في الوقت الذي تترنح إسرائيل من الحرج الدولي الذي وضعها فيه العرب بعد تجديدهم لطرح لمبادرة السلام العربية التي وضعتها أمام مسئوليتها الدولية والقانونية والإنسانية, يخرج بعض رعناء الواقع الفلسطيني ليعيدوا بوصلة الأحداث من جديد في اتجاة خدمة مصالح إسرائيل وإخراجها من حرجها السياسي والدولي.
إن الأحداث المريرة والمأساوية التي تمر بها الجبهة الداخلية الفلسطينية والمتمثلة في التناحر والتصادم الميداني بين كوادر حركتي فتح وحماس اللتين أضحى من دون وجودهما الثنائي المؤثر لا يمكن فهم مداخل ومخارج الساحة السياسية الفلسطينية، هذا التصادم وذاك التناحر إن صب في مصلحة أحد فإنه يصب في مصلحة المصالح السياسية والإستراتيجية لدولة إسرائيل.. فالإسرائيلون يحلمون باليوم الذي تعلن فيه أراضي السلطة الفلسطينية كأراضٍ منكوبة سياسياً، وهو الأمر الذي سيتخذ كذريعة لإطلاق يد الاحتلال في أراضي السلطة من أجل اهتضامها وإعادة رسم الخرائط والأوضاع الداخلية من جديد.
المتابع لتصادم الحركتين منذ بدايته يجد أن هذا الصراع والخلاف لا ينبع في أساسه أو ينطلق من القيادات الهرمية في الحركتين بالرغم من اختلاف الأيدولوجية السياسية لهما، بل إن مصدره الأساسي هو صغار الكوادر والمقاتلون المنخرطون تحت لواء (الزعرنة) السياسية والأمنية التي أضحت من أشد الأخطار المحدقة بالمشروع النضالي الفلسطيني ومكاسبه النضالية. وهذا ما تؤكده تصريحات القادة السياسية والعقلاء من الحركتين كلما نشب الخلاف المسلح بين مسلحيهما.
لقد أضحى الواقع الفلسطيني بحاجة ماسة إلى نوع من الضبط والرقابة الذاتية لكل من حماس وفتح وذلك على كوادرها وأسلحتها التي يستغلها البعض لخدمة أغراض الشخصنة السياسية وغايات زرع الفتن تحت حجج الأحقية في النضال والوصاية المطلقة على القضية الفسطينية التي أضحت مهدداتها الداخلية من رعاع ودهماء السلاح الفلسطيني أخطر بكثير من فتك فوهات السلاح الإسرائيلي.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244