بعد أن وضعت الحرب أوزارها بين أكبر فصيلين فلسطينين وهما حركتا فتح وحماس, وهو الإنجازالذي تمثل في اتفاق مكة المكرمة، بدأت حمى الاقتتال الداخلي تعود من جديد إلى غزة، ولكن هذه المرة بأسلوب وتقليعة جديدة تمثلت في اقتتال العشائر، فأعيد مشهد ماقبل اتفاق مكة وماصحبه من احتراب الفتحاويين والحمساويين وسقوط الضحايا الأبرياء من المدنيين، حيث قتل ثلاثة فلسطينيين في اشتباكات هي الأشرس بين الفلسطينين منذ اتفاق مكة, فقتل أحد أنصار حماس بالرصاص على أيدي مسلحين من عشيرة منافسة بسبب نزاع عائلي، وأثار القتل اشتباكا قتل فيه عضو في العشيرة الأخرى وهو من أنصار حركة فتح، وقتل أحد المارة أيضا في الاقتتال الذي أسفر أيضا عن إصابة عشرة من أفراد العائلتين.
وقالت العائلتان إن الاقتال كان نزاعا داخليا وليست له دوافع سياسية.
ومع التأكيدات أن هذا الاقتتال خالٍ من الدوافع السياسية إلا أنه يشكل ظاهرة خطيرة قد توثر على السلم والأمن الاجتماعي للإخوة الفلسطينيين خصوصاً إذا تغلغلت آفة السياسة وألاعيبها القذرة ومزايدات تحزباتها المتطرفة إلى نسيج المجتمع العشائري الفلسطيني، ولعل الدليل الواضح والحي الآتي من العراق خير برهان على خطورة وكارثية تسييس الطبقة العشائرية للمجتمع؛ فهاهو العراق يترنح تحت وطأة حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس ورسخت مفاهيم وقناعات( إما معنا أوضدنا.. و صديق حليف.. أو عدو عنيف ) التي انحدرت بالبلاد إلى هاوية الاحتقان الطائفي والسياسي.
لقد خبر الفلسطينون قساوة الاقتتال الداخلي، وجربوا قتامته على مر سني نضالهم الطوال، وهو مايضعهم أمام مسئولياتهم لكبح جماح تلك الأيادي الخفية التي مازلت تحاول العبث بوحدة الشعب الفلسطيني من خلال عنتريات صغار المقاومين ومنفلتي الفصائل التي تشكل الشرر الصغير الذي قد تندلع بسببه الحرائق السياسية والاجتماعية بين رفقة السلاح والنضال الذين يعلمون خير العلم أن أكثر ماهم بحاجة إليه في هذه الأيام هو التخندق خلف الوحدة الوطنية والتمترس بوحدة وأخوة السلاح لمواجهة ما تعد إسرائيل له العدة من تدمير ثقافي، ومحاولات طمس تاريخي للمقدسات الإسلامية في فلسطين، وأولها المسجد الأقصى الذي أصبح هدف متطرفي بني صهيون من هدمه وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه هو الأمر الذي يجاهر به المتطرفون اليهود في كل حين مستغلين حالة الوهن العربي والإسلامي وموجات الاقتتال والتمزق الفلسطيني.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244
