إقرار الكنيست الإسرائيلي للميزانية الجديدة التي بلغ نصيب المؤسسة العسكرية منها 12 مليار دولار بينها 2.4 مليار دولار جاءت كمساعدة سنوية من الولايات المتحدة الأمريكية, تؤكد من جديد على استراتيجيات إسرائيل العسكرية التي لا تكل ولا تمل، بعد أن أطلق لها الحبل على الغارب من احتلال الأراضي والاستيطان بها وعسكرة القضايا التي تجمعها مع جيرانها العرب, حتى أصبحت السياسة الخارجية للدولة الخاضعة لنزعات العسكر مجرد أداة يستخدمها المسيسون الأيدولوجيون من أجل تنفيذ أجنداتهم العسكرية والاستعمارية.
تكمن إشكالية الإسرائيليين وهي في الأساس إشكالية نفسية وتاريخية في هوسهم بتخطيطات الحرب واقتناعهم بالعدو القادم إليهم في أي وقت ومع أي ظرف كان، ولعل إرهاصات التاريخ الخاص ببني إسرائيل وذكريات الشتات والسبي العالقة في أذهان الشخص الإسرائيلي، وصانع القرار منه بالذات، هي من يقف خلف الكثير من التصرفات الحكومية والقناعات الفردية؛ فالاستعداد الدائم للحرب وشحن الهمم لها وتعبئة المجتمع بشكل دائم لذلك وإطلاق يد المتطرفين التوراتيين في مسارات المجتمع ونسقه الفكري, لعبت دوراً مهماً في وضع العراقيل أمام السلام في شخصية وعقل الفرد الإسرائيلي.
ميزانية إسرائيل للعام القادم 2008م وهي بكل اقتدار ميزانية حرب واستيطان عدا كونها عنصرية من الدرجة الأولى تتعزز تطبيق كل القناعات المترسخة في الذهن الإسرائيلي التي تترجم على أرض الواقع من خلال التملص من التزامات السلام والإصرار على فرض الأمر الواقع بالاستناد على القوة العسكرية الضاربة التي أصبحت من أهم عوامل عدم الاستقرار في المنطقة ومن أشد عراقيل مسيرة السلام في الشرق الأوسط.
ما يفهم من الميزانية الجديدة لدولة ديمقراطية العسكر أن قادم الأيام سوف يتمخض عن مغامرات وتحرشات احتلالية جديدة تدعمها آليات الصرف السخية المستندة على مثل هذه الميزانيات العسكرية الضخمة التي يكرسها الاحتلال لاستيطان أراضي الغير والبطش بأبناء الشعب الفلسطيني الأعزل وشن الحروب الإقليمية التي وإن كانت في غالبها تأتي تحت ذرائع البحث عن الأمن للشعب الإسرائيلي إلا أنها في الأساس لا تعدو كونها ترجمة فعلية للقناعات والمسلمات الأيدولوجية الخاصة بالنخبة العسكرية الحاكمة في إسرائيل، والتي تتوالى في القفز على كراسي صنع القرار السياسي بعد أن تتشبع بعقليات الحرب والقتال والاحتلال والتطرف القام من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية العتيدة في هذا الشأن.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244
