أربعة عوامل فاعلة ومؤثرة كانت وراء الفوز الثمين لمنتخبنا الأولمبي في مواجهته المفصلية أمام أستراليا، وهذه العوامل التي سأذكرها هي التي جعلت الأخضر يتغلّب على ظروفه الصعبة المتمثلة بظروف الإصابات والنقص وقصر فترة الإعداد الحقيقية للمباراة (4 أيام فقط)، بعد اكتمال تجمع عناصر الأولمبي.
أعود للعوامل الأربعة وهي:
أولاً - القرار الجريء والشجاع للأمير نواف بن فيصل بعدم التجديد للمدرب البرازيلي جيلسون نونيز الذي حاول أن يملي شروطاً صعبة بطريقة أقرب إلى الابتزاز ومحاولة ليْ ذراع اتحاد الكرة في وقت حرج، فكان القرار التصحيحي بتكليف المدرب الوطني القريب من الأخضر، والأكاديمي بندر بن جعيثن الذي اختار (وخير من اختار) زميله المتناغم معه عمر باخشوين.
كان بالإمكان أن يحدث مثل هذا القرار ربكة لولا أنّ ثمة فسحة من الوقت للتحضير كانت كافية للمدربين جعيثن وباخشوين، ولو أن التكليف تجاوز ابن جعيثن القريب من نفسيات اللاعبين وأوضاع المنتخب والعارف بأموره.
نونيز أفقد الأخضر هويته، أبطأ من رتمه، لخبط أوراقه بأخطائه في التشكيل والتغيير والتكتيك.
ثانيا - التهيئة النفسية البارعة لإدارة المنتخب بقيادة سمو الأمير نواف بن سعد ومعه الإداري المجتهد والمخلص فهد الحميدي وبمتابعة عن كثب من القيادة الرياضية.
حيث عقد الأمير نواف عدّة اجتماعات مع اللاعبين منذ الخسارة من أستراليا وحتى ليلة مباراة العودة بالدمام، والأهم من ذلك تمثّل باستقبال سمو أمير المنطقة الشرقية للاعبي المنتخب وكلماته الحانية والتوجيهية لهم قبل المباراة بيوم، عزّزت معنويات اللاعبين، وأذكت روح المسؤولية والقتالية لديهم.
ودوماً كان المحفز الأكبر لقرار سمو أمير الشباب السماح بالدخول المجاني للمباراة للجماهير الرياضية لزيادة الدعم الجماهيري والوقوف خلف اللاعبين، وكانت الاستجابة حاضرة ورائعة (كالعادة) من جماهير المنطقة الشرقية الوفية والمخلصة بحدس وطني رفيع.
فكان أن شكّلت الجماهير عامل ضغط قوي برز دوره الإيجابي والمؤثر على لاعبي أستراليا في الشوط الثاني تحديداً، بعد ركلة الجزاء.
ثالثاً - روح التحدي والشجاعة والفكر التدريبي التصحيحي الذي قاده ابن جعيثن ومساعده باخشوين قبل وخلال المباراة .. كيف؟
فقد زجّ بالثنائي الهجومي المتناغم واللذين طالما لعبا معاً أساسياً محمد السهلاوي ويوسف السالم منذ البداية، على عكس ما توقع الكثيرون العنبر والصويلح وهي الغلطة التي ارتكبها نونيز في مباراة الذهاب في ادليدا، وهذا الثنائي باغت المدرب الأسترالي باعترافه شخصياً في المؤتمر الصحفي عقب المباراة، ولعب السهلاوي بحركته الدؤوبة دوراً بارزاً في الشوط الأول وأكمله في الثاني قبل استبداله بالورقة الرابحة أحمد الصويلح الذي لعب في التوقيت المناسب عقب النقص العددي في الفريق الأسترالي بعد طرد مدافعه وتسجيل الأخضر للتعادل.
في الشوط الثاني تغيَّر حال الأخضر، ومارس لاعبوه الضغط الجدِّي على حامل الكرة في ملعب الأستراليين وملعبنا، واستغلوا البطء في ارتداد لاعبي أستراليا وضيقوا المساحات ولعبت الكرات البينية دوراً مهماً، إلى جانب نقل الكرة بمهارة وسرعة من لمسة واحدة في خلخلة دفاعات الأستراليين وإفقادهم توازنهم، بدليل كرة البلنتي التي لعبت من نصف ملعبنا وانطلق بها شهيل بعد ثلاث أو أربع لمسات سريعة.
ثم كرة الهدف الثاني باستغلال المساحات خلف مدافعي أستراليا بنقل الكرة بسرعة للأمام، وهنالك كرة خطفها السهلاوي قبل خروجه من جراء الضغط على حامل الكرة الأسترالي الأمر الذي أدى إلى ارتكابهم عديد الأخطاء في منطقتهم.
رابعاً - هذا الضغط ولّد الأخطاء فجاءت الأهداف السعودية، وكانت نقطة التحول في المباراة ركلة الجزاء المحتسبة بدقة من الحكم الأوزبكي نتيجة تعمُّد إعاقة عبدالله شهيل من قِبل كابتن المنتخب الأسترالي داخل الصندوق وحرمانه من مشروع هدف سعودي ليستحق الطرد، فكان البلنتي والطرد وهو العامل الرابع الذي أدى إلى تفوُّق الأخضر على ظروفه ورد اعتباره أمام أستراليا وانفراده بالصدارة بفارق (4) نقاط عن أستراليا وإيران بعد فوزها على الأردن بثلاثية.
لا إفراط .. ولا تفريط
المطلوب في المرحلة المقبلة، وقبل لقاءي إيران والأردن، وجوب التركيز على اللعب بروح وقتالية وتركيز الشوط الثاني من مباراة أستراليا، حيث السرعة والضغط والتأمين الدفاعي خاصة في لقاء المنتخب الإيراني، وعدم التراخي من اللاعبين والنوم على وسادة الفارق النقطي.
ومن الجهازين الفني والاداري تهيئة اللاعبين المصابين، وتكثيف الجرعات اللياقية، ومعالجة أخطاء العمق الدفاعي وتنبيه متوسط الدفاع ماجد العمري لأخطائه الفادحة في التغطية.
والعمل أيضا على التركيز على جانب صناعة اللعب في وسط الميدان، واستثمار الكرات الثابتة.
خاتمة
إنّ انضمام أستراليا لمنظومة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، مفيد لمنتخبات وكرة قدم آسيا فنياً واقتصادياً..
sam2002ss@hotmail.com