انكفأت إيران على جوارها الإقليمي في إطار محاولاتها التخلص من سعي الولايات المتحدة الأمريكية لعزلها، وقد شكلت قمة الدول الخمس المطلة على بحر قزوين دعماً لجهود طهران لتجنب الملاحقات الأمريكية لها فيما يتصل بالموضوع النووي والوضع في العراق..
وكلٌ من الموضوعين يقع في صميم اهتمامات الجوار الخليجي المتطلع دوماً إلى أجواء آمنة بعد ثلاث حروب في غضون العقدين الأخيرين..
وبدا أن القمة الخماسية التي استضافتها طهران أمس تدعم قدرات المناورة السياسية لعدة أطراف بما في ذلك الضيف اللافت للأنظار في هذه القمة وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو (لافت) لأنه سبقت وصوله للعاصمة الإيرانية موجة من الصخب الإعلامي، حيث تلقى نصائح من مخابراته بعدم القيام بهذه الزيارة (لأن مؤامرة تدبر لاغتياله سيتم تنفيذها خلال وجوده هناك) وقد يكون من أطلق الإشاعة يرمي إلى إحراج إيران من جهة تصويرها على أنها غير آمنة لاستضافة شخصيات على هذا المستوى من الأهمية.
الفوائد المتحققة على هامش القمة كان لكل من إيران وروسيا نصيب منها، فإذا كانت واشنطن حاولت على الدوام عزل إيران عن محيطها الإقليمي والدولي فإن قمة قزوين تثبت المساحة الكبيرة المفتوحة أمامها، وبالنسبة لروسيا فإن القمة تبرز دوراً متنامياً لها في المنطقة ومدى تمتعها بالحضور فيما كان يعرف سابقاً بالاتحاد السوفيتي وفي منطقة ذات مميزات إستراتيجية عسكرياً واقتصادياً مثل منطقة بحر قزوين، وكل هذه مزايا تستند إليها موسكو في إداراتها لعلاقتها المتأزمة أحياناً مع العملاق الأمريكي الذي يجهد منذ بعض الوقت لإيجاد موطئ قدم على بحر قزوين الذي يحتضن 16 بالمائة من الاحتياطات النفطية العالمية فضلاً عن ثروات أخرى بينها بصفة خاصة (الكافيار)..
عربياً من المهم أن تكون لقمة بهذا المستوى إشارة ما إلى الوضع في العراق خصوصاً مع وجود دولتين في حجم إيران وروسيا فضلاً عن أن المشاركين الآخرين ليسوا ببعيدين جغرافياً عن العراق، وهناك الكثير المنتظر من إيران بشأن العراق، ولعل الأهم أن تكف عن تدخلاتها التي تحفز حلفاءها داخل العراق على التشدد اعتماداً على خطوط الإمداد الإيرانية المفتوحة والقريبة جغرافياً..
عربياً أيضاً يهم كثيراً أن يكون الوجود الروسي في طهران عاملاً مساعداً لتنبيه إيران لمخاطر السباق النووي في المنطقة فضلاً عن تبصيرها بضرورة مراعاة مقتضيات هذه الصناعة خصوصاً في ظل التوترات القائمة، مع أهمية تبني سياسات في المنطقة تستهدف ترسيخ أعلى مستوى من التفاهمات التي من شأنها تجنب التوتر وتداعياته.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244