(فبراير) الشهر الذي أصبح أكثر ارتباطاً بأذهان المستثمرين والمتداولين. كيف لا وهو الذي شهد أكبر انهيار في تاريخ سوق الأسهم السعودية؛ فالتاريخ يعيد نفسه اليوم، وحالة المؤشر قد أخذت شكلاً آخر عكس الذي حدث في فبراير الشهير، ولكن لماذا ارتبط فبراير بالانهيار فقط على رغم أنه نفس الشهر الذي شهد أعلى نقطة يحققها مؤشر سوق الأسهم؟!
في حين كانت آراء أكثر المحللين والمتابعين تتوقع أن يهبط السوق جراء رفع مستوى الفائدة قبل أسبوعين سار السوق عكس اتجاه التوقعات كما هي شيمته كون خطواته لا تحتمل التكهن باتجاه سيرها، وأغلق تداولاته ليوم السبت قبل الماضي (وهو اليوم الذي تلا خبر رفع مستوى الفائدة) على ارتفاع، ولم يكتفِ بذلك، بل ظل يتدثر باللون الأخضر يوماً بعد يوم، حتى أكمل أكثر من أسبوعين على هذا الحال، مخترقاً الكثير من نقاط الدعم القوية، لم توقفه نقطة الـ7500 ولم يكترث لـ7800 وواصل مسيرته القوية حاملاً اللواء الأخضر ليخترق نقطة الـ8000 ويتربع فوقها غير مبالٍ بالأصوات التي تتوقع جني أرباح أو تحذّر من تضخم في المؤشرات.
نهاية الانهيار
الكثير من المحلِّلين وصفوا ما يحصل في السوق بأنه نهاية للانهيار، وأن نقطة 6700 ستكون قاع المؤشر الأخير، وأن السوق بدأ في أخذ مسار صاعد قوي سيعتدل به فترة ليتذبذب ارتفاعاً ونزولاً في هذا المسار، وخصوصاً أن الارتفاعات الأخيرة كانت بسبب الكثير من الأسهم القوية والمؤثرة التي دخلت إليها السيولة بشكل ملحوظ في خطوة يصفها البعض بالسيولة الذكية التي استغلت الأسعار المغرية لشركات العوائد، وخصوصاً بعد وصولها إلى مكررات مغرية في نظر الأسواق العالمية.
وحول ما عايشه سوق الأسهم في هذه الفترة التقينا بالمحلل المالي الدكتور سالم باعجاجة الذي أوضح أن السوق عند تجاوزه حاجز 7500 نقطة بدأ يأخذ منحنى إيجابياً نحو الصعود التدريجي، وقلب نقاط المقاومة لنقاط دعم ساهمت بدورها في ارتفاع المؤشر؛ كأرباح الشركات بنهاية عام 2006م، والتوزيعات النقدية، والمنح من قِبل بعض الشركات لمساهميها. وأضاف: أتوقع أن يشهد سوق الأسهم ارتفاعاً تدريجياً أكثر في المرحلة القادمة من الربع الأول لهذا العام حتى نهاية الربع الثاني منه. ولم يخفِ باعجاجة توقُّعه وصول السوق إلى مستويات قياسية وتخطي المؤشر 9000 نقطة، وخصوصاً بسبب العوامل الإيجابية التي تكمن في عودة الثقة للسوق وعودة الأموال التي خرجت في بداية عام 2006م.
عوامل الاخضرار
من جانب آخر لم يخفِ المحلل المالي نبيل المبارك نبرة التفاؤل المشوبة بالحذر قائلاً: الارتفاعات الحاصلة في السوق لها عدة عوامل ومسبّبات، من أبرزها وصول عدد من الشركات إلى أسعار هي بالفعل مغرية لأي مستثمر استراتيجي، وخصوصاً أن القناعة السائدة لدى العديد من المستثمرين أنه كلما واصل المؤشر هبوطه صار أكثر إغراء. وأضاف أنه عند وصول المؤشر لـ 7000 نقطة أعطى الضوء الأخضر للعديد من المستثمرين الاستراتيجيين. وأشار المبارك إلى أن السيولة الحالية تعتبر ذكية كونها تركزت على الشركات القيادية والرابحة، كما أنها تكمن في الاستحقاقات المعنية مثل المنح وتوزيعات الأرباح. كما توقَّع المبارك عودة ذكريات الماضي بالتدافع والعشوائية بالدخول إلى السوق وعدم وصول المستثمرين الصغار إلى القناعة ورسم الأهداف لتحقيق الأرباح، وهذا عامل سلبي جداً؛ كون السوق لم يمرّ بأي حالة تصحيح.
تفاؤل المتداولين
(الجزيرة) رصدت انطباعات المتداولين حول سوق الأسهم بعد مرور عام على آلامهم كما وصفوها.. والغريب في الأمر أن بعض المتداولين شبّهوا أنفسهم بالغرقى في بحر عميق من الخسائر تماشياً مع المثل (الغريق يتمسك بالقشة). ويتطلع هؤلاء إلى ما سمّوه (قشة فبراير) التي يمكن أن يتمسكوا بها كطوق نجاة، ولا سيما مع اكتمال عام على بداية مسلسل انهيار السوق وتقهقر المؤشر الذي هوى من مستويات تخطت الـ20 ألف نقطة في 25- 2-2006م إلى 8 آلاف نقطة حالياً.
بعض المتداولين يأملون أن يحدث تغيير جذري في فبراير 2007م ينهي (حال السوق المتردية)، وقد يكون ذلك مجرد حلم، لكنهم مضطرون إلى التشبُّث به في ظل انعدام الثقة في حالة السوق.
يقول المتداول فارس الأحمد: أرى مع ذكرى الانهيار أن الكثير من المتداولين يطمحون في أن الوضع الحالي للسوق ربما يعوضهم الخسائر السابقة. واستبعد الأحمد أن يكون هناك دور في معالجة المضاربات العشوائية سواء باتخاذ قرارات أو عقوبات، والأدهى من ذلك أصبح سوقنا أشد عرضة للاختراق بالشائعات والأكاذيب والأوهام نتيجة الضغط الهائل من الإحباطات المتوالية بفعل تراكم الخسائر والديون.
ويضيف عبد الله الرشود: هناك تفاؤل من البعض بدخول السوق في دورة انتعاش، وبخاصة أن هذا الشهر شهد ارتفاعات جيدة، ولا سيما أن السوق خضعت خلال السنة الماضية 2006م لاختبارات قاسية من أجل تكوين قاعدة صلبة لها، ويبدو أننا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الهدف.
تطورات 2007م
وتوقع الرشود أن يكون العام الحالي حافلاً بتطورات مؤثرة وكثيرة، منها إعلان تجزئة الأسهم مرة أخرى، مع احتمال كبير لإقرار تقسيم السوق إلى رئيسة وثانوية؛ ما يضع حداً فاصلاً ونهائياً بين المضاربة والاستثمار، ويعطي الخيار لكل متداول بأن يسلك الطريق الذي يريد دون أن يؤثر في حركة الإجمالية للسوق.
من جهته، قال وليد السالم: حقيقة نحن في وضع نبحث خلاله عن طوق النجاة؛ حيث لم تعد السوق السعودية ولا المستثمرون فيها قادرين على تحمل المزيد من الخسائر أياً كانت المبررات والأسباب، كما أن مؤشر الثقة وصل إلى أدنى مستوياته منذراً بعدم التجاوب مع أي خبر أو قرار مهما بلغت جديته وحيويته.
وسأل المتداول معتز بن صالح مندهشاً: كيف (تستنفر) هيئة السوق كل جهودها لإيقاف شركة لا تتعدى أسهمها 5 ملايين ولا تشكلً شيئاً يذكر من وزن السوق، فيما تتغاضى عن السوق بأكملها، وهي التي لم تنجُ فيها من الخسارة أي شركة قيادية أو صغيرة، ولا أيّ مستثمر سواء استثمر بصفة فردية أو عبر صناديق البنوك.
وقال معتز: إن هناك مَن يعارض إيقاف تداول السوق ولو لساعة واحدة محاولاً تضخيم الأضرار، وهؤلاء أنفسهم هم الذين عارضوا إيقاف أي شركة مهما كانت خسائرها بحجة الأضرار المترتبة على هذا الإيقاف، وقد ثبت أن إيقاف شركة أو شركتين لم يسبّب ما تخيلوه من (مآسٍ وكوارث)، وأن السوق سارت على منوالها دون تغيير يُذكر.