بيروت - منير الحافي - الوكالات
يشعر اللبنانيون بكثير من الحذر، إن لم نقل التخوف من المرحلة التي تلي القمة العربية، ويبدو ذلك واضحاً في تصريحات مسؤولين في بلدهم، من المعارضة والموالاة على حد سواء.. وهؤلاء المسؤولون، لا يأتون بتخوفهم على الأوضاع الأمنية والاقتصادية في لبنان من فراغ، بل من قراءة للقمة العربية وما رافقها من مقاطعة عربية واسعة على صعيد الزعماء، خصوصاً للمملكة العربية السعودية ومصر، فضلاً عن عدم مشاركة لبنان كلياً.
ويعتبر المسؤولون في لبنان، أن الخلاف العربي، خصوصاً السعودية ومعها محور عربي واسع، مع سوريا، لا بد أن يرخي بثقله الشديد على الأوضاع اللبنانية.. وفي المقابل، فإن أي تفاهم أو تواصل سعودي - سوري سيؤدي بالوضع اللبناني، إلى نقطة مريحة تنسحب على الوضع العربي برمته.
التشاؤم في كلام المسؤولين، بدا واضحاً على لسان النائب والوزير السابق سليمان فرنجية، المقرب من دمشق، حين توقع (حصول بعض الأحداث الأمنية المتفرقة في لبنان) مستبعداً في الوقت نفسه وقوع (حرب أهلية).. وقال فرنجية: (إن هناك كثيرين لهم مصلحة بأن يكون هذا البلد غير آمن).. الموالاة، من جهتها، تعتبر أن الذي عنده مصلحة في تخريب الأوضاع في لبنان هو سوريا.. وقال رئيس اللقاء الديموقراطي النيابي وليد جنبلاط إن الكلام كثير عن أن (الانتقام السوري من لبنان سوف يكون قاسياً بعد انتهاء القمة، بسبب تجرؤ لبنان على مقاطعتها).. لكنه تساءل: (متى توقّف الانتقام السوري من لبنان وهو الذي ينتقم من اللبنانيين منذ منتصف السبعينيات؟).. الخروقات الأمنية، إذاً، يتفق فيها طرفا الموالاة والمعارضة، لكنهما يختلفان على (الفاعل).
وبنظرة مستقلة، ولكن مع نَفَس محب للبنان، ينضم سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان عبد العزيز خوجة، إلى المتخوفين على لبنان إذا لم يتفق الفرقاء فيه.. ورداً على سؤال وُجه لخوجة إثر خروجه من لقاء رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة قال: من الطبيعي أنه إذا لم يتم تنفيذ المبادرة العربية أن يبقى الانقسام مستمراً، وأي انقسام في أي بلد في هذه الصورة، هو غير صحي وغير مستحسن وفيه خطورة أكيدة، فيه خطورة أمنية واقتصادية ومن كل النواحي.. لكن خوجة سارع إلى الأمل بأن يتم تنفيذ المبادرة العربية في أقرب وقت ممكن، أن يعود الأمين العام، وأن يجتمع مع الفرقاء ويكونوا أكثر واقعية ويلتفتوا إلى مصلحة بلدهم.. خوجة جدد التأكيد على أن (لا خوف على لبنان، فهو دائماً في خير، ونحن على ثقة كبيرة جداً برجال لبنان والسياسيين فيه بأنهم سيجلسون مع بعضهم البعض).. معرباً عن ثقته بأن (لبنان سيجتاز هذه المحنة في وقت قريب للغاية، وأنا دائماً متفائل بالشعب اللبناني وبقياداته بأن يجتمعوا سوياً مرة أخرى).
ورداً على سؤال عن أمل في حل الأزمة اللبنانية بعد القمة التي عُقدت في دمشق، أجاب:(طبعاً، بعد تطبيق المبادرة العربية والجميع متفقون على تنفيذها).. ويُسأل السفير خوجة عن مسعى ما، لتحسين العلاقة بين المملكة وسوريا؟ فيقول إن كلام وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل (واضح جداً بأن تكون علاقتنا مع جميع الدول العربية على أحسن حال).
في أي حال، تتفاءل الأوساط السياسية من تحرك السفير السعودي الذي لا يستثني في تحركه الموالاة ولا المعارضة، خصوصاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، الموجود في هذه الأيام خارج لبنان.
ومع عودته، يتبلور تحرك ما، على خطين: إما لعودة طرح المبادرة العربية عبر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي قيل إن عودته لن تكون في المدى القريب.. وأما لتفعيل طاولة الحوار التي أعلن بري قبل القمة، أنها ستكون جاهزة لاستقبال الزعماء المتخاصمين، موالاة ومعارضة، لبحث أمرين: الحكومة المقبلة وقانون الانتخاب.. وهذان الموضوعان هما البندان، المختلف عليهما في المبادرة العربية، بعد أن اتفق الفريقان على البند الأول وهو (انتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان).
في لبنان، هناك دائماً حالة انتظار.. ننتظر موسى، وعودة بري.. وننتظر تجليات القمة.. وننتظر تقلبات في الأمن والاقتصاد.. حتى نشرة الأحوال الجوية، ننتظرها، سبب كثرة تقلبات الطقس عندنا هذه الأيام.ننتظر، وننتظر.. لكن ما يشوب كل هذه الانتظارات، هو القلق.. وفي الأحداث الساخنة من داخل لبنان أكد قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان في حديث صحافي نُشر الخميس أنه سئم من (التجاذب المستمر حول اسمه كمرشح لرئاسة الجمهورية)، وأن التوافق عليه يزداد صعوبة، معلناً أنه قرر الانسحاب من قيادة الجيش بحلول 21 آب - أغسطس.