Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/12/2007 G Issue 12876
مقـالات
الأحد 21 ذو الحجة 1428   العدد  12876
امسكوا باب الكلية!
د. عبدالعزيز أبانمي

مخرجات السلك التعليمي والتدريبي تمثل ولا شك أحد عناصر المنظومة التعليمية والتدريبية والركن الأساس الذي تتمحور حوله الجهود التي تبذلها بقية العناصر المُشكِلّة لكلا المنظومتين مثل هذه الحقيقة تستدعي أن تتوجه وتنصب مجهودات الطاقم البشري المُكّون للمتبقي من العناصر

التنظيمية لأي من المنظومتين صوب خدمة المُخرجات المتمثلة بالطلاب والمتدربين بشكل إيجابي وهو ما يعني أيضاً توظيف المصادر غير البشرية (المادية والمعنوية) من أجل مساندة المخرجات عبر تحديد احتياجاتها وتذليل أية صعوبات تواجهها وتقديم التعليم والتدريب الأكثر فعالية والأرقى مستوى لهذه المخرجات وأن يكون ذلك هو الهدف الأسمى والأهم لكل من يشارك في تقديم ومساندة الخدمات والتعليمية والتدريبية.

وعلى رأس قائمة العناصر البشرية التي تلعب دوراً أساسياً في تحديد المسار التعليمي والتدريبي وتشكيل هويته والتأثير على مدى فعاليته والسير به في اتجاهه المناسب الذي يضمن تخريج عناصر متعلمة ومتدربة مؤهلة هو من يقوم بإدارة الأقسام التعليمية والتدريبية في مختلف المنشآت التعليمية والتدريبية ممن يضطلعون بمهمتين رئيسيتين أولهما ضمان تنفيذ الخطوات الإجرائية العملية التي تخدم الأهداف الأساسية العامة لكل منشأة تعليمية وتدريبية تنضوي تحتها هذه الكليات أو الأقسام أو المراكز؛ وهي المنشآت التي تتنوع وتتمايز أهدافها العامة بحسب المجال والتخصص. وثانيهما هو إدارة الكلية أو القسم أو المركز (أياً كان المسمى) بشكل تربوي احترافي آني لضمان سير العملية والتدريبية بشكل مقبول بحسب ما يتوافر من مصادر بشرية وغير بشرية بهدف خدمة المخرجات وتقديم التعليم والتدريب التخصصي لهم.

ولأهمية منصب من يدير الكليات أو الأقسام أو المراكز فإنه من المُتوقع الاستعانة بعناصر تربوية خبيرة تتميز أولاً بشهاداتها التعليمية العالية فكلما كانت الشهادة الدراسية والمؤهلات التعليمية أعلى كلما كان ذلك داعماً أكثر لمثل هذه المنشأة. غير أنه ينبغي التدقيق في السير الذاتية لمثل هؤلاء المدراء حتى وإن كانوا من الحاصلين عليها في منشآت تربوية تعليمية عالمية راقية فماذا عسانا أن نتوقع من شخص عجز عن إكمال متطلبات درجة علمية معينة كالماجستير أو الدكتوراه وتبذير ما صرفته الدولة عليه أثناء ابتعاثه غير أن يكون لمثل هذا العجز تأثيراً سلبياً على طريقته في الإدارة و.هل نتوقع من شخص عجز عن أن يعرف أين هي مصلحته في أن يبحث عن مصلحة غيره؟ ثم إن وجود لجنة مؤهلة مكونة من عناصر ذات خبرة تعمل على تقييم المتقدم وتحدد مدى قدرة هذا المتقدم لمثل هذا المنصب تعد متطلباً لا غنى عنه. هذه النقطة تقود تحديداً إلى الآلية التي يتم من خلالها تحديد المرشح لمثل هذه المناصب الإدارية وهي التي للأسف تتم عشوائياً إذ كثيراً ما يقع الاختيار على من يميل لأن يكون شخصاً منقاداً للإدارة العليا وتنفيذ أوامرها والخضوع بشكل سلبي لما تُمليه عليه هذه الإدارة دون أن يكون له أي مشاركة في القرارات التي تخص الطلاب والمتدربين وما يمس احتياجاتهم.

ومن هنا فإنه ليس من المُستغرب أن يفتقد رؤساء بعض الأقسام خصوصاً في السلك التدريبي إلى الإبداع والمُبادرة في وضع الاقتراحات والعمل بحسب ما هو متوافر من طاقات بشرية ومعنوية ومادية، بل إنه يصل الحال في العديد من الحالات إلى أن يبلغ العجز بمثل هؤلاء المفلسين إدارياً مبلغا يجعلهم يُسلِّمون الخيط والمخيط لضعاف النفوس ممن يستغلون الوضع لتحقيق مآربهم الشخصية وإشباع رغباتهم النفسية المريضة. ومن هنا فإنه ليس سراً أن تتصف الأقسام أو المراكز التعليمية أو التدريبية التي تُديرها هذه النوعية من الأشخاص بكثرة المشاكل والمشاحنات التي تؤثر بكل سلبية على الطلاب والمتدربين ذلك أن بيئة العمل غير المستقرة تتسبب في عدم استقرار العملية التعليمية والتدريبية.

وربما ينتج عن ضعف الإدارة أيضاً ظهور أنواع مختلفة من الفساد الإداري والمالي والهدر الاستنزافي للمصادر المتوافرة لمثل هذا الإدارة التي قامت الحكومة بتأمينها على الدوام. فكثرة التفريغات الإدارية والمحاباة في اختيار من يتم تفريغهم بشكل كامل أو جزئي والاستعانة بعناصر خارجية من غير المنظومة للقيام بالتدريس والتدريب ودفع مبالغ طائلة لهم مقابل ذلك رغم أن من تم تفريغهم كان الأولى توجيه جهودهم نحو التدريس والتدريب هو نوع من أنواع الفساد الذي ينبغي تعقبه ومحاسبة من يقف خلفه. .هذه الممارسات التفضيلية وتفريغ أكبر عدد ممكن من المقربين تنعكس سلباً على قاعات التدريس والتدريب التي تكتظ بأعداد كبير من الطلاب والمتدربين بما يحرمهم من فرصة الحصول على المستوى المطلوب من التعليم والتدريب الذي يتطلعون إليه.

إن كثيرا من هؤلاء المدراء أو الرؤساء لا يخجلون في المُجاهرة بأنهم لا يفقهون في النظام غير أنهم لا يتورعون عن توظيف مقدرات الدولة من مكاتب وأجهزة واستغلال وقت العمل الثمين في خدمة أغراضهم الشخصية كتداول الأسهم وتصفح الشبكة العنكبوتية خلال وقت الدوام عوضاً عن محاولة توظيف الخبرات المختلفة التي تزخر بها الأقسام أو المراكز التي يعملون بها والاستفادة منها وتفعيل مواهبها. ولا عجب في أن مثل هؤلاء الإداريين يخشون الموهبة والإبداع ففاقد الشيء لا يعطيه. كما أن شعور من بيده السلطة بالأمان من المحاسبة يشجعه على ارتكاب التجاوزات والإمعان في الإساءات ويجعله لا يتردد في أن يرد على من يطرق بابه بهدف مناصحته قائلاً (امسكوا الباب)!



abanom@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد