استوقفني حديث روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول: (ما رأيت رسول الله يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها) متفق عليه.
الله أكبر! فعائشة على عظم محبتها للنبي كرسول أولاً وكزوج ثانياً إلا أنها لم تدع صلاة الضحى بسبب كونها لم تر الرسول يصليها!
وعائشة في هذا تعطي درساً لكل المحبين الذين أخذوا عمن أحبوهم حلوهم ومرهم، خطأهم وصوابهم، إيجابياتهم وسلبياته. بالطبع لا أقصد أن الرسول كان على خطأ أو على سلبية ولكن الذي أعنيه أن عائشة لم تقلد الرسول في تركه للضحى -وهي سنة- بل صلتها؛ فالضحى من السنن المعلومة والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بها أصحابه، وأما لماذا تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله أعلم بذلك ربما لانشغاله بأمور أخرى أو ربما صلاها ولم تره ورآه غيرها من الصحابة.
المهم هنا موقف المتلقي الذي يزن الأمور ويضعها في موضعها الصحيح وكم نخسر كثيراً عندما يكون من بيننا من هو كالببغاء يردد ما رآه أو ما تعلمه أو ما سمعه أو تلقاه دون تمحيص أو تأمل أو معرفة بالواقع المتغير فيجر الويلات من حيث يشعر أو لا يشعر!
فكم من أب يكيل لأبنائه أنواع القسوة والشدة حتى إذا نصحه المربون قال: (لقد ضَرَبَنا آباؤنا من قبل وما ضرّنا؟!)
كم من زوجة إذا قرأ زوجها القرآن قرأت وإذا لم يقرأ لا تقرأ؟ وإذا صام صامت وإن لا فلا؟ وإن زار المكتبة زارت وإن لا فلا؟ وكم من زوجة جرت خلف زوجها في معصيته لله ولرسوله ولم تكن قبل ذلك تعصى الله؟ والعكس بالعكس.
وقل مثل ذلك في طالب العلم حينما يجعل شيخه قدوته ومثله الأعلى فتراه كالإسفنج يتشرب سلبيات شيخه مع إيجابياته من غير إدراك!
المقتدي الجيد هو الذي يعرف ما يقلده وما لا يقلده فمتى يكون الابن والتلميذ والزوج على قدر من الوعي يميز فيه حدود ما يتبع فيه أباه أو أستاذه أو مربيه أو زوجه؟!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب 7515 ثم أرسلها إلى الكود82244
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود
aboanus@hotmail.com