قديما حينما كان الحزن يجتاح الشاعر الشمالي وهو يتوغل شمالاً في الأرض ليصل إلى (اللبّه) كان الحنين يشده مثلما يشدّ (فاطره) -ناقته- وكان يخاطبها هكذا وهي تحن إلى مواردها الأولى: |
(يا فاطري يللي باللبّه تحنين |
خلي حنينك يم (خضراء) و (لينه) |
راعي الغنم يبكي على مقيظ ب (جصين) |
ميّه قراح وباردٍ للشنينه) |
واللبه هي التي قال فيها صديقي الراحل الشاعر مغنام العنزي أيام صباه وقد سمعت هذه القصيدة منه شخصياً حينما أصبح كهلاً قبل أن يتوفاه الله إذ يقول فيها: |
(يا ركبا زينة الزولي |
مدفوعةٍ لاهل اللبه |
سلّم على راعي (الشولي) |
من خوف قلبه يعذبّ به |
قل له ترى الزرع مأكولي |
جاه الجراد وتناكب به) |
واللبه في أقصى الشمال بينما (لينه) تكاد تقترب من الوسط هي وشقيقتها (خضراء) وهما-قديماً- موردان للمياه من موارد البادية في القيظ وتشتهرن بآبارهما العديدة والتي يحزنني اليوم أن أهلهما وقد أصبحت (لينا) قرية يكاد أهلها يقتلهما العطش نقله الماء فيها رغم تواجد هذه الآبار التاريخية فيها منذ الأزل حينما كان الماء في الصحراء يعني الديمومة والحياة فماذا حل بهذه الآبار؟! التي نأمل إنقاذها وإعادة الحياة إليها لئلا (يشحذ) أهلها الكرام الماء وهي من أهم موارد المياه كما أنها اليوم تعتبر معلماً تاريخياً لا بد من الحفاظ عليه. تماماً مثلما حل ببئر (هداج) الأشهر الذي يقع في تيماء والذي كاد أن يندثر لولا لفتة كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك الذي وجه بإصلاح البئر وتنظيفه وإعادة الحياة إليه من خلال الاهتمام به، من جديد وما دام الشيء بالشيء يذكر فإن آبار (رماح) التي تعتبر هي الأخرى من موارد العرب الهامة يكاد يقتلها عدم الصيانة و (التسرب) الذي يعتريها من (مصارف) المدينة للأسف الشديد (!!) وكذلك الأمر بالنسبة إلى باقي (الموارد) المتناثرة في (نجد) والتي كانت موارد ومعالم تاريخية هامة يتحدث عنها التاريخ والشعر ك(اللصافة) و (اللهابة) والنعيرية والقيصومة والعويقيلة و (ميقوع) وغيرها من الموارد. |
بقي أن أشير إلى بئر هام وغريب ألا وهو (الوجاج) الذي يقع بين قرية (البعيشة) ولينه والذي يجذب ما يلقى إليه في بدء النهار ويرفض ما يلقى إليه عصراً كما أنه ينفث هواء بارداً حيناً وهوءاً ساخناً حيناً آخر. |
لذا فإننا نتوجه بالنداء إلى وزارة الزراعة بأن تحمي هذه الآبار من الدمار وتهتم بها لأنها ليست موارد للماء فقط بل هي معالم تاريخية ترتبط بتراث الوطن. |
|