Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/06/2008 G Issue 13032
الثلاثاء 29 جمادى الأول 1429   العدد  13032
يحمل أبعاداً فلسفية
(رن) دفتر جمال الغيطاني الجديد

القاهرة - مكتب (الجزيرة) - عتمان أنور

عقدت بالقاهرة ندوة لمناقشة رواية الأديب جمال الغيطاني التي صدرت مؤخراً بعنوان (رن) وتعد الدفتر السادس ضمن دفاتر التدوين التي بدأها الغيطاني ب(خلسات الكرى) عام 1998، وتبعها ب(دنا فتدلى)، و(نثار المحو) و(نوافذ النوافذ) وغيرها. واعتبر الناقد الأدبي الدكتور محمد عبدالمطلب أن هذا الدفتر يقدم الأسئلة على عكس الدفاتر السابقة التي كان يقدم من خلالها الكاتب العديد من الأجوبة، وفي نظرة عامة على إبداع الغيطاني العام، قال عبدالمطلب إن الرؤية الغيطانية لها أبعاد فلسفية وصوفية وأن الزمن والمكان يلعبان دوراً مهماً في إعطاء جميع الدلالات للشخصيات والأحداث، ورغم أن (رن) من وجهة نظر عبدالمطلب تأتي بلا أحداث فإنها تضيف عمقاً روائياً للأجزاء السابقة.

وعن البعد الصوفي في الكتاب دارت ورقة الدكتور سعيد توفيق، أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة، مؤكداً سيطرة الصوفية على معظم أعمال الغيطاني، إلا أنها تأخذ في الدفتر الجديد طابعاً تجريدياً يأتي من خلال أمرين؛ الأول هو الأسلوب الفني الذي تتماهى فيه الحدود بين الواقعي والمتخيل، والثاني هو اللغة الخادعة التي تُلمِّح أكثر مما تصرّح، ولا تصل لهدفها بطريقة مباشرة، وأكد توفيق التشابه بين كتابات الغيطاني والكتابات الصوفية، من حيث الحديث عن خلوتهم وعزلتهم، وأضاف أن هناك حالة دائمة من الحنين الدائم للعزلة والانفراد مع الذات وكأن تأمل هذه الذات هو مدخل لتأمل العالم، أما الفكرة المهيمنة على الكتاب فهي فكرة الربط بين الذاكرة والاسم (ليس الوجود إلا ذاكرة وليست الذاكرة إلا أسماء).

أما الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة فقال إن الدفتر يتناول تجارب متعددة أغلبها مستعاد من الدفاتر السابقة مثل الرحيل والسفر والتعليم والاكتشاف والحب والتصوف والتجوال والعلاقة بالأدب وغيرها، ولهذا يمكن اعتبار (رن) عالماً موصولاً بما سبقه، إلا أنه في الوقت نفسه يتميز بعناصر أساسية منها: التركيز على المكان كمناطق جهينة وأخميم والأقصر وغيرها وربط هذا المكان بزمن لا يتوقف عند مستويات محددة، بل إنه ينتقل من مآل لمآل، كما يتميز الكتاب بالاعتماد على تقنية التطواف أو التجول، وكذلك تقنية القص التفريعي الذي يقوم على الحكاية الأم بجانب العديد من الحكايات الفرعية.

وتساءل الدكتور حسام عقل حول إمكانية تصنيف (رن) باعتبارها سيرة ذاتية أو رواية سيرة ذاتية أو أدب رحلة، وفي هذا الإطار اعتبر أن دفاتر الغيطاني تشبه كتاب (أصداء السيرة الذاتية) لنجيب محفوظ، من حيث عدم القدرة على إسنادها لأنواع السيرة الذاتية المعروفة كالسيرة الذاتية الواقعية أو الروحية أو الفكرية؛ لأن الدفتر يحفل بالإشارات التاريخية ويلجأ للتوثيق الصريح، كما أنه لا توجد مسافة فاصلة بين الراوي والبطل لاستخدام ضمير المتكلم، على الرغم من شعور المتلقي بالجانب الخيالي في الشخصيات والاعتماد على البعد العجائبي والفانتازي. وأضاف عقل أن الكاتب مشغول بمسألة التواصل مع الآخر، وتقليص المسافة التي تخلقت بينهما مع مرور الوقت، وقد كان له قدرة على نحت المكان بالشكل الذي يجعلنا نشعر بالعيش داخله، بل إنه قدم الصعيد على أنه مكان يلخص العالم أجمع، بالإضافة إلى قدرته على المزاوجة بين اللغتين الفصحى والدارجة، أي الجمع بين السلامة والدقة والحيوية والتدفق.

ومن ناحيته اعتبر الشاعر شعبان يوسف أن الغيطاني هو الكاتب الوحيد من جيل الستينيات الذي لم يلتزم بفكرة الحدوتة الكلية في الرواية، بل إنه يقدم ما يتجاوز هذه الحدوتة بخلاف جيل التسعينيات على سبيل المثال الذي يضم ياسر عبدالحافظ ومي التلمساني ومي خالد وعلاء الأسواني وغيرهم، والغيطاني رغم حكاياته الكثيرة إلا أن القارئ يشعر بأن هناك الكثير الذي لم يفصح عنه بعد. ورداً على سؤال وجهه الروائي يوسف القعيد الذي أدار الندوة، حول إمكانية تلقي القارئ لمثل هذا العمل المعقد، أجاب الغيطاني بأنه لو فكر في مقاييس القارئ ستنتفي لديه مغامرة الكتابة، مشيراً إلى رواية (الزيني بركات) التي شهدت نفس الجدل عند صدورها إلا أنها أصبحت الآن من كلاسيكيات الأدب.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد