إن الحديث عن شخص عزيز تفتقده يحتاج منك إلى صفحات وأيام لكي تتناول محاسنه وأخلاقه، وهو الذكر الطيب عند البشر، فهم شهداؤه على الأرض. وهذا ما ينطبق فعلياً على الأخ العزيز الدكتور صالح المالك، رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته وألهم أهله وأبنائه وبناته الصبر والسلوان، وما عند الله باقٍ بإذنه سبحانه وتعالى.
معرفتي بالدكتور صالح تمتد لأكثر من عشر سنوات، كان لي الأخ والصديق والناصح الأمين، ولقد سافرت معه في رحلة عمل رسمية مع وفد يترأسه معالي الشيخ أحمد صلاح جمجوم -أمد الله في عمره- والأستاذ تيمور علي رضا أحد رجال الأعمال والدكتور عبدالعزيز الفائز سفيرنا في الكويت حالياً وغيرهم مما لا أذكرهم الآن،
لقد كانت وجهتنا لدولة اليابان الصديقة ومكثنا فيها حوالي الأسبوع، ويعلم الله أن صحبته في السفر كانت ممتعة جداً، بل إنه صحيح من قال إن السفر يعرّف الناس على بعضهم، وتتعرف من خلال السفر عليه وعلى معدن الإنسان الأصيل وديدنه في خدمة هذا الوطن المعطاء بالإضافة إلى التعامل الإنساني الحقيقي الذي لمسناه منه طوال الرحلة.
لقد كان -رحمه الله- شعلة من النشاط في التعريف بالمملكة العربية السعودية، مستفيداً من خبرته الواسعة في التعامل الدولي، ومستنفذاً لغته الإنجليزية القوية في تحليل الأحداث، ولقد كنت أنا شخصياً أسأله أيضاً في بعض من كلماته التي كان يستخدمها حتى قبل سفرنا وذلك في لقاء معه لتلفزيون السي إن إن الأمريكية.
لقد نال إعجاب السعوديين والعاملين في سفارة خادم الحرمين الشريفين بطوكيو وسفيرنا آنذاك الأستاذ فوزي بن عبدالمجيد شبكشي قبل أن يعجب اليابانيون به في طريقة تعامله وأدبه الجم في مناقشة وتناول القضايا التي تهم البلدين.
إن وفاة الدكتور صالح المالك -رحمه الله رحمة واسعة- خسارة ليس لأهله وإخوانه وأعمامه وأبنائه فقط بل خسارة لهذا الوطن وخسارة لكل من يعرفه وخسارة لكل محب له.
إنني أرفع أسمى آيات التعازي لأسرته الكريمة، فلقد لمست تأثرهم جميعاً أثناء تعزيتي لهم في منزله -رحمه الله- وخصوصاً الشيخ منصور المالك الذي لم يتمالك من ذرف دمعة وفاء وترحم ودعاء له -رحمه الله- فرحمة الله عليه، ونسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم سبحانه وتعالى في أن يوسع له في قبره وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يلهم أهله الصبر والسلوان.. آمين.
عميد كلية العلوم الإدارية والإنسانية بمحافظة المجمعة - جامعة الملك سعود