إن النفط اليوم هو المصدر الأول للطاقة الكهربائية، وهو الحل الأمثل والآمن في ظل وجود مصادر أخرى كطاقة الرياح والطاقة النووية وغيرهما. وحيث إن المباني سواء من منازل أو مكاتب تستهلك ما يقارب من 50% من إنتاج الطاقة الكهربائية عالمياً، حيث يبقى النصف الآخر للصناعة والزراعة، وفي ظل التوسع العمراني الهائل الذي تشهده الكرة الأرضية، إذ إن عدد المنازل حسب تقدير العلماء التي يحتاج الإنسان إلى بنائها في خمسين سنة مقبلة هو نفس عدد المنازل التي بناها الإنسان منذ القدم، وبلا شك فإن هذا يقود إلى توسع الطلب على الطاقة الكهربائية، وفي ظل تكاثر الغازات السامة التي تخرج من مولدات الطاقة الكهربائية ليلاً ونهاراً، والتي تعتبر من المسببات لظاهرة الاحتباس الحراري، فضلاً عن مشكلة ارتفاع أسعار النفط بالنسبة للدول المستوردة له وما تفرضه هذه الدول من ضرائب على المستهلكين في بلدانها، فإن هذا وذاك يتطلب حلولاً اقتصادية في استهلاك النفط، من خلال ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، ولهذا فإن أنظمة البيوت الذكية تعتبر أحد الحلول لهذه المشكلة. ويبقى السؤال عن البيوت الذكية، وماذا يقصد بها، وهل هي زيادة في ترف الحياة المدنية فقط، وهل وجدت الناس بيوتاً (غير ذكية) في ظل ارتفاع الأسعار حتى نبحث عن بيوت ذكية. وهل البيوت الذكية تختص بالأجهزة الموجود فيها، أم بالخدمات التي تصل إليها، أو بالأنظمة الموجود فيها، أم بكل ذلك؟ وما أبرز التقنيات التي سيزيد الطلب عليها نتيجة للطلب المتزايد على مفهوم البيوت الذكية التي تشكل المدن الذكية للمجتمع الذكي. وهل تتطلب نوعاً من الثقافة لمثل هذا النمط من الحياة ؟ قد يتبادر في الذهن لأول وهلة بأن مفهوم البيوت الذكية يقتصر على زيادة الرفاهية من خلال نمط الحياة داخل هذه البيوت، من خلال تشغيل الإضاءة والتكييف آلياً في أي غرفة بمجرد دخولك إليها، وكذلك إغلاقهما بعد خروجك من الغرفة بخمس أو ثلاث دقائق حسب ما تبرمج النظام، أو من خلال التحكم بشدة الإضاءة الطبيعية أو الكهربائية داخل المنزل بأكمله وبرمجته بأنماط مختلفة، فالصباح له نمط غير وقت الغروب، وكذلك نمط ثالث عند مشاهدة التلفاز ونمط رابع عند وجود ضيف وخامس وهكذا، ويمكن برمجته بتوقيت معين ويمكن تفعيل النمط بضغط زر من لوحة التحكم الرئيسة، ويضاف إلى الإضاءة والتكييف، تشغيل أصوات معينة على سماعات البيت المنتشرة أو الاكتفاء بتشغيل الصوت في غرفة معينة. ويعتقد الكثيرون أن البيوت الذكية ستكون ما هي إلا للمحافظة على ممتلكات المنازل من السرقات، ومراقبة ما يجري داخل البيت أو ما حول البيت ومشاهدة ذلك من خلال الكاميرات المنتشرة داخل البيت ومشاهدتها من أي مكان، عبر جهاز الهاتف المحمول مثلاً، كما أن وجود الحساسات المنتشرة حول المنزل والتي تقوم بإضاءة المنزل بشكل فجائي في حالة وجود حركة قريبة جداً من المنزل ليلاً، أو في حالة خروج أهل المنزل في عطلة نهاية الأسبوع، والتي بدورها توهم السارق مثلاً بوجود حركة داخل المنزل.
م. يوسف الحضيف