|
عقد المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في الرياض لقاءه الأدبي الدوري لشهر ربيع الآخر، وكان ضيفه الشاعر الدكتور أحمد الخاني إذ تحدث عن تجربته الشعرية، وقد أدار اللقاء الدكتور عبدالقدوس أبو صالح رئيس الرابطة الذي قدم السيرة الذاتية والأدبية للضيف، وحضره حشد من الأدباء والمهتمين والمثقفين. |
نبض البدايات في تكوينه الشعري |
ذكر الشاعر الدكتور أحمد الخاني عدة مؤثرات في تكوينه الشعري منها الوراثة، والبيئة، والغربة والندوة الرفاعية. |
فقد ورث الشعر، من أجداده الشعراء عبدالمجيد الخاني ومحمد الخاني، ومن أخواله آل البارودي وبخاصة وجيه البارودي شاعر حماة وطبيبها، وعن البيئة فقد نالت مدينته حماة جائزة أجمل مدينة في سوريا بنهرها وأعيرها، وكان لحداء الخيل الذي كان يسمعه من أبيه أساسا لانطباعاته الايقاعية في قول الشاعر القوي الجزل. |
وبدأت غربة الشاعر أحمد الخاني بسفره إلى المملكة العربية السعودية، إذ يحن إلى أهله فيقول قصيدة منها: |
بكت الحمامة لوعة |
سحرا فسالت أدمعي |
ومن قصائده الاغترابية معارضته لمالك بن الريب في قصيدته: |
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة |
بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا |
|
ألا يا زمان الوصل بالله قل ليا |
فقد شفني وجدي وأنكرت حاليا |
أمالك يا ابن الريب قم أيقظ القنا |
ألا ابك صلاح الدين إن كنت باكيا |
وعارض عددا من شعراء المعلقات، عكس فيها قضية السلام المزعوم مع اليهود، وتوالت الأحداث الجسام على الشاعر، فسمع خبر مقتل أخيه - فرثاه بقصيدة منها: |
أخي ما أخي؟ نشر الجراح يطيب |
|
واكتوى بألم فراق أمه فرثاها بقصيدة يقول فيها: |
|
فهذي دموعي في النوى وأنيني |
وقد زادت هذه الأحداث من وطأة الغربة عليه ومعاناته فأغنت تجربته الشعرية بعواطف حارة صادقة فياضة. |
|
وقف الأديب الدكتور أحمد الخاني عند ديوانه الأول (لحن الجراح) الذي عده مرآة نفسه المتألمة، في غربته مع وفاة أبيه وأخيه وأمه، وحين انضم إلى ندوة الخميسية الرفاعية فوجد شعرا مختلفا، إذ سمع شعرا سامقا، في جو يمتاز بالشفافية والأصالة، فصمم ان يكون على مستوى منافسة هؤلاء العمالقة، فتطورت تجربته الشعرية من الناحية الفنية، فكانت قصيدته التي شهد لها الدكتور حسن ظاظا وهي معارضة لقصيدة البردوني (وردة من دم المتنبي) ومنها: |
يبصر الخلد في عماه المدمى |
وسواه بشمس تشرين أعمى |
يعربي من رأس حمدان دارا |
خاله النور، والندى صار عما |
مأرب حافل، وصنعاء عطشى |
جاءك العيد كيف تنوين صوما؟ |
إلى أن يقول على لسان المتنبي: |
من ندى السيف طلع القتل صبحا |
ودمائي ترشُ نجما فنجما |
اقطفوا الورد من دماء قتيل |
فالأكاليل من دمائي تدمى |
|
كتب الشاعر أحمد الخاني ملحمة بدر، وصمم أن ينجزها مهما اعترضته من صعوبات بعد أن سدّت عليه مسارب القول في منتصف الطريق، فذهب إلى أبها، وهناك تفتحت لديه أبواب الشعر على مصراعيها. فأكمل المسيرة الملحمية إلى أحد فالخندق، فمعركة مؤتة، فاليرموك، وفتح القدس، والقادسية، ثم الحروب الصليبية، وضياع القدس واسترجاعها، ودحر التتار في عين جالوت، ثم فتح القسطنطينية، والحربين العالميتين وموقع الأمة الإسلامية فيهما، ثم الانتفاضة، وأخيراً ملحمة الفلوجة التي صاغها بأسلوب الرباعيات، ومطلعها: |
يعشق المجد ومضة الأشواق |
للبطولات في مغاني الحداق |
|
عزف النور لحنه البكر فجرا |
فتهادى بمسمع الخلد نصرا |
وشدا السيف آي لحن نديّ |
خط بالحب في البطولات سطرا |
من نداه تبرع الصخر حبا |
ضمخ الكون في العوالم عطرا |
الرؤية الشعرية لدى الخاني |
تناول الشاعر أحمد الخاني رؤيته الشعرية بالحديث عما يسميه نظرية الأدب القائد، ومفادها - كما يقول - أن الآداب العالمية لا يوجد فيها أدب يقود النفس الانسانية إلى الخير والحب إلا الأدب الإسلامي، وطبقت هذه النظرية في دراسة على عدد من النصوص الشعرية لعدة شعراء، فأصدر كتاب: (مدرسة بدر الشعرية)، وبنت هذه المدرسة رؤيتها الفنية على ان يصوغ الشاعر أحاسيسه بصدق الانفعال والتعبير عن الحياة بشفافية بأسلوب مبدع بما لا يتناقض مع العقيدة الإسلامية، أما النظرية الغربية التي لا تنظر إلى المضمون مدعية الموضوعية، فإن مدرسة بدر تختلف معها تماماً. |
وتحدث الخاني عن موقفه الرافض لقصيدة التفعيلة، وعدم الاعتداد بها شعرا، والرسالة المفتوحة التي كتبها إلى الشاعرة العراقية الكبيرة نازك الملائكة في رؤيتها التجديدية في الشعر الحديث ورفضها التناظر في الشعر القديم، وتغير موقفها فيما بعد. |
|
وحظي اللقاء بصدى واسع لدى الحضور، وقد أجاب الشاعر الخاني عن الأسئلة التي وجهت له، فقال الأستاذ سعد العليان: هل هناك دعم مادي لكتابك (الصالونات الأدبية)؟، وسأل الشاعر شيخموس العلي عن أدب السلام في الشعر العربي فقال: أين السلام في معلقة عنترة بن شداد؟ أما الكاتب يس عبدالوهاب فأشار إلى أن الشاعر أحمد الخاني ركب مركبا صعبا بمعارضته للشعراء الجاهليين. وسأل الشاعر عماد قطري: عن أسباب عدم اعترافه بشعر التفعيلة وهو شعر أقرّه كثير من النقاد وفيه قصائد تفوق الشعر العمودي؟! وتحدث الدكتور عبدالقدوس أبو صالح فقال: إذا تحقق في الشعر الوزن فهو شعر، سواء أكان شعرا عموديا أم شعر تفعيلة، كما أشار إلى ظلم النقاد للشعراء الإسلاميين بشكل عام، وتمنى أن يكتب الشاعر أحمد الخاني تجربته الشعرية. |
وفي ختام الملتقى قرأ الشاعر محمد ياسر أمين الفتوى قصيدة بعنوان (لنا العلا..) وهي قصيدة جميلة، راقية في فنيتها ومضمونها المشرق في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه ضد ما يتعرض له من إساءات معاصرة. |
|