قراءة - فهد السبيعي
لم تعد الأعمال التي تحقق الرضا لدى هواة الفن كثيرة في هذه الحقبة العمرية من مراحل الطرب الأصيل.. فقليل من الأعمال نادراً ما تجد خلالها أغنية أو أغنيتين لهما محبون.. ونادراً ما يطرح عمل كامل ينال الرضا التام.. لذا فإن العمل بحجم الاجتهاد والحرص.. وهو الأمر الذي شهده العمل الجميل ل (بطل) الطرب الخليجي عبدالمجيد عبد الله الذي زفه إلى محبيه في الوطن العربي... إنه مجموعة من الأغاني التي (دفع) بها فناننا عجلة الأغنية السعودية إلى مراكز أخرى متقدمة وهي رصيد جديد يعيد عبد المجيد إلى دائرة الضوء الشديدة.
وبهذا العمل الجميل الذي يعكس مدى الاهتمام الجلي الذي وجده من قبل الفنان طوال فترة الإعداد ما جعله موفقاً إلى حد كبير في بعض الأعمال.
ولأن عبد المجيد عبد الله صاحب إحساس يجبرك على الإنصات الدائم له, فقد كان العمل مميزاً بحجم إحساسه ورهافته المتجددة دوماً والتي ظلت محافظة على الأصالة في عدة أغانٍ احتواها الإصدار الأخير.
(ألف مرة)
كلمات: تركي
ألحان: طارق محمد
في هذه الأغنية الجميلة والرائعة والمفعمة بالجاذبية والتي انطلقت رحلتها من عبق إحساس الشاعر المميز دوماً في نظمه وأريحته ووصوله إلى الأذن المتذوقة للإبداع (تركي) الذي يُعد من الشعراء القلائل الذين يبحثون عن المتابعة بل والمتابعة الدقيقة لمسيرة كلمات قصيده حتى تصل إلى الجمهور.. امتداداً إلى الموسيقار (الأصيل) طارق محمد الذي لا أستطيع كبح الإعجاب في توجهه اللحني المميز، فكان كعادته لا يقبل الا بالجودة والتجديد في أعماله وتعاوناته.
(لا خلص كل الكلام اللي ما نخجل نقوله
مابقى الا اللي ما بين السطور.. ما بين السطور)
بداية (اعتبارية) لكورال للفنان الذي حرص أن تكون البداية به حتى ينطلق الإحساس بمصداقيته حتى النهاية في جملة لا تقبل إلا التركيز على عامل مهم في رفاهية العشاق في الدخول إلى عالم الخفايا لما تكنه الصدور من محبه وعشق (لها) ورسالة طويلة قد تكون مجرد (خاطرة) سريعة وضعت على ورقة كتب فيها أن هناك (عشقاً) صادقاً موجوداً في القلب لا تعكسه الأفعال.. لتكون الحقيقة التي يجد أنها لا تقبل التشيكك.
(ألف مرة قلت لك
بعيوني لا من قلت ابسري عنك امنعني
ترى ودي أقضي العمر يا عمري معاك..
ألف مرة قلت لك
لا قلت مقدر!! قصدي مقدر أحيا (يا جاهل) بلاك)
هذه الكلمات القصيرة في عددها الكبيرة في معناها هي الأنشودة التي كانت خاتمة القصة التي سبقتها من تباعد تعتصره ويلات الاشتياق.. فكانت كل الحكايات الطبيعية تشير إلى النهاية الافتراضية لذلك - نهاية - إلا أن الحقيقة في وجود الصدق الحتمي بينه وبين (!!) كانت المفاجأة (الجميلة) لهما.. فكانت كلمة (جاهل) العتب الكبير لعدم معرفة الصدق والحقيقه للمكنون.
(ألف مرة خنتني
ودعتني.. خاب ظن الشوق بك صابه قهر
الف مرة ارجع الدرب اللي جيته
والمسافة ضعف بين الخطوة والخطوة سفر..)
البحث في الماضي ما هو إلا مكاشفة لكل مراحل القصة التي بدأت (منه) وانتهت (إليه) فكان (هو) رغم المسافات الطويلة لا يزال يحمل في خفاياه الصدق الذي ما زال يجهله.
ويتواصل العطاء الصادق من (تركي) جميل بصفاء (عبد المجيد) الذي تفنن بحنجرته وتقلب بين طبقات الروعة والموهبة المتجددة لهذا العملاق الكبير فكانت الأغنية شهادة أخرى على الجمالية والأصالة إذا وجدت في أحدهم لا يمكن أن تخذله في يوم من الأيام.
وتنتهي الرحلة بتساؤل (يجب) أن يجد الإجابة حتى لا يتواصل (الجهل) فالحقيقة (لديه) اتضحت والعتب انكشف والمستقبل يجب أن يتغير.
(لى متى والوقت ضايع بين أمس وبين باكر
لى متى واحنا مثل ما احنا من أول يوم (فاكر)
كم هو جميل هذا المقطع.. عبارات أشبه بالخاطرة التي وضعت بشعر متمكن وملحن مقتدر وفنان رائع.