصدارات.. لمصلحة من؟!
|
بين يديَّ كمٌّ هائل من الإصدارات الحكومية الصحفية، أغلبها مجلات شهرية أو فصلية تتم طباعتها بأناقة على ورق صقيل وبألوان لكل صفحاتها..!
توقفت عند الرقم مائة وخمسين إصداراً ولم أستطع أن أكمل رصد العدد الإجمالي لهذه الإصدارات، وتساءلت مع نفسي: لمصلحة من تصدر هذه المطبوعات؟
أعرف أن هناك من سبقني إلى مثل هذا التساؤل، وآخرهم زميلنا العتيد عبدالرحمن العمر، ولكن هل هناك من تكرم بالإجابة على هذا التساؤل مقنعاً أو مقتنعاً..؟
أسأل من جديد: من أعطى الحق لبعض أجهزة الدولة لتقوم بمثل هذه الإصدارات وهو عمل لا علاقة لها به ودون أن تسأل عن محتواها وجدواها ومصادر تمويل إصدارها..؟
***
لست ضد إيجاد نوافذ جديدة نطل منها على المزيد من مجالات المعرفة، والتعرف على علوم جديدة قد لا نعرف الكثير عنها، ولكن هل بعض هذه الجهات الحكومية بحكم التخصص مؤهلة للقيام بهذا الدور..؟
***
لا بأس أن تصدر كل وزارة وكل جهة حكومية مجلة أو أكثر إذا كان ما ينشر فيها يقتصر على التخصص الدقيق لهذه الوزارة أو تلك الجهة الحكومية..
لكن ما لا أفهمه بالطبع أن تصدر وزارة ما مجلة تتحدث عن القصة وعن الشعر وتجري حوارات سياسية وما إلى ذلك، بينما تكون أعمال وتخصصات هذه الوزارة أبعد عن ذلك بكثير.
***
ومرة أخرى من المسؤول عن ذلك..؟
سألت بعض هذه الجهات وعلمت أنها تحصل على تراخيص من وزارة الإعلام لإصدار هذه المجلات، ولا أعتقد أن وزارة الإعلام إذا صح ذلك تعطي ترخيصاً للجهات الحكومية بإصدار مجلات لتنشر فيها كما تريد وتبيعها في أي مكان وتسعى للحصول على إعلانات لها من أي جهة ومن أي مكان..
إذ أن مثل هذه التراخيص يفترض أن تشترط عند صدورها باقتصار ما ينشر فيها على نشاطات الوزارة لتوعية الناس وتثقيفهم في مجال عمل الوزارة وإحاطتهم إخبارياً بالمستجدات فيها، وإلا عد ذلك خروجاً عن الهدف من إعطاء الترخيص لمثل هذا الإصدار.
***
وما يقال من أن مقاولاً من الباطن يتولى إصدار بعض هذه المجلات مقابل مبلغ يدفعه للجهة الحكومية، على أن يسمح له بالحصول على إعلانات لها ويبيعها لصالحه ودون أن يكون للوزارة دور في مادة المجلة ومنهجها.. هذا الزعم يعد لو صح أسوأ من فكرة تبني الجهات الحكومية لإصدار مثل هذه المجلات.
وفي ضوء هذا، لابد من إيجاد نظام صارم، يعتمد على قواعد سليمة لإصدار مثل هذه المجلات، التي ربما لو كانت نشرات تتناول نشاط الجهة الحكومية مع اقتصار توزيعها على موظفيها والمتعاونين والمتعاملين معها لكان أفضل، ففي هذا توفير لهدر مواد طباعية كثيرة تؤثر بشكل أو بآخر سلباً على اقتصاد الوطن دون أن تكون هناك فائدة مرجوة منها.
خالد المالك
|
|
|
تأهيل الصحافيين: لماذا لا تعلق المؤسسات الصحافية الجرس..؟
|
أسموها «مهنة المتاعب» كما أسموها «صاحبة الجلالة» و«السلطة الخامسة»، تلك هي الصحافة ذلك العالم الكبير الذي لن يشعر بحجم متاعبه ومناقبه سوى من تمرغت قدماه ردحاً من الزمن فيه، ولأننا نؤطر رؤانا كثيراً من خلال زوايا سلبية قاتمة.. فإننا نركز أكثر ما يكون على أن المهنة متعبة شاقة وهي كذلك ولا شك، لكنها ايضا تمنحنا الكثير الذي يستحق معه ان نضحي بهذا التعب وهذا الشقاء..!.
الصحافة جزء مهم ورئيس في المنظومة الإعلامية، وهي برأيي أشد تأثيراً من وسائل أخرى كالتلفاز مثلا لأنها تتوجه في أطروحتها نحو النخب المثقفة والمؤثرة بينما يثير التلفاز العامة، كما ان فيها مجالاً خصباً للتعرف على توجهات «الرأي العام» من خلال بسطها لرؤى «القراء» ومشاركاتهم، بينما ينحصر دور التلفاز على فئة منتقاة من المعيدين لبرامج تخاطب الجموع المشاهدة دون أن تشارك تلك الفئة فيها.
لقد تحدث الأستاذ خالد المالك في «مجلة الجزيرة» في عددها الثالث عشر عما عنون له ب«تأهيل الصحفيين» وكأني لمست في سطور «أبي بشار» ما يشبه الشكوى من «ندرة الصحفيين الناجحين» وتحميله أقسام الإعلام في جامعتنا المسؤولية في ذلك، خاصا المادة واستاذها باللوم في هذه الندرة، فالأستاذ خالد يعترف صراحة بأن «الصحافة لا تزال تفتقر الى الكثير من المهارات الصحافية في التحرير والطباعة والتصوير و...الخ» وهو بلا شك اعتراف استطيع ان اصفه ب«الخطير»، وهو ما جعلني أتأمل واقع الإعلام المحلي المقروء حاليا فأجد فيه ان التفوق في الصحف مازالت تسيطر عليه الصحف التي يرأس تحريرها رؤساء تحرير قدماء، وهو ما يجعل التساؤول موجوداً بقوة: هل فشل الشباب في إثبات جدارتهم في النهوض بصحفهم نحو المنافسة؟ والواقع الذي عليه بقية الصحف من غير الصحف الكبرى أنها لم تثبت على رئيس تحرير واحد لفترة تزيد على الخمس سنوات، كما ان من يأتي لرئاسة التحرير في تلك الجريدة لا يضيف جديداً مما يعجل برحيله، قد نجد العذر لبعضهم من أن صحفهم كانت تحتاج لما يشبه «المعجزة» لجعلها تنافس على الصدارة.. ولكن من تأمل حال جريدة الجزيرة قبل وبعد خالد المالك لن يجد طريق المنافسة صعبا باعتبار ان ما حققه غيرك من نجاح قادر أنت على تحقيقه لو توافرت لك مقومات النجاح التي توافرت له.
الكوادر الصحافية وبلا شك هي شغل شاغل يخامر عقول المشرفين على تحرير الصحف خاصة ان المهتمين في الصحف من أفراد المجتمع يفهمون الصحافة على أنها كتابة مقالات..!! غير ان الواقع ان الكتابة المقالية هي جزء بسيط من مكونات العمل الصحفي الذي يمثل الخبر الجزء الرئيس اضافة الى التحقيق واللقاء الصحفي وغيرها، وهنا اجد ان اللوم لا يقع على المؤسسات الاكاديمية فقط كما اتهمها الأستاذ خالد المالك، فالمؤسسات الاكاديمية ينحصر دورها فقط في التأهيل بينما يكون دور المؤسسات الإعلامية هي منح «الصحفي» فرصته في التدريب والممارسة الصحافية الحقة، وقبل ان يقع اللوم على تلك المؤسسات الأكاديمية.. ينبغي ان نسأل: هل قامت المؤسسات الإعلامية بواجبها على الوجه المطلوب في سبيل تدريب وتأهيل جيل صحفي متميز وقادر..؟ أعلم ان الإجابة ستكون ان تلك المؤسسات «مشغولة» بأعباء يومية متواصلة في سبيل جمع المادة الصحافية ومراجعتها ومن ثم اخراجها للجمهور، ولكن هذا الأمر في ظني لا يعفي المؤسسات الإعلامية في أن تساهم بدورها في هذا الجانب المهم الذي ستقطف هي أولا وقبل أي شيء آخر ثمرته، وحسبي ان المشروع الذي قدمته للأستاذ خالد المالك في وقت سابق بخصوص البدء من «الصفر» في تأهيل كوادر إعلامية متميزة من خلال الدورات التي يجب ان تشرف عليها المؤسسات الصحافية وتكون بمثابة «ورش عمل» مصغرة في المدارس بدءا من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، فهذه الدورات من شأنها ان تزرع اولا وقبل كل شيء «حب» العمل الصحفي في نفوس الناشئة مع ما سيمنحه المدرب من معلومات وخطوات من المهم دعمها بزيارات للمؤسسات الإعلامية مما سيجعل الطالب في مرحلة ما قادراً على التعامل مع الإعلام تحريراً وطباعة وإدارة، وسيكون دور المؤسسات الصحافية هنا هو مساعدة المدارس في برنامج الأنشطة الطلابية من خلال عدد من العاملين لديها في مكاتبها بإلقاء محاضرات نظرية تصاحبها ورش عمل لفترات محددة عن عالم الصحافة.
الأمر الآخر الذي أشار اليه الأستاذ خالد المالك هو ضرورة «إيجاد معاهد تدريب للصحافيين الأكاديميين وغير الأكاديميين» ولكنه ألقى بالمسؤولية مشاركة على «الجامعات مع وزارة الإعلام وبالاشتراك مع المؤسسات الصحافية» وهي بلا شك خطوة جيدة وممتازة لكني اتصور ان توسيع دائرتها بهذه الصورة سيجعل من تحققها أمراً غير متحقق!! واعتقد جازماً ان المؤسسات الإعلامية قادرة بمفردها على «تعليق الجرس» وتسلم هذه المهمة بكفاءة منقطعة النظير، بل أني أراهن ان هذه الخطوة ستدر على خزينة المؤسسة الصحافية مبلغا لا بأس به، ولعل تجربة مؤسسة البيان الاماراتية في ابوظبي بهذا الشأن نموذج يحتذى في قياس مدى نجاح التجربة، وأرى ان تعمل الصحف في المقام الأول على ضرورة زيادة تأهيل الصحافيين العاملين لديها، الذي لا يخفى في الواقع ان من يمثلون بصدق دور الصحفي المتميز يعدون على أصابع اليد الواحدة، بينما ينخصر دور الغالبية منهم على الجلوس خلف اجهزة الفاكس لتلقف ما تلفظه أجهزة العلاقات العامة في الإدارات الحكومية!! بمعنى أدق ان من يمارس عمل الصحفي «ميدانيا» هم قلة قليلة وحسبي ان المشرفين على المؤسسات الإعلامية يعون ذلك جيداً..!!، كما ان النظرة للصحافة من قبل العاملين فيها يجب ان تتجاوز كونها «لقمة عيش» فإذا عثر الصحفي عن وظيفة ترك الصحافة.. مما يجعل الصحافة محطة «تجارب» للباحثين عن عمل..!! ولعل ما يؤكد هذا الأمر هو تأمل الصحافيين الذين يمثلون الوطن في مناسبات رياضية وبعض المناسبات الأخرى فالأمر البارز ان أكثرهم صغار في السن وليست لديهم الخلفية الكاملة في الإعلام حتى أنك تصاب بالاحباط حينما تشاهدهم وهم يتحدثون تلفزيونيا وإعلامياً مما يصيبهم من ارتباك شديد نتيجة لقلة التجربة..!.
وحينما نتحدث عن «الصحيفة الناجحة».. فإن أهم ما يجب ان نبحث عنه هو ما الذي جعلها ناجحة.. وفي أعين من..؟؟ وهنا لا يخفى ان ثمة ثقافة مكتسبة لدى المجتمع بتميز صحفية على أخرى.. لكن هذا لا يمنع من توجه الجميع نحو صحيفة أخرى حينما يجدون منها تميزا ملحوظا والدليل المكانة التي تبوأتها جريدة الوطن وهي حديثة الإصدار متقدمة على صحف كثيرة سبقتها في الصدور بسنوات كثيرة وعودة كثيرين من قراء الجزيرة اليها بعد عودتها للتألق والبروز، هذه المكانة الصحافية لا شك أن من يقيمها ويكون بمثابة الراصد الحقيقي لها هم «القراء» الذين وللأسف تضعهم صحفنا في المرتبة الثالثة في خانة اهتماماتها..!! ذلك أنها تفكر أولا بالمادة التي يجلبها «المعلن» والاشتراك والحظوة التي يمنحها «المسؤول» فيكون ذلك على حساب القراء الذين يمثلون السواد الأعظم ممن يقتنون الجريدة، ولو تأملنا حال صحيفة «ناجحة» لوجدنا أنها تهتم بالقارئ بحجم اهتمامها بالآخرين.
الذي أود قوله في هذا الشأن.. انه لكي تكون لدينا «صحيفة ناجحة» لا بد لها من تميز وقبول عند «القراء» وهذا لن يتأتى إلا من خلال إبداع «صحافي متميز» يخرج الى ميادين الحياة المختلفة ويشارك القراء آلامهم وأحلامهم، والصحفي المتميز يحتاج بالضرورة الى «تقييم ومتابعة» ومحاسبة ومع ذلك يجب ألا تتوقف الصحيفة عند من يقصدون بابها بل لا مانع من ان تخطب ود آخرين وتغريهم حينما تجد منهم التميز والقدرة على الإبداع وإسعاد القراء..
والله من وراء القصد.
تركي بن منصور التركي
Tmmt22@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|