يشكل اللقاء الثلاثي السعودي المصري الأردني اليوم في عمان حلقة في سلسلة من التحركات على الساحة العربية تنطوي على امتلاك عنصر المبادأة فيما يتصل بعملية السلام شبه المتوقفة، فهذا اللقاء يأتي وسط تداعيات الاختراق المهم المتحقق في مكة المكرمة لإحلال الوفاق بين الأشقاء الفلسطينيين الذي يكتسب زخماً متزايداً باعتبار أنه يحقق المراد منه على الرغم من الهنات التي تحاول الانتقاص من التهدئة المتحققة سواء كان قصداً أو بسبب طبيعة الأوضاع في ساحة فلسطينية هشة وحساسة..
كما أن اللقاء يأتي بعد أيام من خطاب العاهل الأردني في الكونجرس الأمريكي الذي عكس إرادة عربية قوية في السلام ونزوعاً لإنجاز التسوية، حاملاً التحذيرات من البدائل الوخيمة المتمثلة في استشراء الفوضى والعنف، وقد بدا أن الجانب الأمريكي يستمع باهتمام للأصوات العربية التي شكل ذلك الخطاب جزءاً منها..
فالولايات المتحدة، المنهكة بالحرب في العراق التي يتحدث قادتها السياسيون والعسكريون عن خطط بديلة تحمل ملامح الانسحاب والتراجع والخروج من المستنقع العراقي، يبدو أنها تنظر باهتمام لهذا الحراك العربي الواسع النطاق، من جهة أن إستراتيجياتها تتقوض وأن الخيارات أمامها تستوجب رؤية ما لدى الآخرين بدلاً من المضي قدماً في سياسات أحادية الجانب لا يبدو أنها تتسق وواقع المنطقة وطموحاتها في السلام والاستقرار..
ومع ذلك فإن الولايات المتحدة وفيما يتصل بالقضية الفلسطينية تلتزم تماماً بالرؤى الإسرائيلية مهما كانت مجافية للواقع وللسلام الحقيقي العادل والشامل، ومن الواضح أن تغييراً مهماً ينبغي أن يحدث، وأن تحاول واشنطن الاستماع بجدٍ للآخرين في المنطقة طالما أن إسرائيل تتمسك بمواقف لا تعكس رغبة حقيقية في السلام بقدر ما تبرز أطماعاً متزايدة في حقوق الآخرين ومكتسباتهم وتقويض طموحاتهم المشروعة..
وفي التطورات بالمنطقة لا يمكن إغفال اللقاءات الثنائية بين الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي، وما أحاط خصوصاً باللقاء الأخير من تصريحات في الجانب الإسرائيلي، تحديداً، تحدثت بإيجابية عن مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002م، وكعهد إسرائيل دائماً فهي لم تذهب إلى نهاية المطاف في إظهار رغبة جادة في السلام، وإنما أشارت، لأول مرة منذ طرح المبادرة، إلى وجود عناصر إيجابية يمكن التعاطي معها، وهي بذلك قد أضاعت وقتاً طويلاً، لتأتي بعد خمس سنوات وتشير إلى إمكانية التعامل مع مبادرة جادة ومعقولة مثل تلك المبادرة..
والآن وقبل أسبوعين من انعقاد القمة العربية في الرياض ها هي الساحة العربية تبدو حبلى بالكثير من الحراك والأفكار والخطوات العملية لإنجاز جديد باتجاه التسوية يؤكد توقاً عربياً قوياً باتجاه السلام، ومن المؤمل أن تشكل القمة الساحة المناسبة التي يمكن أن تتبلور فيها كل هذه الوقائع في شكل تحرك جديد يعتمد بالأساس على مبادرة السلام العربية..
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة «9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244