من الواضح أن هناك إصراراً غريباً من بعض الأطراف على عدم حل الأزمة اللبنانية وإبقاء الوضع السياسي محتقناً وفتح الأبواب لكل الاحتمالات الخطيرة وعلى رأسها اندلاع حرب أهلية تعيد مشاهد الحرب الأهلية السابقة بكل تفاصيلها المرة، فلماذا هذا الإصرار على تأجيج الوضع اللبناني؟ ولمصلحة من؟ قطعاً ليست لمصلحة اللبنانيين التواقين إلى الأمن.
المستفيد من بقاء هذه الأزمة هم أعداء لبنان، وخاصة أولئك الذين كانوا وراء اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وغيره ممن راح غدراً على يد المتآمرين على لبنان، فشغور كرسي الرئاسة منذ الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي، وتعطيل المؤسسات بما فيها البرلمان، وتردي الأوضاع ستعمل على ضياع الملفات، بحيث لا يصل أحد إلى الحقيقة، المتمثلة في كشف أصحاب المؤامرات التي تستهدف أمن لبنان وسيادته.
ويخشى أن تحمل الأيام القادمة ما هو أسوأ على الساحة اللبنانية ولا سيما وأن القمة العربية التي انعقدت في دمشق لم تقدم شيئاً للبنانيين، فالمبادرة العربية التي صيغت من أجل الخروج من الأزمة واجهت عقبات عدة من قبل المعارضة، وكون القمة أعربت عن التزامها بالمبادرة فإن ذلك لن يحدث اختراقاً في الوضع اللبناني؛ لأن الرغبة في الوصول إلى حل غير متوفرة لأسباب لا يمكن وصفها بأنها وطنية.
وحتى التحركات المحلية والإقليمية والدولية التي ينوي القيام بها رئيس مجلس النواب نبيه بري لحل الأزمة فلا يبدو أنه سينتج عنها شيء، للأسباب ذاتها المتمثلة بإصرار المعارضة على وضع العراقيل أمام أي حل ينقذ اللبنانيين من الوضع الشاذ الذي يعيشونه والذي يضعهم في وجه العاصفة.
والمملكة العربية السعودية طالبت مراراً وتكراراً بأن يفسح المجال لانتخاب رئيس للجمهورية متوافق عليه من أجل حلحلة الأزمة، ولكن الإخوة في سوريا وحلفاءهم في لبنان لديهم برامج أخرى لا تمت للمبادرة العربية بصلة، وإلا فإن المبادرة واضحة كما قال أمين الجامعة العربية عمرو موسى وليست بحاجة إلى تفسير وإعادة تفسير هدفها المماطلة والمراوغة فحسب.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244