| |
شبح الحرب الأهلية الفلسطينية
|
|
الصراعات بين الفلسطينيين باتت تثير المخاوف من حرب أهلية تغذيها بشدة شائعات تبلغ لدى البعض مرتبة اليقين عن تدابير هنا وهناك لخوض هذه الحرب، بما في ذلك تقارير تتحدث عن شحنات للسلاح وتدريبات مستمرة منذ شهور استعداداً لهذه المنازلة.. وعلى كل فلا يمكن تصنيف كل ما يدور في باب الشائعات فقط، فالوقائع تشير إلى أرضية مهيأة لهذه الحرب، وقد جرت بالفعل (بروفة) لها على ثرى غزة بين الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس الفلسطيني وتلك الموالية لرئيس وزرائه، ولهذا فإن الجهود ينبغي أن تتوجه إلى إحباط إرهاصات هذه المواجهة القادمة التي يبدو أنها ستكون فعلاً حرباً أهلية وليس مجرد تمرين لها.. ووسط التوتر بين حركتي فتح وحماس، فإن فصائل فلسطينية أخرى ظلت على مواقفها المحايدة من الصراع، وقد استطاعت هذه الفصائل ممارسة قدر كبير من الانضباط الذاتي ونجحت في النأي بنفسها عن حلبة الصراع أو مناصرة هذا الطرف ضد ذاك، وبدلاً من ذلك فإنها عمدت إلى الشيء الإيجابي والممكن وهو دعوة المتنافسين إلى تغليب المصلحة العليا والانكباب على استحقاق تشكيل حكومة وحدة وطنية.. وسيكون من المهم للغاية أن تتجاوب القيادات في حماس وفتح مع رغبة وطنية واسعة النطاق عبرت عنها هذه الفصائل لتهدئة الوضع والتوجه نحو خطوات عملية لإزالة كل مظاهر التوتر ومن ثم التوافق على آليات نحو تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.. وليس هناك من يطالب بصورة فلسطينية مثلى أو بمجتمع متماثل في الرؤى والتصورات، لكن الواقع الإنساني يقول بإمكانية التعايش حتى لو تعارضت المواقف بدرجة أكثر حدة مما هو حادث على الساحة الفلسطينية.. ومن المهم دائماً النظر إلى المكانة الخاصة التي تتخذها القضية الفلسطينية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وكيف أن الكثيرين يقلقهم ما يجري بين الأشقاء، وكيف أن ذلك يمكن أن يعيد القضية سنوات عديدة إلى الوراء ويخل بالأولويات ويدمر الإنجازات التي تحققت على الصعيد النضالي، والثوابت التي عززتها المقاومة خصوصاً فيما يتعلق بالنقلات المضيئة التي تمخضت عن الانتفاضتين الأولى والثانية.. إن محاصرة نيران الصراع سيكون أمراً مفيداً وخطوة لا بد منها في إطار المساعي التي تستهدف الحل، وفي المقابل فإن الطلقة الأولى في إطار حرب أهلية ستتبعها بطريقة مباشرة طلقات وطلقات يستحيل الوقوف أمامها، ولهذا فإن الأصوات المخلصة ترى أخطاراً محدقة بشعب لا يزال يتعرض يومياً للقتل والإذلال من قبل إسرائيل، ومن المهم تجنيبه القتل بذات الرصاصات التي كان ينبغي لها أن تتوجه إلى عدو جميع الفلسطينيين.. بل عدو الإنسانية جمعاء: إسرائيل..
|
|
|
| |
|