مشهد
ألم ٌشديد ووجعٌ مستمر ونفسيّةٌ متأزِّمة وذهنٌ مشوّش متاعبٌ في اليقظة وفي المنام .. كل هذا لم يكن ولله الحمد بسبب مصيبةٍ حلّت أو كارثةٍ زارت أو فاجعةٍ قصمت ... كل ما في الأمر قطعٌ (صغير) في أظفر أحد أصابع قدمي!
وفي لحظة تأخرت كثيراً استجمعت قواي ومددت يدي لنزع هذا الجزء المقطوع، لم تستغرق العملية سوى ثواني معدودة ولكنها ورثت راحة عظيمة وغياباً كاملاً لمتاعب أنهكتني فيا حسرتى على لحظات الألم الطويلة!
مهارة جميلة
حديثي اليوم أخي القارئ عن مهارة جميلة أسميتها (سد الثقوب) وإليك بيانها: إن ما يعطيك القوة والقدرة على العطاء والبقاء في حالة شعورية مريحة على الدوام هو المحافظة على ما يسمى (بخزان الطاقة وهذا الخزان إذا أردنا أن نحيا الحياة الجميلة فلا من منابع وموارد لملئه وسيكون مقالي القادم عن تلك الموارد) وفي المقابل المحافظة على ما فيه والتنبه واليقظة للثقوب التي قد تسرب الكثير من الطاقة دون أن ندرك, ومنها ما حصل لي مع ذلك الظفر!
25 ريالاً تنهي معاناة سنوات!
تقول إحداهن إنها كان يؤذيها ويقض مضجعها أن زوجها يخلف بقايا الأكل على الموكيت بعد كل وجبة فكانت تحمل هماً عظيماً لكل وجبة حتى ما عادت تستطعم الوجبة فلا يقر لها قرار ولا يهدأ لها بال فعيناها وقبلها قلبها على يدي الزوج وحجم الدمار الذي سيخلفه بعد الوجبة!
استمرت المعاناة سنين و في لحظة اهتدت لحل صغير لم يكلفها سوى 25 ريالاً ألا وهو شراء (فرشة) بحجم معقول توضع فوق (الموكيت) وليفعل زوجها ما يريد على هذه الفرشة! وبعدها سكنت رياح القلق وعادت تأكل هانئة منشرحة الخاطر ساكنة الفؤاد.
ثقوب ومنغصات
وسأسرد لكم أمثلة على المنغصات الصغيرة والتي تشكل ثقوباً في خزان الطاقة تستنزف القوى وتفقدنا التركيز وتنال من لحظات سعادتنا..
- صوت في سيارتك تسمعه ولا تعلم مصادره.
- زميلة عمل تؤذيك بحديثها المتكرر عن أمر يخصك.
- تجديد إقامة الخادمة.
- تعطل جرس البيت.
- سخان المطبخ يحتاج لصيانة.
- عدم وضع زوجك لشماغه وعقاله في مكان محدد (رحلة يومية من البحث المضني).
- اتصال قد فات موعده مع أحدهم.
- فاتورة تلفون قد حلت.
إذن هي صغائر متناثرة هنا وهناك تسلبك الكثير من القوة والتركيز.
وقفة وتأمُّل
إن العقل دائماً ما يركز على عظائم الأمور ويتغافل عن الصغائر، وهذا ولا شك له نتائج وخيمة وعاقبة لا تسر، وقاعدتنا هذا تنسحب على صغائر الأعمال التي لا يحسب لها حساب ويلقى لها بال، وهي تسحب من رصيدك دون أن تشعر حتى تجتمع عليك فتهلكك ومن أعظمها مصائب اللسان.
فالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قد حذّر من الصغائر قائلاً في حديث عائشة: (إياك ومحقرات الأعمال فهي تجتمع على الإنسان حتى تهلكه) فانتبه وفقك الله لكل خير.
انطلق
والآن أخي الكريم ما أريده منك وحتى تحافظ على خزانك من تلك التسريبات سنعمل سوياً على إعداد قائمة مكونة من 5 بنود وفقاً للتصنيف الآتي .. ضع لكل بند عشر دقائق واكتب فيه على الأقل ثلاثة (منغصات) متأملاً ومركزاً مقلباً الطرف ومبالغاً في الفحص ومغرقاً في البحث وإليك القائمة:
1 - البيئة وتشمل كل ما يخص(البيت والعمل).
2 - الأشياء والموجودات (السيارة - الكومبيوتر - الأجهزة).
3 - العلاقات.
4 - المال.
5 - رصيد الآخرة (وهو الأهم) وخطورته أن ألمه مؤجل!.
ثم اشرع وفق - يا رعاك الله - وفق مخطط زمني في إنجازها.
ستصنع فارقاً في حياتك
لإعداد مثل هذه القائمة وحسمها فائدة عظيمة لأنك بجهد قليل ستتخلص من ألم كبير
لعمرك ما لمكروه إلاّ انتظاره ... وأعظمُ مما حل ما يتوقعُ، إضافة إلى أنك بهذه الإنجازات الصغيرة ستضيف أرصدة لحساب ثقتك بنفسك تجعلك مؤهلاً لتجاوز عقباً أكبر وحل معضلات أشد ...
ثم تذكر أن إدراكك لتلك المنغصات واستحضارك لها سيكون محرضاً ودافعاً للتخلص منها والتحرك تجاه إقفال ملفها، وهي منحة وهدية ثمينة تهديها لنفسك، معها ستشعر بعد قفل كل ملف بطاقةٍٍ عظيمة وحيوية ومزيد من الثقة بالنفس، وفي الأخير تذكّر أنك بإسكاتك لتلك الموسيقى الصاخبة (المنغصات أو التسريبات) بعدها ستشعر بفارق عظيم في حياتك.
ومضة قلم
تذكّر أنّ ما يتعبك ليس ما تفعله بل هو ما لا تفعله!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244
د. خالد بن صالح المنيف
Khalids225@hotmail.com