|
الملك سعود..شخصية لن تُنسى
|
كان الملك سعود كريماً، وإنساناً، وذا عاطفة لا تُجارى، محباً لكل الناس، ويتعامل مع شعبه بأريحية وتواضع وخلق جمّ، وبخصاله هذه وبسجاياه تلك أحبّه الناس وقدّروه، وأعطوه من الاحترام والتبجيل في حياته بما يليق بملك يتمتّع بكل هذه الصفات، إذ إن تلك العلاقة بينه وبين شعبه كانت بعض ما ميّز فترة حكم الملك سعود، وبالتالي فهي أعطت وتعطي إلى اليوم إشارات عن شعبيته وجماهيريته بين مواطنيه على امتداد هذا الوطن الغالي.
***
فقد اعتاد جلالته خلال فترة حكمه أن يخاطب شعبه ب(شعبي العزيز) مع إطلالة كل عيد، وفي كل مناسبة تستدعي من جلالته أن يخاطب هذا الشعب ويتحدث إلى أفراده، ضمن رؤيته المثالية للعلاقة التي ينبغي أن تكون بينه وبينهم، وكان موكبه ينتقل من حي إلى آخر ليشارك الناس أفراحهم بالعيد - على طريقة الملك سعود - وقد كان لافتاً حرصه على أن ينزل من موكبه إلى الشارع، متنقّلاً من موقع إلى آخر، ليكون مع مواطنيه في أيام فرحهم، بما في ذلك مشاركتهم العرضة النجدية آنذاك.
***
نتذكر جميعاً الملك سعود بن عبد العزيز بقامته الطويلة، وأناقته الجميلة، وشخصيته المميزة، (وبشطفته المذهبة)، وبإيماءاته وحركاته، وبموكبه الذي يتوقف بالطريق مرات كثيرة، استجابةً من جلالته لإشارة من مواطن، أو حرصاً منه على مساعدة آخر، في مظهر أُسَريّ في التعامل والتواضع والعفوية في التصرّف الطارئ، مما كانت إحدى مظاهر صفات الملك الراحل.
***
ولم يكن الملك سعود بعيداً عن هموم شعبه، منشغلاً أو متشاغلاً عن احتياجاته المتجددة، أو منكفئاً على نفسه، فلا يسمع صوت مواطنيه ومطالبهم، وإنما كان شغله الشاغل حين كان ملكاً للمملكة الحرص على أن يصل كل مطلب إلى مسامعه، وأن يُستجاب له بقدر وجاهة هذا الطلب أو ذاك، في ظل حكم ونظام وتقاليد ملكية أرساها والده المؤسس الملك عبد العزيز - رحمه الله - على الحب والإخاء.
***
في بداية تربُّعه على العرش - رحمه الله - جال في جميع قرى ومدن المملكة، واستمع إلى أماني وتطلُّعات أهلها، وعبّر لهم خلال تلك الزيارات الملكية عن طموحاته في استكمال ما أنجزه والده من مشروعات، وحرصه على السير على خطاه، فكان أن أنجز الكثير من المشروعات التعليمية والصحية وفي مجال المواصلات وغيرها من الخدمات، في جهد هائل قاده الملك الراحل بنفسه، وحقّق به ولاء شعبه ومحبتهم واحترامهم له حين كان حياً وبعد وفاته.
***
وإذ تُقام غداً ندوة عن الملك سعود، فلا بدَّ أن يُنظر إلى هذا التكريم التاريخي المهم لجلالة الراحل الكبير على أنه وفاء له من الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز ومن أمير الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز وبالتالي من شعبه، فهذا زعيم أعطى لوطنه وشعبه من إخلاصه ومحبته وسخائه ما يستحق من أجلها أن تُقام مثل هذه الندوة التي تنظّمها دارة الملك عبد العزيز.
***
وإلاّ كنا من دون تحقيق ذلك غير جديرين بكل هذا الرخاء الذي ننعم به، وغير مستحقين لكل هذا الأمن الذي نستظل بآثاره ومعطياته، وربما انطبق علينا لو أننا لم نبادر إلى هذا التكريم لزعيم تمّ في عهده تحديث كل هذه المؤسسات الحكومية، وإقامة أول جامعة في الجزيرة والخليج، وفتح المجال أمام تعليم المرأة، وغيرها كثير، ما ينطبق على أولئك الذين لا يحتفظون بشيء من الوفاء لمن قُدم لهم مثل هذه الخدمات.
***
وهذا ما لا أراه في شعب اعتاد على تكريم قادته حتى وإن ماتوا، بعد أن تركوا من الأعمال والإنجازات والسيرة العطرة ما خلَّد أسماءهم في ذواكر الجميع، إنه شعب المملكة العربية السعودية الذي عرف عنه الاحتفاظ بالجميل لمن هم أهل له وجديرون به، ولكل أولئك الذين يستحقونه، وبينهم الملك سعود بن عبد العزيز.
خالد المالك
|
|
|
عرب 48 محرومون من دفع تعويضات الحرب
|
* إعداد - محمد الزواوي
بالرغم من ادعاءات إسرائيل أنها واحة الديموقراطية في المنطقة العربية، إلا أن التقارير تشير إلى أن ذلك ليس صحيحاً، وأن الكيان الصهيوني يمارس تفرقة في جميع النواحي بين السكان اليهود والعرب، وقد كانت حرب لبنان الأخيرة أوضح مثال على ذلك.
في تقرير نشرته جريدة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية، أكد جوشوا ميتنيك من فلسطين المحتلة أن تلك التفرقة تجري على نطاق واسع على السكان العرب، الذين تطايرت فوق رؤوسهم صواريخ حزب الله مثلهم مثل اليهود، ولكن تشير تقارير إلى أن تعويضات الحرب ستذهب معظمها إلى السكان اليهود.
وقد حاور جوشوا ميتنيك رائق مطر من سكان عرب إسرائيل الذي يعمل مقاولاً، وأكد أنهم لا يتم مساواتهم مع اليهود في إسرائيل. وقد علم ذلك المقاول ومحاميه أن التجار في إحدى البلدات اليهودية على الحدود اللبنانية سيحصلون على تعويض حكومي أكبر من نظرائهم العرب بنسبة 60% تقريباً؛ لذا قرر أن يرفع دعوى في المحكمة الإسرائيلية العليا، يتهمون فيها الحكومة بالتحيز ضد العرب، وسوف تنظر المحكمة قضية مدينة فاسوطة وثلاث قرى عربية حدودية أخرى في الشهر القادم.
يقول مطر: (إننا نتساءل ما هو الفرق بين هنا وهناك؟ الجيش كان يتمركز في منتصف تلك القرى)، في إشارة إلى المدافع الإسرائيلية التي تم نصبها على مدخل مدينة فاسوطة أثناء الحرب. ويضيف: (لا يعقل أننا ندفع ضرائب ونفقات ضمان اجتماعي مساوية، ثم يكون المستفيدون هم اليهود، في حين يعتبروننا غير مستحقين لنيل تلك التعويضات).
وقد أشار السياسيون الإسرائيليون أثناء الحرب إلى أن صواريخ حزب الله لم تفرق بين يهودي وعربي، تلك التصريحات التي دعمتها الإحصاءات التي أكدت أن كلتا المجموعتين عانيتا من عدد مماثل تقريباً من الخسائر المدنية أثناء الحرب.
وبعد انقشاع غبار المعركة، صرح المواطنون من عرب إسرائيل بأن الحكومة تفرق في توزيع تعويضات الحرب والمتوقع لها أن تصل إلى مليار دولار. وبدلا من تغذية الشعور بالتضامن المتبادل بين المواطنين في وقت الحرب، إلا أن تلك المواجهة قد أذكت نار الضغائن المتجذرة منذ عقود بين اليهود والعرب في إسرائيل، فبالرغم من أن العرب أصبحوا مواطنين، إلا أن الأقلية العربية قد عانت منذ عقود من التفرقة المستمرة ومن ضآلة الاستثمارات الحكومية في المناطق العربية. فاليوم يعتبر الكثير من اليهود أن تعاطف عرب إسرائيل مع أشقائهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة ولبنان بمثابة الخيانة، ولكن وزير المالية الإسرائيلية وعد مؤخرًا بأن المساعدات لشمال إسرائيل سوف يتم توزيعها بالتساوي.
ويقول البعض إن هذا التوزيع العادل - إضافة إلى الجهود الجديدة للتواصل مع بلدات عرب إسرائيل من تبرعات يهود الخارج الذين يريدون دفع 300 مليون دولار لجهود إعادة الإعمار - ربما يكون سبباً للتفاؤل.
يقول محمد درويش مدير التطوير لصندوق (أبراهام) الذي يروج للتعايش ما بين اليهود والعرب في إسرائيل: (إن هذا الاتجاه يدعو إلى الثناء، وقد جاء في التوقيت الصحيح، ولكننا ننتظر أن نرى فعلاً، فلا يزال الطريق طويلاً، فحتى لو أرادت الحكومة أن تنتهج سياسة مساواة بين الفريقين، فلا يزال هناك العديد من الثغرات التي يجب سدها).
ولا يزال العرب وناشطو الحقوق المدنية متشككين بأن تلك التعهدات سوف يتم ترجمتها إلى سياسة يمكن أن تؤدي إلى التئام جروح عقود من التحيز الذي غرس في نفوس العرب.
يقول صمويل داكوار المحامي الذي رفع القضية أمام المحكمة العليا نيابة عن قريتي فاسوطة والعرامشة التي قتل فيهما 3 أشخاص من جراء صواريخ الكاتيوشا، إضافة إلى قريتي المعيلية: (بالرغم من وجود قوانين تحرم التفرقة ما بين اليهود والعرب، إلا أن كل الحكومات مارست تلك التفرقة. وحتى بالرغم من أن العرب دفعوا ثمناً غالياً من أرواحهم، إلا أن ذلك لم يؤد إلى إيقاظ الحكومة لكي تتحرك بصورة مسؤولة).
وتلك القضية التي تم رفعها في المحكمة العليا تعد أكبر قضية من نوعها تتعلق بالتفرقة في المساعدات، ولكن ناشطو الحقوق المدنية يشعرون بالقلق من أن تلك القضية ستكون واحدة من ضمن قضايا أخرى كثيرة؛ فبعد رفض طلبات قروض من مستثمرين عرب، أجبر المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية جناحا لتطوير الصناعات الصغيرة التابع لوزارة الصناعة والتجارة الإسرائيلية أن تتراجع في سياستها وترد أموال أحد المتبرعين اليهود الذي طلب أن تنفق أمواله فقط على اليهود وعلى المجندين في الجيش.
ويقول شالوم ديتشر منسق الحقوق المدنية في هيئة (سيخوي) الرقابية: (إن منظمات المجتمع المدني سيتطلب منها أن تعمل بجد في السنوات القادمة في مراقبة التحركات الحكومية، وذلك لأن طبيعة التفرقة في القرارات الحكومية ضاربة بأطنابها في الخدمات الحكومية).
والقرى الأربع تناضل من أجل أن يتم تصنيفهم على أنهم (سفار)، وهي الكلمة العبرية المرادفة لعبارة (تجمع حدودي)، وهو تصنيف يرجع إلى 40 عاماً يجعل التجار الذين يعيشون في البلديات المحلية مؤهلين لنيل تعويض كامل من الأرباح ونفقات الفرد في الحروب الخارجية.
وقد أشار العرب إلى أن القرى الحدودية تم تحديدها بناء على قربها من الحدود؛ لذا فإن محامي عرب إسرائيل سوف يقولون لقضاة المحكمة العليا إن القرى مثل فاسوطة تم استثناؤها من هذا التصنيف فقط بناء على تحيزات عرقية.
يقول طوسون زهار، المحامي من مجموعة (عدالة)، وهي مجموعة حقوقية انضمت إلى القضية المرفوعة: (إننا نقول إنه إذا كان هناك قائمة مصنفة جغرافيًا، فيجب أن تشتمل على جميع المستوطنات في تلك المنطقة، فكل تلك المستوطنات في الشمال تعرضت إلى نفس الضربات الصاروخية بصورة مساوية). وقد اعترف مسؤول بوزارة المالية الإسرائيلية - رفض نشر اسمه - بأن تعريف المجتمعات الحدودية تم بناء على قوائم قديمة.
ولكن إذا ما قامت الوزارة بتحديث تلك القائمة بأربع قرى عربية، فإنها سوف تعرض نفسها إلى دعوات مشابهة من بلدات محلية تمتد إلى الجنوب مثل حيفا؛ ما سيؤدي إلى انفجار ميزانية وزارة الخزانة. وبعيداً عن تفسير المسؤولين الحكوميين للسياسات، فإن عرب إسرائيل قد تعرضوا إلى هجوم لاذع بسبب انتقادهم للحرب، ففي الشهر الماضي اقترح وزير البيئة الإسرائيلي جدعون عزرا أن يتم استثناء قرى عرب إسرائيل من المعونات.
وقد اشتكى ناشطو التجمعات العربية من أن الأغلبية اليهودية لم تفهم أن انتقاد العرب الحرب كان بسبب مخاوفهم على أقربائهم اللبنانيين الذين يعيشون في الجنوب، ويقولون إنه من غير العدل أن يتم وسم تجمع سكاني كامل بالخيانة بسبب ما يعتبرونه انتقاداً سياسياً شرعياً.
ويقول المقاول مطر: (إنه ليس إلا ذريعة للاستمرار في سياسة التفرقة، فهم يشعروننا بأننا منفصمون عن بقية السكان، وأنهم يفعلون بنا معروفًا لمجرد السماح لنا بالبقاء على تلك الأرض).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|