|
وماذا بعد..؟!
|
في كلِّ يومٍ..
من ساعة لأخرى..
يتكررُ المشهدُ، تُعاد الصورةُ، مع أن السيناريو واحد وإنْ اختلف أسلوب العرض..
إنه مشهد الظلم الحاضن للمآسي المؤلمة.
***
أتساءل: أهكذا يريد الاستعمار بأن يبقى العراق؟..
قتال بلا هوادة بين المواطنين، بمساعدة الطغاة..
على الهوية، ومن غير هوية..
إنها شهوة الجزارين والقتلة ومصاصي دماء الضعفاء التي غالباً ما تسود سلوك المستعمرين.
***
هل يريدون أن يقولوا لنا: ليكتب مَنْ يكتب عن العراق المحتل، دون أن يلقوا بالاً لما يُكتب عنهم..
هل الهدف أن يسخروا ممن لا يعجبه الوضع في العراق، حين يحتج على ما لا يعجبه من التطورات الدامية في هذا البلد الشقيق..
ليؤكدوا مع كل قطرة دم ينزفها صريع أو قتيل بأن شيئاً لن يتغير أو يتبدل إلا إلى ما هو أسوأ.
***
أكتبُ هذا ومؤشرات الحرب الأهلية في العراق تقرع أبوابها بقوة من يوم لآخر..
بما يرضي القوات المحتلة وأعداء العراق، وأولئك الذين لا يسعدهم استقراره والحفاظ على وحدته الوطنية.
***
وأسأل: كيف نفسر نتائج الانتخابات التي جرت في ظل استمرار الاحتلال، وتأثيرها ودورها بما يجري من قتال بين الأشقاء؟..
وهذا القانون الذي تم بموجبه توزيع مراكز السلطة والمواقع القيادية بين فئات شعب العراق، هل هو الطريق لاستقرار العراق، أم أنه صِيْغَ هكذا لإشعال الفتنة وإبقائها مستمرة؟..
ثم عدم الاستقرار ولو ليوم واحد، وفقدان الأمن، ومواكب الشهداء من العراقيين تتواصل وبازدياد، ماذا يعني ذلك، وإلى أين يسير؟.
***
قصة العراق مع الاحتلال قصة دامية ومؤلمة، وتستحق أن تُروَى وأن يُكتب تاريخها بأمانة وصدق..
وفيها من الدروس والعبر ما ينبغي أن يلم بها العراقيون فيعودون إلى التفاهم والحوار الصادق لبناء دولتهم قبل أن يؤول الحل إلى إنشاء دويلات صغيرة تتقاتل بعد أن يتم الانفصال.
***
هل حان زمن التفاهم والوعي، أم أن العراقيين أمام زلزال قادم لن يبقي ولن يذر أحداً من المواطنين ليقدم ولو شهادته على ما جرى من جرائم؟..
وهل الحل بيد العراقيين، أم بيد غيرهم، أم أنه لم يعد بيد أي أحد، إذ إنَّ السيطرة على الوضع أصبحت خارج القدرة والرغبة والسعي نحو ذلك؟.
***
باختصار، أين يكمن الحل، ومتى يتوقف العنف، وهل من مخرج للعراق من محنته؟..
نعم، هذه الفتنة أَمَا لها مِنْ حلٍ، وإنْ وُجِدَ فمتى، حتى لا يستمر المشهد الدامي على النحو الذي يتكرر أمام أنظارنا وعلى أسماعنا كل يوم.
خالد المالك
|
|
|
وهكذا دواليك سليقة!
|
*عبدالباسط شاطرابي
إذا كنت تطمح إلى بلوغ قمة إيفرست فأنت (متسلق)، وإذا كنت تداهن رئيسك لكي ترتقي إلى أعلى فأنت (متسلق)، وإذا كنت تحبّ (سلق) البيض فأنت متسلق، وكذلك إذا كنت تجيد نظم الشعر على (السليقة) فأنت متسلق!!
هكذا تتولد المعاني من الكلمات، وهكذا تبدع العقول في استعمال المفردة؛ لخدمة معان مختلفة.
منذ سنوات حين كان الاتحاد السوفيتي يترنح قبل السقوط، طلع علينا جورباتشوف بمصطلحي البيروسترويكا والغلاسنوست، واحتار المترجمون وقتها في الترجمة الدقيقة للمصطلحين، لكنهم استقروا فيما بعد على أن الغلاسنوست هي (الشفافية)، ولا أدري ما اتفقوا عليه وقتها بشأن البيروسترويكا.
منذ ذلك الوقت طاح القوم في الشفافية؛ فأصبحت مصطلحاً سياسياً ثقافياً اجتماعياً؛ فالحكومات لا بدّ أن تتسم مع شعوبها بالشفافية، وعلاقة الأب بأبنائه لا بدّ أن تتصف بالشفافية، وفلان يتميز على الآخرين بالشفافية، وتعامل الطبيب مع المريض يجب أن يتميز بالشفافية.
وجورباتشوف صاحب صلعة لا تتميز بالشفافية؛ ففي تلك الصلعة (وحمة) كبيرة لا ينساها الناس ميزت صورته في الأذهان؛ لذلك بحث عن (الشفافية) المفقودة في صلعته، وأطلقها في الناس؛ فصارت إنفلونزا لم تستثن أحداً من سعالها وعطاسها!!
كذلك تسللت إلى لغتنا الحية ألفاظ أخرى، منها كلمة المستدامة، وهي عربية فصيحة، لكنها كانت نائمة لتستيقظ فجأة علينا، وأظنها ستكتسح مفرداتنا في القريب العاجل؛ فالتنمية لا بدّ أن تكون (مستدامة)، والسلام لا بدّ أن يكون مستداماً، والاستقرار لا بدّ أن يصير مستداماً، والمحافظة على المكتسبات لا بدّ أن تكون مستدامة!!
وأهل النقد أصحاب قدرة على توليد المعاني من الكلمات النائمة، وهم أصحاب جهد ملحوظ في إعادة الوهج إلى كلمات مثل (الاندياح)، و(التداعي)، و(التماهي)؛ وبذلك أثبتوا أنهم أصحاب قدرة على أداء دورهم اللغوي، بل التأثير في لغة الكلام المتداولة تحريرياً؛ لتكون لهم بصمتهم وإضافتهم.
كل شيء ممكن في اللغة والتلاعب بمفرداتها، وأهل السياسة والدبلوماسية هم الأخطر في هذا الجانب، وشخصياً أضع يدي على قلبي حين يقول أولئك إنه (تم علاج المشكلة بأقل قدر من الخسائر) أو (تم مواجهة الأمر بما يقتضي من علاج)؛ فالكلام هنا وراءه كلام، وقد يخفي خلفه معلومات تجعل الولدان شيباً!
المهم أن يبعد القراء عن ذهنهم الحلم ببلوغ قمة إيفرست؛ فالتسلق صفة قد لا تكون نتائجها حميدة، وكونوا فقط على سليقتكم، كفاكم الله شرّ التسلق والمتسلقين.
shatarabi@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|