استكمالاً لما تم طرحه في الموضوعين السابقين بعنوان (المديرون مذاهب)، وما جاء فيهما من استعراض لأنواع المديرين، أمثال المدير المحبط الذي لا يثق بكفاءة مرؤوسيه، وأمثال المدير الثائر الذي لا يعلم موظفوه متى يثور ويهيج ويغضب وينفجر عليهم،
وأمثال المدير المراوغ الذي تكون أقواله أكثر من أعماله، وأمثال المدير الوصي الذي يعتبر نفسه في مقام الوالد بالنسبة إلى جميع الموظفين؛ حيث نصّب نفسه وصياً على هؤلاء الموظفين، وأنه يعرف مصلحة موظفيه أكثر من أنفسهم، وأمثال المدير المديح الذي يحتاج إلى المديح والإطراء على ما يقوم به من أعمال، ويطلب من جميع الموظفين صغيرهم وكبيرهم تقديم المدح والثناء المستمر لما يقوم به من أعمال, وأمثال المدير الموضوعي الذي يتصف بالمرونة والموضوعية ويؤمن بالديمقراطية في العمل الإداري، ويرغب في التجديد والتطوير المستمر في أساليب العمل... إلخ، فيما يلي نستعرض باقي أنواع هؤلاء المديرين، مع علمي بأن هناك أنواعاً أخرى لم يتم التطرق إليها، ولكن نختم بهذه الأنواع:
المدير العنيد:
هو مدير لا يرضى أن يغير رأيه أو فكره، ولا يحب أن تتم مناقشته أو تعديل رأيه؛ فهو لا يستمع إلى صوت غيره ولا يقبل إلا فكره ولا يعطي أي اعتبار لمشاعر مَن يتعامل معه؛ فهو صاحب الأمر والنهي والرأي الصائب؛ حيث يشعر دوماً بثقة زائدة في نفسه تجعله يرى أن الحوار والمناقشة معه لا يصلحان بحكم موقعه كمدير، وأن مركزه يأتي أولاً ولا بد من الخضوع لسلطته؛ لذا تجده غالباً يخطئ في تقدير الموقف، ويرفض التغيير حتى وإن كان لصالح العمل.
والتعامل مع هذا المدير يتم باختيار الوقت المناسب للمناقشة الفردية معه وليس العلنية أمام العاملين، وكذلك اختيار الطريقة المناسبة للنقاش مع قليل من المجاملة لعرض الرأي ووجهة النظر.
المدير التابع:
هو مدير لا رأي له؛ فهو دائماً يقلد ويتبع ما يعمله غيره ممن هم في مستواه الوظيفي، ويمكن وصفه - إن صح التعبير - بأنه مدير إمّعة؛ فهو لا يمتلك الشخصية القوية التي تؤهله للبت في موضوع ما أو اتخاذ قرار بشأن قضية معينة؛ فهو يتأثر في أعماله التي يقوم بها وقراراته التي يتخذها بشخصيات أخرى من داخل الإدارة أو من خارجها. وللتعامل مع هذا النوع من المديرين فلا بد من السير على خطاه فيما يقوم به؛ فالأمر والنهي ليس بيده بل بيد غيره.
المدير ذو الأذن الكبيرة:
هو مدير سهل التأثر بالكلام والقيل والقال مما يتردد على لسان العاملين عن بعضهم البعض؛ فهو يتأثر بكلام غيره وبأي شيء يُنقل إليه عن العاملين معه؛ لذا تجده لا يثق بأي أحد من العاملين في إدارته، ويتأثر بما يقال له أو يسمعه عنهم. ولكسب هذا النوع من المديرين فلا بد للعاملين معه من إظهار الجد والاجتهاد في إنجاز العمل الموكل إليهم، وإظهار أنهم أهل لهذه الثقة الممنوحة لهم من خلال عملهم.
خلاصة القول:
تعتبر الإدارة الحد الفاصل بين نجاح أو فشل المنظمة، وبين تحقيق الأهداف أو العجز عن تحقيقها، ويقترن لقب المدير بكل عمل ليضفي عليه سمة النجاح أو الفشل؛ فالمدير الناجح هو شخص يتسم بالحلم والصبر والمرونة والشفافية، ملم بتفاصيل عمله، ويضطلع بدور كبير في خلق روح التعاون بين الموظفين والعاملين بإدارته، ويجعلهم كالفريق الواحد؛ ليتولد لديهم الشعور بالانتماء لتحقيق الأهداف العامة، ومن ثَمّ ينعكس على تحقيقهم لأهدافهم الخاصة؛ لذا تجده يحمل لواء المبادرة؛ ليكون بذلك قدوة طيبة للعاملين معه، ومحفزاً لهم بلا ملل أو كلل، مدركاً أن الموظف هو حجر الزاوية والأداة الفعّالة التي تقود المنظمة للاضطلاع بمسؤولياتها وخدمة المجتمع، لديه نظرة ثاقبة لمعرفة قدرات موظفيه ومواهبهم، فيضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وبذلك يتم تطبيق الأجر المتكافئ بين العاملين، ويتحقق الرضا الوظيفي والأمن النفسي للعاملين.
وبعد عرض تسعة أنواع من المديرين فإنه يتبادر إلى الأذهان سؤال مفاده: إذا كنت مديراً فأي نوع من المديرين أنت؟ وإن كنت مرؤوساً فأي نوع من المديرين هو مديرك؟ في رأيي أنه سؤال يحتاج إلى إجابة جريئة!!!
e-mail: aammar@saudiedi.com