بين التشاؤم والتفاؤل، كما بين الشيء وضده، والعقلانية في تناول الأمور والأناة في التصور، وعدم التسرع في الحكم على الأشياء، يقود إلى نتيجة أصلح لو اتفقنا -جدلاً- أنها صالحة في الأساس، مع أني لا أنظر إلى التشاؤم كنتيجة حكيمة، يمكن الوصول إليها.
من لا يرى من الألوان سوى الأسود، ولا من كرِّ الأيام سوى الليل، ولا في الثور الأبيض سوى شعرة سوداء وحيدة مختبئة بين كومة البياض، حتى الوابل الصيب متى همى على أوراق الشجر، خشي الصاعقة، فالمبشرات عنده لا تعدو كونها النوم في العسل.
والمصيبة عندما تجد من ظن في نفسه التدين، قد انطلق من فهم خاطئ للنصوص السامية، ليسقط إلى مستوى منخفض بواد غير ذي زرع، وليبدأ بجلد ذاته ومجتمعه بسوط التشاؤم المقيت.
أنا لا أدعو إلى التفاؤل السلبي، الذي يجذبك نحو الدعة والكسل والتقاعس عن العمل، ولكنني وفي الوقت عينه، أمقت التشاؤم الذي يقودك نحو الظلام، وقد تتطور الحال، ليرميك في حفرة سحيقة من الأخطاء الكارثية.
التفاؤل - عزيزي - أن يشرق في نفسك حب الحياة المتوازن، أن تترنم بغناء العصافير في الصباح الباكر وأنت تستيقظ على ذكر الله، لتبدأ باكورة يومك بالعمل والكدح تحقيقاً لمبدأ إعمار الأرض، التفاؤل أن ترى مجتمعك مشروعاً قابلاً للتحسن، عندما تبصر اجتماعاً منعقداً أو عملاً على الطريق.
يجب أن توقظ في نفسك بالتفاؤل الأمل، ودون ذلك ستبقى أنت كما أنت لا تبارح مكانك، في حين أن الجميع حولك ينطلقون إلى المستقبل الأبيض.