ينتظم المنطقة نشاط دبلوماسي وسياسي مكثف يتوج نهاية الشهر بقمة الرياض العربية التي قد تنتهي عندها الكثير من الجهود الجارية الآن، أو تأخذ شكلها النهائي مع انطلاقتها، ويعكس هذا النشاط عزما قويا على مجابهة المصاعب المتفاقمة، فاللقاء العربي الوزاري في القاهرة الأحد المنصرم خلص إلى ضرورة التمسك بمبادرة السلام العربية كما هي، رافضا بذلك محاولات إسرائيل لتعديلها وتجريدها من عناصرها المهمة بما في ذلك مناداة إسرائيل بإسقاط بند حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وإلغاء الفقرة الخاصة بانسحابها إلى حدود 1967م.
هناك أيضا على المستوى الإقليمي الخليجي الهم المتواصل بشأن الوضع المتفاقم في العراق وتداعياته السلبية على دول المنطقة والملف النووي الإيراني، فضلا عن التطلعات المشروعة لبقية دول المنطقة في امتلاك التقنية النووية السلمية التي لم تعد ترفا بقدر ما هي حاجة حضارية واقتصادية تتوفر مقومات تطويرها، كما تتزايد ضرورة وجودها باعتبارها طاقة بديلة للنفط الناضب، ولما لها من تطبيقات توائم الطموح في ارتياد مراتب عالية من التطور العلمي والتقني.
وقد كانت كل هذه المسائل ضمن أجندة اللقاء الوزاري الخليجي في الرياض أمس، حيث بحث اللقاء بصفة خاصة الإعداد لدراسة مشتركة حول البرنامج النووي السلمي لدول الخليج.
وفي منتصف الأسبوع المقبل يلتئم في بغداد اجتماع دول الجوار لكبار المسؤولين، إذ يحضر اللقاء إلى جانب المسؤولين العرب وفود إيرانية وأمريكية، وذلك في محاولة جديدة لدفع المبادرات على الساحة العراقية، وتقديم الإسهامات الممكنة من دول الجوار ومن كافة الأطراف المعنية. ويجري كل هذا النشاط وسط اتصالات ثنائية ومتعددة الأطراف في المنطقة، مع إصرار على الخروج من الأزمات المستشرية ومحاصرتها، ومن ضمن اللقاءات البارزة القمة السعودية الإيرانية التي لمست من قريب كل هذه الهموم، مع تركيز أكثر على مسألة الفتنة الدينية وتأكيدات من الجانبين على ضرورة وأدها في مهدها نظرا لتداعياتها الوخيمة.
ومن المهم دائما إزاء كل ما يجري من نشاط ومن اتصالات التوصل إلى نقاط التقاء على تحديد الأولويات العاجلة، والاعتراف بأن الخلافات بين مختلف الأطراف لا ينبغي السماح لها بأن تطمس المصالح الكبرى لدول المنطقة في الأمن والسلام والاستقرار، كما أن من المهم ترسيخ نوع من الثوابت والخطوط الحمراء، بحيث لا يتم تجاوزها باعتبار أن ذلك سيؤذي الجميع.
وتبرز الحاجة أيضا إلى تمتين دور عربي محوري يتبنى المبادرات التي تهم المنطقة ككل، بما في ذلك إجهاض التوترات المرتبطة بالملفات الساخنة مثل الملف النووي الإيراني، من خلال تنشيط الاتصالات العربية مع الأطراف المعنية من إيرانية وغربية، وتبصيرها بأن المنطقة لا تحتمل المزيد من التوترات، وأن المصلحة العربية وسلامة شعوب المنقطة ستتأذى كثيرا من أية أعمال عسكرية كبرى نظرا لاعتبارات القرب والجوار الجغرافي فضلا عن حساسية المنطقة باعتبارها المستودع الأكبر للنفط المادة الإستراتيجية الأولى في العالم.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244